منوعات

هل ستنتهي صورتها المألوفة إلى الأبد، أم ستعود إليها بعد حين؟ ما شكل مستقبل المدن بعد كوفيد-19؟

منذ تفشي كوفيد-19 والناس لا يكفون عن طرح توقعاتهم، ولا سيما توقع مستقبل المدن، إذ صارت بؤرة للعدوى يفر منها الناس، وصارت نسبة كبيرة من عمّالها – تبلغ نحو الثلث – تعمل عن بعد.

ورأينا البنوك والشركات التقنية تتوقع استمرار العمل والاجتماع من المنازل، ورأينا آلافًا من المراكز التجارية تغلق أبوابها، في حين ارتفعت مبيعات التجارة الإلكترونية بنسبة 44.5%؛ فهل ستنتهي صورتها المألوفة إلى الأبد، أم ستعود إليها بعد حين؟

المرجَّح أن التغير الذي سيستمر هو: توقف الذهاب اليومي إلى العمل، ولا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وفق رأي جانا ريميس – الشريكة في معهد ماكنزي العالمي – حيث يصل متوسط زمن التنقلات بين الأعمال والمنازل إلى 26 دقيقة؛ وهذا بدوره سيؤثر على مقرات العمل ومحيطها، من مقرات للعمل الفردي المركَّز إلى الجماعي الابتكاري.

والأرجح أيضًا أن تجارة التجزئة تغيرت للأبد، ففي أمريكا وحدها أُغلِق 25% من المراكز التجارية، في حين بذل عمالقة التجارة الإلكترونية جهودًا كبيرة لمواكبة زيادة الطلبات عبر الإنترنت، مثل وول مارت التي زادت طلباتها بنسبة 74%، وأمازون التي احتاجت إلى توظيف 100,000 شهريًّا في الربيع الأخير.

وعن هذا قال الاقتصادي العالمي الدكتور ريتشارد بَارخام “مع أن الإنترنت اخترق تجارة التجزئة في كل مكان، فإن أروع تطور لها شهدناه في المدن الكبرى؛ ولِتَزدهر سيكون عليها التوقف عن التنافس في السعر، وبدء التنافس في نوعية التجربة”، أي الجمْع بين التسوق والترفيه والثقافة والفن.

وترى ديانا لِندا، مؤلفة كتاب “بريڤ نيو هوم” أن واجهات المتاجر الفارغة في مراكز المدن قد تصبح حاضنات لرواد أعمال ما بعد الجائحة، فتعكس رأي عالمة الدراسات الحضرية جين جيكوبز إذ قالت “إنّ الأفكار الجديدة يَلزمها بنايات قديمة”.

وقالت آن هيدالجو (عمدة مدينة باريس) – في معرض حديثها عن تصورها لمدن المستقبل عمومًا، وخططها لأولمبياد صيف 2024 خصوصًا – إن التركيز سيكون محليًّا، إلى حد أن قطْع باريس من مشرقها إلى مغربها لن يستغرق أكثر من “15 دقيقة مشيًا أو على الدراجة”، ومع أن تصميمًا كهذا بعيد المنال من مدن أخرى عديدة، فإنه – على رأي ديانا – يحفز تفكيرنا في كيف نريد العيش.

ويشدد فيمال كابور – المدير التنفيذي لشركة هانِيوِل بِلدنج تكنولوجيز – على التوازن، إذ يرى أن التطرف شرّ في كل شيء، وأن نبذ كل العمل المكتبي غلط؛ ونوه إلى مفارقة احتياج النزعة المحلية إلى التقنيات الجديدة، كاحتياج تصميم “مدينة الدقائق الخمس عشرة” إلى اللوجستيات السريعة وتقنيات العمل عن بعد، ولذا يرى أن “تقنيات فترة الجائحة ستستمر وتصير هي المألوف”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى