العلماء ومحاولة فك شفرة تخزين الذاكرة العاملة للمعلومات
توصل مؤخرا فريق علمى بجامعة نيويورك إلى آلية يمكن من خلالها التعرف على الطريقة التي تُخزن بها الذاكرة العاملة المعلومات، ووجد الفريق أن المعلومات القادمة من الحواس المختلفة يُعاد ترميزها داخل الدماغ والاحتفاظ بها بشكل خاص يجعل الطريقة التي تُخزن بها الذكريات مختلفةً من شخصٍ إلى آخر.
على سبيل المثال, يفترض الفريق العلمي أن تمثيلات الذاكرة العاملة هي مجرد تجريد لما تشعر به حواسنا المختلفة، فمثلًا إذا ما شاهد شخصٌ حادثة سقوط طائرة، سينتقل مشهد السقوط داخل خلاياه العصبية لتحتفظ الذاكرة العاملة به لفترة قصيرة تمهيدًا لنقله إلى الذاكرة طويلة الأمد، لكن وفق الدراسة التي نشرتها دورية “نيورون” (Neuron)، لا يحدث ذلك بالتحديد.
فكل فرد يُعيد ترميز الحادثة بشكل مختلف، وتعني إعادة الترميز تحويل المعلومة (في ذلك المثال مشهد سقوط الطائرة) إلى شكل آخر من المعلومات مختصرًا، وربما يتحول المشهد إلى مجرد صورة ثابتة أو صوت مدوٍّ، وإذا ما استغرق مثلًا مشهد سقوط الطائرة 3 دقائق، فإن الذاكرة العاملة عند شخصٍ ما قد تحول ذلك المشهد إلى ثوانٍ معدودة، بهدف الاختزال والترميز بشكل مختلف.
ويوضح العلماء أيضًا أن المحفزات البصرية المتميزة تجري إعادة ترميزها بمرونة في الدماغ عندما يكون هذا التمثيل مفيدًا للسلوك الموجه للذاكرة.
من جهته، يوضح “كلايتون كورتيس” (أستاذ علم النفس والعلوم العصبية بجامعة نيويورك، والمؤلف الرئيسي لتلك الدراسة) أن المشاركين في تلك التجربة أعادوا ترميز حركة النقاط المتحركة والقضبان؛ بهدف “محاولة التنبؤ باتجاه الحركة”.
ونقل موقع “للعلم” عن “كورتيس” قوله: يعني هذا أن الحركة العشوائية تمت إعادة صياغتها داخل الذاكرة العاملة في محاولة لرفع كفاءة المُدخل -حركة النقاط أو القضبان- واستخدام الأمر للتنبؤ باتجاه الحركة.
ويؤكد “كورتيس” أن الذاكرة العاملة لدينا نشطة ولا تقوم فقط بتخزين ما نراه في الذاكرة؛ “إذ يتضمن الجزء “العامل” من الذاكرة العاملة عمليات تُحوِّل ما نراه إلى تمثيلات تحددها أسباب استخدامنا لذاكرتنا”، علاوةً على ذلك فإن القشرة البصرية في أدمغتنا لا تُستخدم فقط للرؤية، “بل تُستخدم مثل السبورة العقلية، تُكتب عليها المعلومات المرئية الموجودة في ذاكرتنا”، وفق “كورتيس”.
وتُعتبر القدرة على تخزين المعلومات لفترات وجيزة من الوقت في الذاكرة العاملة لبنةً أساسيةً لمعظم العمليات الإدراكية العليا لدينا، ويقع خللها في قلب مجموعة متنوعة من الأعراض النفسية والعصبية، من ضمنها الفصام، وتعمل تلك النتائج على تعزيز فهمنا لكيفية تخزين الذكريات المرئية.