د. هانى سليمان يكتب: تفكير الحد الأدنى
اتخاذ القرار أو المخاطرة ليس بالأمر السهل علينا جميعًا، فنحن قد نحاول أن نتخذ قرارًا خطيرًا أو مصيريًا في موضوع ما لأسابيع وحتى لشهور، ومع هذا نظل غير قادرين على الوصول إلى نتيجة أو اتخاذ أي قرار أو إجراء، هذا غالبًا لأننا نخشى العواقب عندما نقفز إلى المجهول، لكن في ظروف معينة، قد يتعين علينا إجراء تغييرات في عملنا وبيوتنا وأنماط حياتنا سواء أحببنا ذلك أم لا.
يمكن أن توفر طريقة تفكير الحد الأدنى (Bottom-Line Thinking) الطمأنينة التي نحتاجها للمضي قدمًا، فطريقة التفكير هذه إحدى طرق التفكير التي يمكنني استخدامها عندما يكون عليَّ أن أتخذ قرارا مهما جدا وربما يكون مصيريا في موضوع ما.
الطريقة تعتمد على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الموضوع، ثم إجراء تقييم واقعي لأسوأ سيناريو ممكن (Worst Possible Scenario) أو أسوأ احتمال يمكن أن يحدث نتيجة لاتخاذ قرار يتعلق بهذا الموضوع، فإذا وجدت أنني على استعداد لتقبل هذا السيناريو أو الاحتمال الأسوأ والتعايش أو التأقلم معه، إذن فلأتخذ القرار، وإن لم أجد نفسي قادرا على هذا، لا يجب إذن أن أتخذ هذا القرار.
لنفترض مثلاً أنني موظف في شركة ما، وأفكر جديا في ترك الوظيفة لأبدأ مشروعا خاصا بي، فأبدأ في دراسة الموضوع من كل جوانبه.
– أولا يجب أن أدرس نقاط قوتي ونقاط ضعفي فيما يتعلق بقدراتي ومهاراتي وخبرتي فيما يتعلق بهذا المشروع، ويجب أيضا أن أدرس الفرص المتاحة أمامي والتهديدات المتوقعة في المجال الجديد الذي سأدخل فيه، وهذا هو ما يسمى:
Strengths, Weaknesses, Opportunities and Threats Analysis (SWOT Analysis)
– ثانيا يجب أن أدرس جميع الظروف العامة والمحيطة بمشروعي، من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وتكنولوجية وبيئية وقانونية، وهذا هو ما يسمى PESTEL Analysis.
– ثالثا يجب أن أفكر في وأدرس أسوا احتمال يمكن أن يحدث إذا قمت بهذا المشروع فعلا، وإذا حدث هذا الاحتمال، هل أنا على استعداد لتقبله والتعايش معه وتعويضه أم لا.
وبعد هذا يجب أن أسأل نفسي هذه الأسئلة:
– ما هو أسوأ احتمال يمكن أن يحدث إذا بدأت فعلا هذا المشروع بعد أن أترك وظيفتي؟
– هل هو مثلا أن أفشل في المشروع تماما، وأخسر مالي المستثمر في المشروع، ومال شركائي أيضا إن كان لي شركاء، بعد أن أكون قد تركت وظيفتي المضمونة في الشركة السابقة، فأصبح بلا مال ولا وظيفة ولا مشروع؟
– طيب… هل أنا مستعد لخسارة مالي الذي وضعته في المشروع؟
– هل أنا على استعداد لتحمل هذا؟
– هل أنا على استعداد للعيش بدون وظيفة وبدون دخل مادي لفترة زمنية قد تطول أو تقصر؟
– هل أنا على استعداد للبحث من جديد على وظيفة في شركة ما؟
– هل أنا على استعداد لتقبل وظيفة جديدة ،قد تكون أقل من وظيفتي السابقة وأقل من مهاراتي وخبراتي، على المستوى الوظيفي والمهني والمادي، لمجرد الحصول على مرتب أو دخل من جديد؟
– هل أنا مستعد لتقبل الفشل في حد ذاته؟ وأن أكون مستعدا لمقاومة الإحباط والاكتئاب الناشئين نتيجة لهذا الفشل؟ – الخ الخ….
فإذا وجدت نفسي قادرا على تحمل والتعايش مع كل هذه الاحتمالات بطريقة أو بأخرى، إذن فلأبدأ المشروع على بركة الله، وإن لم أكن مستعدا لمواجهة هذه الاحتمالات، فمن الأفضل ألا أخوض هذه التجربة، وأن أبقى في وظيفتي معززا مكرما، حتى إن كانت هذه الوظيفة لا تحقق لي طموحاتي المستقبلية.
وقد أجد نفسي غير قادر “حاليا” على تحمل هذه النتائج، ولكن ربما بعد فترة زمنية أخرى، قد تتاح لي مصادر موثوق فيها أكثر لإنجاح مشروعي، إذن فلأؤجل هذا المشروع حتى تتاح لي هذه المصادر.
يمكن استخدام طريقة التفكير هذه في كل الحالات التي تتطلب مني اتخاذ قرار حاسم، مثل الحصول على وظيفة جديدة في شركة جديدة، الالتحاق بكلية ما لدراسة تخصص معين، الدراسة في الخارج، العمل في الخارج، الهجرة، الزواج، الطلاق…الخ الخ.
جربوا هذه الطريقة…. فهي فعلا طريقة مفيدة جدا وناجحة للغاية.