جديد العلوم

مريم تسيجاي.. وجائزة عالمية في تبسيط فيزياء الكم

مرة أخرى تثبت المسابقات المتميزة الموجهة للصغار في المجالات الجادة والمبدعة أنها قادرة على إخراج مواهبهم الكامنة، وتحفيزهم على تنميتها. ومن بين تلك المسابقات المهمة، مسابقة التواصل العلمي للصغار التي أعلنت نتائجها أوائل ديسمبر 2020 الجاري.

ففي التاسع من ديسمبر 2020، أعلنت المواقع الإخبارية العلمية عن فوز الطالبة الكندية مريم تسيجاي Maryam Tsegaye من فورت ماكوراي بولاية ألبرتا الكندية وهي طالبة بمدرسة مكتافيش العامة تبلغ من العمر 17 عاما بجائزة “تحدي صغار الاختراق Breakthrough Junior Challenge” السنوية السادسة، عبر إنتاج فيديو على قناة اليوتيوب لشرح المفهوم المعقد للنفق الكمي بطريقة مبسطة لأقرانها، مشبهة فيها سلوك الإلكترونيات بسلوك غش شقيقها في ألعاب الفيديو.

ويشير النفق الكمي إلى ظاهرة ميكانيكا الكم حيث يمكن للإلكترونات أن تصنع لنفسها نفقا عبر حواجز لا يمكنها نظريا عبورها من منظور الفيزياء الكلاسيكية.

بالنسبة لعقل مريم، فإن استخدام شقيقها لرمز خادع في لعبة فيديو – لتمكين شخصيته من المرور عبر الجدران داخل اللعبة – هو في الأساس نفس النوع من الأشياء. لذا فإنها تبدأ شرحها المضحك والمفيد، والذي تستخدم فيه الرسوم المتحركة والتعديلات السريعة والذكية لتحليل وتصور هذا الموضوع الذي غالبا ما يكون صعبا.

مقدمة في الفيديو ثلاث دقائق من التواصل العلمي المبهج، تجعل المشاهد يرغب في مشاهدتها أكثر من مرة، مما أهلها للحصول على الجائزة الأولى – التي حكمها سلمان خان، مؤسس أكاديمية خان ، ورائد الفضاء السابق في ناسا سكوت كيلي، من بين خبراء آخرين، حيث تحصل مريم على منحة جامعية بقيمة 250 ألف دولار أمريكي. بالإضافة إلى حصول معلمة العلوم على 50 ألف دولار أمريكي، بينما تحصل مدرستها على مختبر علوم جديد بقيمة 100،000100 ألف دولار أمريكي.

يذكر أن مسابقة The Breakthrough Junior Challenge التي تأسست عام 2015 هي مسابقة عالمية لإنتاج فيديو علمي يهدف إلى تطوير وإثبات معرفة الشباب بالعلوم والمبادئ العلمية؛ وتوليد الإثارة في هذه المجالات؛ ودعم الخيارات المهنية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)؛ وإشراك خيال واهتمام الجمهور في المفاهيم الأساسية للعلوم الأساسية.

وتتراوح أعمار الصغار المستهدفين ما بين 13 و18 عام من مختلف أنحاء العالم، ويطلب من هؤلاء الطلاب إنشاء وإرسال مقاطع فيديو أصلية (3:00 دقيقة كحد أقصى) لإضفاء الحيوية على مفهوم أو نظرية في علوم الحياة أو الفيزياء أو الرياضيات. ويتم الحكم على الطلبات المقدمة بناء على قدرة الطالب على توصيل الأفكار العلمية المعقدة من خلال الانخراط والإضاءة والطرق التخيلية.

وقد شهدت مسابقة هذا العام مشاركة أكثر من 5600 من 124 دولة، وتم تقليص هذا العدد الكبير إلى 30 من المتأهلين لنصف النهائي في سبتمبر، وصلت مقاطع الفيديو الخاصة بهم إلى أكثر من مليوني شخص.

وفي النهاية، فازت مريم لطريقتها السهلة على ما يبدو في توصيل الموضوعات الصعبة بطريقة ممتعة وسهلة.

يقول كيلي أحد محكمي المسابقة إن “فيديو مريم هو مثال رئيسي على كيفية تبسيط فكرة معقدة بذكاء، حيث قدمت مريم شرحًا رائعا للنفق الكمي”.

من جانبها، تقول مريم، التي تنسب الهدوء غير العادي لظروف الدراسة في المنزل لهذا العام لمنحها الوقت الكافي لدخول المسابقة، إنها فخورة بالفوز، ولم تتوقع ذلك أبدا، بعد أن دخلت فقط من أجل التحدي والمرح فيه.

الجميل في هذه المسابقة أنها لا تكافئ صغار الطلاب فقط على عملهم المتميز، بل إنها تكرم المعلم والمدرسة التي أخرجت هذا الطالب المتميز، وهو ما من شأنه أن يساهم مع الوقت في صناعة بيئة محفزة لتفوق وتميز الصغار، سواء أكانت هذه البيئة متمثلة في المدرسة ومختبراتها بشكل عام، أو في معلمي التخصصات العلمية المختلفة، وهو ما من شأنه أن يخلق بيئة تنافسية حميدة بين المدارس والمعلمين في هذه المجالات، بما يدفع العلوم والتكنولوجيا قدما، وهو أمر جدير بالنظر والتأمل من صناع مثل تلك المسابقات في بلادنا.

 بقلم/ د. مجدي سعيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى