كانت توضع مع المتوفى في نعشه!.. صناعة “الطرابيش”.. المهنة المُنقرضة
الطربوش هو غطاء للرأس كالقبعة، أحمر اللون أو من مشتقات اللون الأحمر، بين الأحمر الفاتح والأحمر الغامق، أو أبيض اللون، وهو على شكل مخروط ناقص تتدلى من جانبه الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء. شاع استعماله في بداية القرن العشرين في بلاد الشام ومصر والمغرب.
أصل كلمة “طربوش: فارسي، وهو “سربوش”، أي غطاء الرأس، ثُم حُرفت إلى “شربوش”. ورد في “النجوم الزاهرة”:
“فركب وعليه خلعة أطلس، بطرز زركش أو شربوش مكلل مزين”
وقد وردت الكلمة أيضًا في شعر ابن النبيه، فقال:
ترى قُندس الشربوشِ فوقَ جبينِهِ
كأهدابِ أحداقٍ بُهِتنَ من البدرِ
ثم عُربت الكلمة الفارسية ثانية وصارت “طربوش”.
وأثناء فترة حكم محمد علي باشا لمصر وكان استخدام الطربوش كغطاء للرأس فى الأصل عادة بيزنطية، ثم انتقلت إلى الدولة العثمانية ،ومن ثم انتقلت إلى الولايات التابعة للدولة العثمانية ومنها مصر وسوريا ولبنان.
ويقال أنه لما سقطت الخلافة العثمانية علي أيدى مصطفي كمال أتاتورك عام 1924م تم إلغاء استخدام الطربوش كغطاء للرأس في تركيا التى ابتكرته بينما ظل مستخدما فى مصر التى نقلته عنها وقد تحول الطربوش في عهد عباس باشا الأول إلي زى رسمي يحرص الباشوات والأفنديات على حد سواء علي ارتدائه وكان الطربوش ونظافته والاهتمام به وبزره الأسود دليلا علي الأناقة والذوق الرفيع لمن يرتديه.
وتاريخياً فقد أنشأ محمد علي أثناء حكمه لمصر مصنع للطرابيش بمدينه فوه التابعة لمحافظة كفر الشيخ حالياً وكان ذلك في يوم 26 شوال عام 1240 هجرية الموافق يوم 12 يونيو عام 1825م حينما صدر الأمر من محمد على باشا إلي ناظر فوه أحمد أغا بإعلامه بما استقر عليه الرأي من تأسيس معمل الطرابيش في حديقة الأمير محمود بالجانب الغربي.
إلغاء الطرابيش
ومع قيام ثورة يوليو عام 1952، ألغيت الطرابيش وبارت تجارتها تدريجيا بعدما كانت جزء أساسى من زى الرجال، وملازمة لصاحبها في المقابلات الرسمية والمناسبات المهمة وفي الأعياد والمواساة في أثناء تقديم واجب العزاء، وأصبح وجودها الآن قائم فى بعض المناطق السياحية كنوع من التحف والأنتيكات.
كانت صناعة “الطرابيش” من المهن المحترمة خلال العهد الملكي في مصر، وكان أصحاب هذه المهنة من أعيان البلد. وقد كان الطربوش جزء أساسي من زي الرجل المصري. ومن العادات الغريبة في ذلك الزمان أن الشخص إذا مات يحمل في نعش على الأكتاف إلى مثواه الأخير، ويوضع علي خشبة مرتفعة نسبيا عن جسم النعش الطربوش الذي كان يرتديه!
ويوجد أقدم محل لصناعة الطرابيش بالغورية بمنطقة الحسين وهو محل الحاج “أحمد محمد الطرابيشى” أقدم محل لصناعة الطرابيش فى قاهرة المعز، نجد أولاد الحاج الطرابيشى يعملون ومازالوا يمتهنون نفس المهنة التى كانت لجدودهم وآبائهم رغم وفاة صاحب المحل “الحاج الطرابيشى” لتنفيذ وصية والدهم الذي أوصاهم بعدم إغلاق المحل لعدم انقراض المهنة.
الشكل والتصميم
ويختلف شكل وتصميم وحجم الطربوش من بلد الي آخر ففي المغرب يكون قصيراً نوعاً ما، وفي بلاد الشام -سوريا ولبنان وفلسطين والأردن- كان طويلاً بشكل واضح وأشد إحمراراً من تركيا ومصر، التي كان يتميز الطربوش فيها بحجم معقول وشرابه طولها مناسب لهذا الحجم، الجدير بالذكر ان مقاسات “قالب” الطربوش تتراوح من مقاس 25 الي 75 سنتيمتراً علي حسب مقاس حجم الراس.
وللطربوش أيضاً طريقه مخصوصة في التنظيف يقوم بها شخص مخصوص اسمه كوي، يكون دوره تنظيف الطربوش وكيه، أما إذا قدم الطربوش، وغالباً ما يظهر ذلك من انثناء أو تأكل اطرافه من أسفل يتم قص الجزء التالف بحيث لا يقل عن 2 سنتيمتر، وتلف خيوط الجوخ على القاعدة القش أو الخوص بشكل محكم، وتسمي هذه الإضافة باسم “السركي”.