التسويق: استجابي أم استباقي أم إبداعي؟
يلخص “فيليب كوتلر” أستاذ التسويق الأشهر وظيفة ومهمة التسويق هي أنها “الحفاظ على العملاء الحاليين، واكتساب عملاء جدد، وتحقيق الأرباح للمؤسسة”.
على هذا يمكن تصنيف التسويق إلى ثلاثة أنواع رئيسة فيما يتعلق بكيفية التسويق وعلاقته بالعملاء وتلبية احتياجاتهم، فهناك التسويق الاستجابي، والتسويق الاستباقي، والتسويق الابتكاري.
1- التسويق الاستجابي (Responsive Marketing)
هذا هو التسويق الذي يكتشف الاحتياجات ويقوم بسدها – Finding and filling needs، وهو التسويق التقليدي الذي يقوم على تلبية احتياجات ورغبات العملاء الموجودة بالفعل، وهو تسويق يمكن أن يكون مربحا جدا إذا استطاع اكتشاف احتياجات العملاء وقام فعلا بتلبيتها بطريقة ترضي هؤلاء العملاء، ومعظم التسويق الحالي ينتمي إلى هذا النوع.
من أمثلة هذا النوع من التسويق، هو مثلا اكتشاف حاجة النساء إلى قضاء وقت أقل في المطبخ وفي أعمال المنزل، فتم اختراع الغسالات الكهربائية الحديثة وأجهزة الميكروويف وغسالات الصحون والمكانس الكهربائية وغيرها.
من أمثلة هذا النوع أيضا هو اختراع التليفونات المحمولة، فلقد ظهرت عندما ازدادت حاجة الناس إلى التواصل مع بعضها بحرية وفي كل مكان ودون الالتزام بالتواجد في البيت أو في العمل أو في مكان محدد يتيح هذا التوصل.
2- التسويق الاستباقي (Anticipative Marketing)
هذا هو التسويق الذي يتنبأ أو يكتشف احتياجات ناشئة حديثا أو حتى خفية، فيعمل على توفير الحلول والاستجابات لها قبل أن تصبح ظاهرة بوضوح.
مثلا عندما تدهورت جودة المياه في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الدمار والتلوث الذي سببته الحرب، استبقت شركتا إيفيان “Evian” وبييرير “Perrier” الفرنسيتان معرفة أهمية سوق المياة النقية المعبأة.
وعندما تعرفت شركات الدواء على ازدياد التوتر والقلق والاكتئاب في المجتمع الصناعي الحديث الذي نشأ في العالم بداية منذ آوائل منتصف القرن العشرين، بدأ العديد منها أجراء بحوث لصناعة وتطوير أدوية لعلاج القلق والاكتئاب والأدوية التي تساعد على الاسرخاء والهدوء والأدوية المنومة.
3- التسويق الإبداعي (Creative Marketing)
يعرف هذا النوع أيضا بالتسويق المُشَكِل للاحتياج (Need – Shaping Marketing) وهو نوع جرئ من التسويق، يحدث عندما تقوم شركة بعرض منتج لم يطلبه أحد بعد، أو خدمة لم تفكر فيها شركة أخرى من قبل.
مثال على ذلك عندما قدمت شركة “سوني” الرائدة جهازها الشهير ووكمان “Walkman“، أو جهاز مسجل سوني بيتاماكس أو قرص (CD) 3.5 بوصة، حيث قال وقتها رئيس شركة سوني “آكيو موريتا”: أنا لا أخدم الأسواق، أنا أنشاها.
حدث هذا أيضا عندما أطلقت شركة “أبل” عام 2010 منتجها الشهير آي باد “iPad” والذي نجح كثيرا جدا، رغم أن أحدا لم يطلبه ولم يعرف أحد أنه يمكن أن يوجد من الأساس، وقال “ستيف جوبز” مؤسس شركة أبل وقتها أنه لم يقم بعمل بحوث تسويقية لمعرفة إذا كان العملاء يرغبون في الحصول على الجهاز أم لا، فليست وظيفة المستهلك أن يعرف ماذا يريد، لكن نحن من نستطيع أن نرشده لما يحتاجه ويريده فعلا.
على هذا يمكن تفسيم الشركات إلى نوعين كبيرين، شركات يقودها السوق (Market–Driven Companies)، وشركات تقود السوق (Market-Driving Companies).
الشركات التي يقودها السوق هي التي تمارس النوع الأول من التسويق وهو التسويق الاستجابي، حيث تركز على إجراء البحوث عن العملاء الحاليين أو المحتملين بخصوص منتجاتها أو خدماتها الموجودة بالفعل، لتحديد أولوياتهؤلاء العملاء واحتياجاتهم، ومعرفة مشاكلهم وجمع أفكار جديدة واختبار تغييرات وتحسينات إضافية على منتجات أو خدمات تلك الشركات، وربما لإضافة منتج جديد أو خدمة جديدة من نفس المجموعة لتلبية نفس الاحتياجات القديمة والمعروفة.
أما الشركات التي تقود السوق فهي الشركات التي تمارس النوعين الأخرين من التسويق، التسويق الاستباقي والتسويق الإبداعي، والتي تخلق أسواقا جديدة وتطلق منتجات وخدمات حديثة وهامة، وتبتكر قنوات تواصل جديدة ومبتكرة مع العملاء، وتنشأ قوائم أسعار غير تقليدية بحيث تتيح منتجاتها وخدماتها لمعظم عملائها المحتملين.من أمثلة الشركات التي تقود السوق شركات: سوني، بنيتون، سي إن إن (CNN)، فيدرال إكسبريس، إيكيا، جيليت، ثري إم 3M))، ثم ظهرت شركات حديثة مع بدايات الألفية الثانية مثل مايكروسوفت، آبل، فيسبوك (ميتا)، أمازون، الجزيرة، نتفليكس، تيسلا موتورز وسبيس إكس.
د. هاني سليمان
مدير التسويق لشركة فايزر الشرق الأوسط سابقا مدير معهد التدريب القومي بوزارة الصحة