محمود عبد الحفيظ.. السعي لتوصيل الكهرباء دون أي فقد
الباحث المصري الدكتور”محمود عبد الحفيظ” دارس نهم بقوانين الطاقة والقوة والسرعة والزمن وغيرها من القوانين التي لخصها اليونانيون في كلمة واحدة هي “الفيزياء”.
يعمل عبد الحفيظ أستاذًا مشاركًا بقسم الفيزياء في جامعة “أوبسالا” السويدية.. وباحثًا في قسم الفيزياء بجامعة “هارفارد” الأمريكية.. كما يشغل منصب الرئيس التنفيذي لـ”الأكاديمية العربية الألمانية الشبابية للعلوم والإنسانيات”, التي تتخذ من برلين مقرًّا لها، وتربط الباحثين العرب بألمانيا، وساعدت كثيرًا من شباب الباحثين المصريين والعرب في الحصول على فرص للتعاون العلمي في مختلِف المجالات مع ألمانيا، وحصل على درجة الماجستير في فيزياء الجوامد من جامعة الفيوم عام 2006، ثم دكتوراة العلوم الطبيعية من جامعة “دريسدن” الألمانية عام 2012، وسبق لعبد الحفيظ العمل في جامعتي “دريسدن” و”فرانكفورت” الألمانيتين، وجامعتي “لييج” البلجيكية، و”بكين” الصينية. ونشر 85 دراسة منها 6 دراسات في دوريات نيتشر.
الاهتمام بالطبيعة والكون
اهتم “عبد الحفيظ” بالعلوم بصورة عامة منذ صغره، وكان شغوفًا بمعرفة ما يخص الطبيعة والكون، وساعده شقيقه الأكبر على ذلك.
كان شقيقه يعمل بتدريس مادة للرياضيات، وجعله يحب العلوم، كان يتابع المجلات العلمية مثل مجلة “الكويكبات” في فترة مبكرة من الحياة، وعندما التحق بكلية العلوم في جامعة الفيوم، تخصص في قسم الرياضيات والفيزياء، ثم تخصص في دراسة الفيزياء في السنة الدراسية الثالثة، ومن هنا تزايد حبه للفيزياء، وتولَّد لديَّه شغف كبير لدراسة كل ما يخص الطبيعة الكونية، آمن بأن الفيزياء تربط العلوم المختلفة بعضها ببعض، وراح يهتم بدراسة الحرارة والكهرباء والمغناطيسية، وتزايد عشقه لعلم الفيزياء مع توالي متابعته للدراسات والأبحاث التي تُنشر بصورة متواصلة.
الاهتمام بدراسة الخصائص الفيزيائية
والده كان من حفظة كتاب الله, توفي في عام 2002، ينتمي إلى أسرة متوسطة تعيش في قرية “سدس الأمراء” بمحافظة بني سويف بصعيد مصر، كان والده محبًّا للتعليم ومهتمًّا بأن يصل أولاده إلى أعلى مراحل العملية التعليمية، وهذه الأجواء جعلت محمود ينشأ في بيئة منزلية صحية من الناحية النفسية.
كما يهتم الباحث المصري بدراسة الخصائص الفيزيائية للمواد بصورة عامة، لكن محور اهتمامه الرئيسي يتمثل في البحث عن مادة يمكنها توصيل الكهرباء دون أي فقد للطاقة، أو ما يُعرف بـ”المادة فائقة التوصيل”.
يقول الباحث محمود عبد الحفيظ لموقع لـ “العلم“: “المواد المستخدمة حاليًّا في نقل الطاقة (مثل شاحن الهاتف المحمول واللابتوب) تعتمد على مركبات النحاس، وهي موصلة جيدة ولكنها ليست موصلة فائقة؛ إذ تقوم هذه المواد بتوصيل الكهرباء، لكنها تسخن بعد فترة، وهذه السخونة عبارة عن فقد للطاقة، ويكلفنا ذلك كثيرًا، وبالتالي فإن التوصل إلى مادة يمكنها توصيل الكهرباء دون أي فقد للطاقة –أو ما نطلق عليه “فائقية التوصيل”- هو بمنزلة ثورة علمية”.
يضيف: “هذه المادة موجودة بالفعل؛ إذ توصلنا إليها من خلال أبحاث أجريناها على مدى السنوات القليلة الماضية، لكن للأسف، وجدنا أنها موجودة فقط عند درجات الحرارة المنخفضة، بمعنى أنه يجب وضع المادة في سائل من النيتروجين أو الهيليوم من أجل تبريد هذه المادة بحيث تكون درجة حرارتها منخفضةً جدًّا، والهدف الذي أسعى إليه هو الحصول على مادة تكون فائقة التوصيل عند درجة حرارة الغرفة، وأعتقد أن يتم ذلك خلال السنوات الخمس القادمة، وسيؤدي التوصل إلى هذه المادة إلى ثورة صناعية وتكنولوجية في مجال الطاقة؛ إذ يمكنها توصيل الكهرباء إلى محطات الطاقة الشمسية ومحطات طاقة الرياح في الصحراء دون فقد للطاقة، ما يوفر علينا قدرًا كبيرًا جدًّا من الكهرباء المهدَرة”.
لم يمنع البُعد المكاني “عبد الحفيظ” عن مساعدة الطلاب العرب والمصريين للحصول على منح علمية، سواء لدراسة الماجستير أو الدكتوراة أو ما بعد الدكتوراة، خلال رئاسته التنفيذية لـ”الأكاديمية العربية الألمانية الشبابية للعلوم والإنسانيات”، التي توفر للطلاب العرب والمصريين فرصًا كثيرة للسفر إلى ألمانيا والعمل على مشروعاتهم البحثية في مرحلة الماجستير أو الدكتوراة، وخلال السنوات الأربع الماضية، ساعدت الأكاديمية حوالي 40 طالبًا في السفر إلى ألمانيا بالفعل، فضلًا عن عقد مؤتمرات وورش عمل لتوعية الشباب بأهمية التعليم والبحث العلمي والتعاون العلمي بين مجموعات علمية مصرية وأخرى خارجية، سواء في أوروبا أو أمريكا؛ لمد قنوات تواصل وجسر تعاوني بين الباحثين العرب والباحثين الغربيين.
مبادرة لدعم طلبة العلم
وفي هذا الإطار أطلق عبد الحفيظ صفحة Educational Clinic على الإنترنت لمساعدة الطلاب على طرح أسئلتهم والإجابة عنها، ويتابعها الآن أكثر من 150 ألف متابع، ويتابعها 5 باحثين موجودين على مستوى العالم بهدف رفع مستوى الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي من جانب الشباب العرب والمصريين، وفي كل مرة يزور فيها مصر، يحرص على زيارة المدارس وإقامة ندوات لتوعية طلاب المدارس الإعدادية والثانوية للتوعية بأهمية العلوم ومجالاتها المختلفة، باعتبارها رسالة أو ما يمكن أن نطلق عليه “زكاة العلم.