“تراثي حرفتي”.. أول مبادرة نسائية لتعليم فتيات القرى إعادة تدوير مخلفات النخيل
هناك منتجات تدخل فيها يد الإنسان لتخرج لك منتجًا جديدًا له أهميته وقيمته في الحياة، وهناك منتجات أخرى مستخرجة من الطبيعة ومما تخرجه الأرض -بإذن ربها – لنا، لا يتدخل فيها أي عنصر بشري، وإنما تحتاج إلى التفكير في كيفية الإفادة منها في صنع ما يحتاجه المجتمع.
مبادرة “تراثي حرفتي” هي ورشة تدريبية صغيرة لتعليم شابات قرية “بدخلو” بالوادي الجديد على أيدي سيدات وجدات القرية المحترفات في حياكة الخوص، كأول مبادرة تهدف إلى إحياء الموروث الشعبي للأجيال القادمة ومنعها من الاندثار.
أطلقت راندا سيف أول مبادرة نسائية لتعليم الفتيات حياكة أوراق الجريد، وأطلقت عليها اسم “تراثي حرفتي”.
تعيش “راندا سيف” في القاهرة ولكن أصولها من قرية “بدخلو” في الوادي الجديد، وهي حاصلة على بكالوريوس تجارة، وأمٌ لطفلين. ولكونها عاشقة للطبيعة والتراث، وبحكم سفرها الكثير للوادي الجديد؛ أنشأت هناك المشروع البيئي “ركن الطبيعة” لإعادة تدوير مخلفات النخيل.
ويهدف مشروع ركن الطبيعة إلى الحفاظ على التراث، ومساعدة السيدات اقتصاديًا من خلال توفير العمل لهن بالمنزل، وتُصنع من خلاله منتجات جديدة عن طريق إعادة تدوير مخلفات النخيل، مثل الحقائب، والمنتجات الخاصة بالموضة، والإكسسوارات المنزلية، وقطع الديكور المصنعة من الخوص، والمستوحاة كلها من التراث.
إلي جانب ذلك، فهي أيضًا تصنع الليف الطبيعي وقهوة نواة التمر وعسل التمر، وصابون التمر الطبيعي الغنى بالفيتامينات المعالج لمشاكل البشرة، والتي تم اختبارها ومطابقتها للمواصفات الأوروبية من قبل مصلحة الكيمياء.
بعد أن نجحت في توفير عمل للسيدات في المنزل من حياكة الخوص، جاءت مبادرة “تراثي حرفتي”، والتي كانت هي أول المتدربات بها؛ لاعتزازها بهويتها وشغفها في تعلم تراث القرية.
بدأت راندا في صناعة “صابونة التمر”، وهو صابون يعتمد في صناعته بشكل مباشر على التمر وزيت جوز الهند وزيت الزيتون وعسل التمر ونواة التمر، وقامت باختباره على بشرتها في البداية، وفوجئت باختفاء جميع عيوب البشرة.
قالت راندا: “اتجهتُ إلى تعلم حرفة صناعة الصابون عن طريق الاطلاع بشكل مستمر على طرق إنتاج الصابون من خلال اليوتيوب، وأخذ كورسات أون لاين من خارج مصر، إلى أن وصلتُ إلى الاحتراف في إنتاج صابونة التمر، ثم توجهتُ إلى مصلحة الكيمياء لإجراء اختبارات استخدامها، وجاءت النتيجة أنها مطابقة للمعايير الأوروبية”.
كانت “صابونة التمر” هي نقطة الانطلاق التي فتحت لها مجالات مختلفة في الصناعات الطبيعية، ففكرت راندا في إعادة تدوير مخلفات النخيل، وتعلّمت صناعة القهوة من نواة التمر “القهوة العربي”، وتعلّمت صناعة “دبس الرمان”.
كما تعلّمت الحياكة على أوراق الجريد، وأخذته حرفةً ثابتةً ومصدرَ دخل لها، وعلّمت أهل قريتها كيفية الحياكة على الجريد مع إضفاء اللمسات الحديثة ليتماشى مع الذوق الحالي.
ويعتبر عدم توفر مصادر التمويل من أهم المعوقات التي تواجهها “راندا”؛ فكل الأفكار قائمة بالمجهود الذاتي.
تأمل “راندا” في تطوير ورشتها؛ لتعليم أكبر عدد من الفتيات العاشقات للفن والتراث، والقضاء على البطالة، وإثبات أن الفتيات قادرات على إثبات أنفسهن في شتى المجالات؛ وتُسوِّق راندا منتجاتها على حسابها في “الفيسبوك”.