تتويج العلامة حسن الشافعي بجائز الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 2022
توج أمس الأربعاء, فضيلة الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عضو مجلس حكماء المسلمين، رئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، رئيس مجمع اللغة العربية السابق، بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 2022، وذلك بالاشتراك مع على حسن مويني الرئيس الأسبق لجمهورية تنزانيا الاتحادية.
وقد منح العلامة حسن الشافعي بالجائزة لمبررات منها: باعه الطويل في خدمة العلوم الإسلامية, تدريساً, وتأليفاً, وتحقيقاً, وترجمة, إسهامه في إنشاء الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد, ووضع مناهج كلياتها وتولي رئاستها, جهوده الكبيرة في إنشاء سلسلة من المعاهد التي تعنى بالدراسة الأزهرية , خدمته اللغة العربية, خلال رئاسته لمجمع اللغة العربية بالقاهرة
من جانبه قال الأزهر في بيان اليوم، إن هذه المرة تعد هي المرة الأولى التي يحصل فيها الدكتور حسن الشافعي على جائزة الملك فيصل العالمية على المستوى الشخصي، حيث تسلم جائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية وآدابها خلال ترؤسه مجمع اللغة العربية عام 2013؛ من الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، وجاءت الجائزة وقتها تقديرا لجهود المجمع على مدى أكثر من 80 عاما في خدمة اللغة العربية، وما أصدره من معاجم ساهمت في خدمة لغة القرآن.
هو حسن محمود عبد اللطيف الشافعي ولد بقرية بني ماضي التابعة لمدينة ببا من محافظة بني سويف بالصعيد الأدنى لمصر، في التاسع عشر من ديسمبر عام 1930م، حيث أتم حفظ القرآن الكريم وتلقى دروسه الأولية، وفي عام 1944م ألحقه والده – وكان من علماء الأزهر – بمعهد القاهرة الديني في الأزهر الشريف، فنال منه الشهادة الابتدائية بتفوق عام 1948م، وكذا الثانوية عام 1953م، ثم التحق بكلية أصول الدين بالأزهر – وفي الوقت نفسه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وحصل على الليسانس والشهادة العالية منهما بمرتبة الشرف، فاختير معيدًا فيهما، وتسلم عمله معيدًا بكلية دار العلوم في قسم الفلسفة الإسلامية عام 1963م، وعمل تحت إشراف أستاذه رئيس القسم وعميد الكلية الدكتور محمود قاسم لنيل درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية فحصل عليها عام 1969م عن “سيف الدين الآمدي المتكلم الأشعري المتوفى سنة 631هـ” وهي أول دراسة كلامية عنه، نشر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، الجزءَ النَّصيَّ منها عام 1971م بعنوان غاية المرام في علم الكلام، بتزكية من الأستاذين الجليلين الدكتور شوقي ضيف، رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة القاهرة حينئذ، والأستاذ محمد أبي الفضل إبراهيم المحقق الشهير، ثم نُشرت الدراسة بعد ذلك بنحو ثلاثين عامًا بعنوان (الآمدي وآراؤه الكلامية) عام 1998م من “دار السلام” بالقاهرة.
ومضى يعمل تحت إشراف أستاذه للحصول على درجة الدكتوراه في موضوع “نصير الدين الطوسي وآراؤه الكلامية والفلسفية”، محافظًا في الوقت نفسه على صلته الوثيقة بأستاذه الدكتور عبد الحليم محمود – شيخ الأزهر فيما بعد – منذ عام 1960م وحتى وفاته عام 1978م، وحين أوشك على إتمام رسالته، أُتيحت له فرصةُ السفرِ إلى “كلية الدراسات الشرقية والإفريقية” بجامعة لندن عام 1973م، فانتقل إليها وعمل تحت إشراف الراحل الأستاذ جونسون والبروفسور لامبتون في قسم دراسات الشرق الأوسط، ونال منها درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 1977م عن “تطور علم الكلام الاثناعشري في القرن السابع الهجري”، وهو العمل الذي قُدِّر له أن يصدر بعد نحو ثلاثين عامًا أيضًا باللغة الإنجليزية عن مجمع البحوث الإسلامية بإسلام آباد بباكستان عام 2005م.
عاد الدكتور الشافعي مدرسًا بقسم الفلسفة الإسلامية بدار العلوم عام 1977م حتى سنة 1981م، تخللها زيارتان لمدة شهر واحد إلى كل من جامعتي أم القرى بالمملكة السعودية، وأم درمان بالسودان، خلال عام 1979م، وأُعير في عام 1981م إلى الجامعة الإسلامية بإسلام آباد عاصمة باكستان حيث عمل – مع كوكبة من الأساتذة المصريين – في إنشائها ووضع مناهج التدريس والعمل بها، وتولى عام 1983م عمادة كلية الشريعة والقانون فيها – وكان قد رُقِّي بمصر أستاذًا مساعدًا – وحين صارت الجامعة عالمية في عام 1985م عُيِّن نائبًا لرئيس الجامعة، واستمر حتى عام 1989م فعاد إلى القاهرة، ورُقِّي أستاذًا وعُيِّن وكيلًا لكلية دار العلوم حتى عام 1992م، فعُيِّن في العام نفسه رئيسًا لقسم الفلسفة الإسلامية حتى بلوغه سن المعاش عام 1995م، فعُيِّن أستاذًا متفرغًا حتى عام 1998م، حين صدر قرار إجماعي من مجلسِ أمناء “الجامعة الإسلامية العالمية” بإسلام آباد باختياره رئيسًا لها، فتولى هذه المهمة، وأنشأ المقرَّ الجديد لها في قلب العاصمة الباكستانية، وأضاف إليه ثلاث كليات جديدة؛ للعلوم الإدارية، وللعلوم الاجتماعية، وللعلوم التطبيقية. وحين انتهت مدة رئاسته عام 2003م مُدَّتْ خدمته هناك عامين آخرين حتى عام 2004م فعاد إلى القاهرة أستاذًا غير متفرغ بكلية دار العلوم.
من بين المناصب التي تقلدها:
اختبر عضوًا مؤسسًا بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منذ عام 2012م، وعضوًا بلجنة المئة لوضع الدستور المصري الجديد المقترح عام 2012م، ثم عضوًا بمجلس الشورى لمدة عام واحد، وعضوًا بمجلس إدارة الجمعية الفلسفية المصرية بالقاهرة من 1991م إلى 1998م، وعضوًا بمجلس إدارة الجمعية التربوية الإسلامية بالقاهرة من 1992م إلى عام 1998م، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، منذ مطلع التسعينيات من القرن العشرين، ورئيس لجنة الفكر الإسلامي المعاصر به حتى عام 1998م، ورئيس لجنة “موسوعة الفكر الإسلامي- مجلد الطوائف والمذاهب الإسلامية”، وعضوًا ثم رئيس اللجنة العلمية لإصدار “موسوعة سفير الإسلامية” بالقاهرة من 1993 إلى 1998م، وعضو اللجنة العلمية لـ “معهد الفكر الإسلامي”، بالقاهرة، منذ عام 1995م، وعضو اللجنة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود للسنة النبوية بالمدينة المنورة عام 2002م، وعضو مجلس الأمناء للجامعة الإسلامية بنجلاديش – شيتا جونج منذ عام 1998م، ورئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر من 2011م إلى 2013م.
نشاطه العلمي:
لم تحُل المهام المذكورة بينه وبين العمل العلمي معلّمًا ومؤلفًا ومشاركًا في الهيئات العلمية الثقافية، فأصدر منذ عام 1971م عشرة كتب بالعربية في الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام والتصوف، وأكثر من ثلاثين بحثًا علميًّا في العديد من المجلات والدوريات العلمية في مصر والخارج، وخمسة نصوص تراثية محقَّقة، وأربعة كتب مترجمة؛ اثنان منها من العربية إلى الإنجليزية والآخران من الإنجليزية إلى العربية، هذا مع الإشراف والحكم على عشرات من الرسائل الجامعية في مصر والعالم العربي وباكستان وماليزيا، والاشتراك في عضوية العديد من الهيئات العلمية والثقافية في مصر والخارج، منها: الجمعية الفلسفية المصرية، ومركز الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة، والمجلس العلمي لكلية الدراسات العليا بمانشستر، ومجلس أمناء الجامعة الإسلامية بإسلام آباد، ومجلس كلية دار العلوم، ومجلس نادي هيئة التدريس بجامعة القاهرة، وهيئة تحرير مجلة المسلم المعاصر، وهيئة تدريس كلية الدراسات الإسلامية الصوفية بالقاهرة.
وما يزال منذ عودته من باكستان، يحرص على تدريس المنطق والتوحيد والتصوف، وهو الآن يدرّس كتاب “المواقف للعضد”، وغيره من كتب الكلام والفلسفة، في درسه الأسبوعي يوم السبت، بالجامع الأزهر الشريف تطوعًا، منذ عام 2005م.
علاقة الشيخ بالمملكة العربية السعودية:
تعلق قلب الشيخ بالمملكة منذ نعومة أظفاره؛ حيث كان يسمع في كُتّاب القرية آنذاك عن بلاد الحجاز التي يحج إليها المسلمون من أهل القرية، وحيث مهد القرآن الكريم الذي يحفظه على يد محفظه (رحمه الله)، شأنه في ذلك شأن كل مسلم.
لما تخرج فضيلته في الجامعة وحصل على شهادته العليا أعير إلى كلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز.
شارك مع الدكتور محمود الصيني في رحلات لنشر العربية في البلاد المختلفة كان ينظمها الدكتور توفيق الشاوي، وكانت رحلته إلى جامبيا.
أعير إلى الجامعة الإسلامية بإسلام آباد، وكان معارًا من جامعة القاهرة مع غيره من الأساتذة على نفقة الجامعات السعودية مدة ثلاث سنوات. ثم صار عميدًا لكلية الشريعة بالجامعة، ثم نائبًا لرئيس الجامعة، ثم تحولت الجامعة إلى جامعة عالمية، وظل نائبًا حتى سنة 1989م.
زار المملكة عندما كان نائبًا لرئيس الجامعة؛ حيث دُعي إلى جامعة الإمام، عندما كانت كلية الشريعة للدراسات العليا في قلب العاصمة الرياض، وأُسند إلى فضيلته تدريس مقرر العقيدة، وكان مقصورًا على السعوديين فقط، فدرّس أصول كتاب المدخل إلى دراسة علم الكلام، وقد طُبع الكتاب بعد ذلك في كراتشي، وتكرر طبعه بمصر.
وكان في المملكة إبان تسليم الأستاذ محمود شاكر جائزة الملك فيصل العالمية.
مكّنه منصبه (نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية ثم رئيسًا لها) من إقامة علاقات وطيدة بالمملكة؛ حيث منها أساتذة معارون بالجامعة، وحيث يضم مجلس أمناء الجامعة في تشكيله رؤساء الجامعات السعودية.
زار المملكة بصفته عضو هيئة كبار العلماء، مرافقًا لفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر الشريف، في الدعوة الملكية التي تلقاها فضيلة الإمام لزيارة المملكة، وتمت في شهر إبريل من عام 2013م، وقد التقى بخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث كان وليًّا للعهد.
تكرر لقاؤه بخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز حينما كان وليًّا للعهد؛ حيث تسلم من سموه – بصفته رئيسًا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة – جائزة الملك فيصل العالمية التي فاز بها المجمع عن الجهود المبذولة من المؤسسات العلمية أو الأفراد في تأليف المعاجم العربية.