جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.. العثور على مُركب قادر على تثبيط إنبات بذور “الستريجا” لمنع وصول الآفات الزراعية إليها
تشير التقديرات إلى أن الخسائر الناجمة لمحاصيل الحبوب في أفريقيا جنوب الصحراء جراء عُشبة “ستريجا”, وهي عشبة طفيلية أرجوانية اللون تعرف علمياً باسم ستريجا هيرمونثيكا (Striga hermonthica)، تتجاوز 7 مليارات دولار؛ مما يهدد سبل العيش والإمدادات الغذائية لنحو 300 مليون نسمة. ولذلك؛ يسعى باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى إنقاذ المحاصيل الأساسية من هذه الآفة بالاستعانة بعلم الوراثة الجزيئية وبدعم من منحة قدمتها مؤسسة “بيل وميليندا جيتس”.
يقود البروفسور سليم الببيلي، أستاذ علم النبات في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في “جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية”، جهود مكافحة هذه العشبة الطفيلية؛ إذ تركز أبحاثه، التي يجريها بالاشتراك مع خبراء في البيولوجيا البنيوية والكيمياء وعلم الأحياء الحاسوبي وعلم الزراعة والأعشاب الضارة وعلم الوراثة من الجامعة ودول عدة، تشمل اليابان، وهولندا، وبوركينا فاسو، والنيجر، على عرقلة مسارات انتاش أو إنبات هذه الأعشاب الغازية.
جدير بالذكر، أن إنباتاً واحداً لعشبة “ستريجا” يخلّف ما يصل إلى 200 ألف بذرة قد تبقى هاجعة في التربة حتى 15 عاماً. وتفرز محاصيل الحبوب المضيفة كالدخن اللؤلؤي هرمونات نباتية في التربة تدعى الستريغولاكتونات (strigolactones). تتحسس عشبة ستريغا هذا الهرمون الذي يحفزها بعد ذلك على الإنبات. ويسعى الببيلي وفريقه إلى منع تفشي هذه العشبة باتباع استراتيجية متعددة الجوانب تنطوي على منع بذورها من الإنبات وزيادة المقاومة الوراثية للمحاصيل الأساسية لها. ورأت مؤسسة “بيل وميليندا جيتس” مؤشرات واعدة في المشروع، فبادرت فوراً إلى تقديم 1.5 مليون دولار لأبحاث “جامعة الملكعبد الله للعلوم والتقنية”.
الإنبات الانتحاري
وحقق الباحثون بعض الإنجازات المهمة حتى الآن، فقد طوروا ستريغولاكتونات تركيبية يمكن رشها على الحقول الموبوءة ببذور ستريغا لتحفيزها على الإنبات قبل الأوان لتموت بعد ذلك. ونجحت هذه الطريقة في تجربة حقلية في بوركينا فاسو في تخفيض نمو الستريغا بنسبة تصل إلى 65 في المائة. ويعمل الباحثون بالفعل على زيادة معدل نجاح هذا “الإنبات الانتحاري”.
إضافة إلى ذلك، فقد عثر الببيلي وزملاؤه على مركب قادر على تثبيط إنبات بذور الستريجا؛ إذ يرتبط بإحكام بمستقبلات الإنبات في البذور مما يمنع وصول الستريغولاكتينات إليها ويثبط إنباتها. والعمل جارٍ في ضوء هذه النتائج لوضع استراتيجية تدعم إنتاج مبيدات حشائش خاصة باليستريغا، كما لجأ الفريق إلى تطوير محاصيل دخن لؤلؤي مقاومة وراثياً.
تعزز الاستراتيجيات التي لجأ إليها الببيلي وفريقه في حال نجاحها مقاومة الدخن اللؤلؤي لتفشي الستريغا إلى حد كبير؛ مما يسهم كثيراً في تعزيز الأمن الغذائي ودخل صغار المزارعين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.