نابغون

الإمام “ورش” القفطي.. شيخ القراء

اسمه عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان بن إبراهيم . وكنيته أبو سعيد، عثمان بن سعيد المصري. وأما اسم “ورش” فلقبه به شيخه نافع  لشدة بياضه، وقيل إن نافعاً لقبه بالورشان “طائر يشبه الحمامة” لخفة حركته . وكان نافع يقول: هات يا ورشان، اقرأ يا ورشان، أين الورشان؟، ثم خفف فقيل “ورش”، وقيل إن ورش: شيء يصنع من اللبن، لقبه به لبياضه .

وهذا اللقب لزمه حتى صار لا يعرف إلا به، ولم يكن شيء أحب منه فيقول: أستاذي سماني به . ولد ورش سنة عشر ومائة بقفط بمحافظة قنا في صعيد مصر. وأما أصله فمن القيروان بتونس . وتوفي بمصر في أيام الخليفة المأمون سنة سبع وتسعين ومائة” 197″ عن سبع وثمانين سنة .وأما إجازته في قراءة القرآن الكريم فرويت عنه قصة عجيبة مع أستاذه؛‏ فعندما سافر ورش من ‎مصر إلى ‎المدينة المنورة للقراءة على الإمام نافع، وجد زحاماً شديداً، وتوسّل للإمام ببعض الشفعاء ليراعي غربتَه، فلم يجد الإمام نافع فرصةً لإقراء ورشٍ إلا قُبَيل الفجر.. ثم تبرَّع أحد الطلاب المدنيِّين بحصته لورش، وفعل طالبٌ آخر مثلَه، حتى تبرَّع كل طلاب هذه الفترة بوقتهم لورش وشاء الله أن يختم ورشٌ على نافعٍ خمس ختماتٍ ويعود بعدها إلى ‎مصر.. وتولى ورش رياسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه، وكان بليغا حسن الصوت، لايمل السامع قراءته. وشاءت قدرة الله أن تخلَّد رواية ورش عن نافع حتى اليوم، وتصبح القراءة الأولى المعتمدة فى بلاد المغرب العربى،ودول أفريقية وغيرها شرقا وغربا.

شيوخه

كان الأمام نافع بن أبي نعيم أشهر شيوخ ورش فقد ارتحل إليه وعرض عليه القرآن وختمه على مسمعه عدة مرات، ونقل عنه القراءة أيضاً. وإضافة إلى الإمام نافع نقل ورش القراءة عن إسماعيل القسط وعن عبد الوارث عن أبي عمرو وعن حفص.

تلاميذه

أما تلامذته الذين عرضوا عليه القرآن فكان منهم أبو الربيع المهري وأحمد بن صالح ويونس بن عبد الأعلى وداود بن أبي طيبة ويوسف الأزرق أبو يعقوب، وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم، ، وعامر بن سعيد أبو الأشعث الجرشي، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المكي، وآخرون.

الإمام “ورش” القفطي.. شيخ القراء

قراءته

انتشرت قراءة ورش في شمال أفريقيا، وغربها، وفي الأندلس، وهي أكثر القراءات شيوعا في العالم الإسلامي بعد رواية حفص. ومن خصائصها : تخفيف همزة القطع، وإمالة الألف إلى الياء في أواخر بعض الكلمات. ظلت قراءة ورش السائدة في مصر حتى فتحها العثمانيون فاستبدلوا بها قراءة حفص قراءة معتمدة.

أهم خصائص قراءته

في باب البسملة بين السورتين له ثلاثة أوجه: إتيان البسملة بين السورتين، الوصل أو السكت من دون بسملة. وفي باب الهمزتين من كلمة: له تسهيل الثانية أو إبدالها من دون إدخال، وفي باب الهمزتين من كلمتين: له تسهيل الثانية أو إبدالها، وفي باب الهمز المفرد: له الإبدال إذا كان ساكنا. وفي باب النقل: له النقل بشروطه، وفي باب الإمالة: له التقليل. ويختص بترقيق الراء إذا كان ما قبلها ياء ساكنة أو حرف مكسور، كما يختص بتغليظ اللام إذا كان ما قبلها حرف الطاء أو الظاء أو الصاد أو الضاد.

الاختلاف عن نافع

ذلك أنه كان قد قرأ على شيوخ له في مصر قبل أن يرحل إلى نافع. فلما رحل إلى نافع في المدينة المنورة، قرأ عليه أربع ختمات بأوجه عديدة كان قد تحملها عن شيوخه، فوافق ذلك بعض الأوجه التي كان نافع تحملها عن شيوخه السبعين، فأقره على قراءته. فقالون قد طابقت قراءته اختيار شيخه نافع. أما ورش –وإن كانت قراءته عن نافع عن مشايخه المدنيين– فقد خالفت اختيار نافع، لكن كون نافع أقره على ما وافق بعض مشايخه المدنيين وصح عنده، وكان هذا قد صح كذلك عند ورش عن مشايخه المقيمين في مصر، فيستحيل تواطؤ هؤلاء على الخطأ، ثم وجدنا ورشاً قد صار شيخ قراء مصر بلا منازع في زمانه، فهذا يدل على إقرارهم بإتقانه. هذا مع معرفتهم بقراءة أهل المدينة نتيجة مرورهم بها أثناء الحج، فضلاً عن معرفتهم بقراءة مشايخهم المقيمين في مصر. فلا شك بعد ذلك بتواتر قراءة ورش.

الفرق بين قالون ورواية ورش

الفرق بين رواتي ورش وقالون يتعدد بتعدد طرق الروايتين، فالفرق بين الطريقين المشهورين – طريق الأزرق عن ورش وطريق أبي نشيط المروزي عن قالون – يختلف عن الفرق بين كل طرق ورش وقالون.

الإمام "ورش" القفطي.. شيخ القراء

الفرق في الأصول

أغلب الفروق بين ورش وقالون في الأصول، فإنما يشتركان في حرف نافع، أي في اختياره في الفرش، ويختلفان في تفاصيل بعض الأصول.

فروق كل طرق ورش

نقل حركة الهمزة من خصائص ورش من جميع طرقه مثل (الأرض) بخلاف قالون والرواة الآخرين عن نافع، فإنهم يروون عن نافع عدم النقل، أي النطق بهمزة قطع (الأرض).

إبدال الهمز الساكن في مثل (يومنون) التي يقرأها رواة نافع الآخرون (يؤمنون) بتحقيق الهمزة، ويزيد طريق الإصبهاني على طريق الأزرق بعض الكلمات التي يبدل فيها الهمزة الساكنة حرفَ مدّ.

فروق بعض طرق ورش

الإمالة والتقليل (الإمالة الصغرى): يتفق أغلب رواة ورش على التقليل (الإمالة الصغرى) في كثير من الكلمات، وينفرد طريق الإصبهاني عن ورش بعدم الإمالة إلا في كلمة (التورية) في بعض طرقه، ثم إن بعض طرق قالون تتفق مع أغلب طرق ورش في الإمالة مثل طريق القاضي وطريق أبي عون عن الحلواني عن قالون إلا في كلمة (الكافرين) فإن ورشا من طريقي الأزرق والعتقي ينفرد بإمالتها.

ترقيق الراء المفتوحة والمضمومة المسبوقة بكسر أو ياء لأغلب طرق ورش إلا الإصبهاني، وقالون من جميع طرقه بتفخيم الراء.

تفخيم اللام المفتوحة بعد الصاد والطاء والظاء للأزرق وحده، وتغليظ اللام بعد الصاد فقط من طريق العتقي وعدم تغليظها مطلقا للإصبهاني وجميع طرق قالون.

التقاء الهمزتين من نفس الحركة: لورش تسهيل الهمزة الثانية أو إبدالها مدا مشبعا (من طريق الأزرق فقط) ولقالون التسهيل مع إدال ألف بين الهمزتين، وفي المكسورتين لورش من طريق الأزرق ثلاثة أوجه: الإبدال مع المد، التسهيل والإبدال ياء خفيفة الكسر، وتسهل لقالون في الهمزتين المكسورتين الهمزة الأولى إلا من طريق الحلواني فله تسهيل الأولى والثانية، ولورش تسهيل الثانية بالإضافة لأوجه الأزرق المذكورة.

(أرأيت) للأزرق بإبدال الهمزة ألفا ممدودة، ولباقي طرق ورش وجميع طرق قالون التسهيل فقط،

(هأنتم) للأزرق بإبدال الهمزة مدا أو تسهيلها وللعتقي التسهيل فقط وللإصبهاني تحقيق الهمزتين، ولقالون تسهيل الثانية مع إدخال ألف.

فروق الفرش

فروق الفرش بين الروايتين قليل، ولكنه وارد في الكلمات التالية:

  • (وليومنوا بي لعلهم) فتح الياء لطرق ورش وإسكانها لطرق قالون،
  • (قربة) بضم الراء لطرق ورش وإسكانها لطرق قالون،
  • (نسلكه) في سورة الجن بالنون لطرق قالون وطرق ورش عدا الإصبهاني، فإنه يقرأ (يسلكه) بالياء،
  • باب (وهو) بضم الهاء (وَهُوَ) لورش وإسكانها لقالون (وَهْوَ) مع الخلاف في (ثُمَّ هُوَ) و (يُمِلَّ هُوَ) لقالون، فله الضم والإسكان حسب الطريق.
  • (بيوت) لورش بضم الباء (بُيُوت) ولقالون بكسر الباء (بِيُوت)،
  • (نعما) لورش بكسر العين، (لا تعدّوا) لورش بفتح العين، (يخّصمون) لورش بكسر الخاء، ولقالون وجهان حسب الطريق: السكون المحض أو اختلاس الحركة في الكلمات الثلاث.
  • (لأهب لك) في سورة مريم: لورش تقرأ الهمزة ياء (لِيَهب) ولقالون القراءة بالهمزة (لِأَهب) وبالياء حسب الطريق.
  • قرأ ورش (ثم ليقطع) (وليقضوا) (وليتمتعوا) اللام بالكسر وقالون بالإسكان،
  • (اللائي) يقرأها ورش بالتسهيل إلا الإصبهاني فهو وافق قالون في القراءة بالهمز.
  • (أو ءاباؤونا) قرأ ورش الواو بالفتح وقالون بالإسكان.

الفرق بين رواية حفص ورواية ورش

تختلف رواية حفص عن عاصم عن رواية ورش في نطق الكلمات القرآنية أو في التجويد أو زيادة الأحرف ونقصها، فنجد على سبيل المثال ورش من طريق الأزرق يغلظ كل لام مفتوحة قبلها (ص أو ط أو ظ) مفتوحة أو ساكنة، ويرقق من طريق الأزرق والعتقي الراءات التي قبلها ياء أو كسرة أو قبلها حرف ساكن قبله كسرة ويمد المتصل والمنفصل من طريقي الأزرق والعتقي 6 حركات ولديه من طريق الأزرق التوسط والإشباع في مد اللين المهموز والأوجه الثلاثة في مد البدل من طريق الأزرق، ويسهل الهمزة الواقعة فاء في وزن التفعيلة ويقلل ذوات الياء ولديه الإمالة في هاء (طه) وأمور أخرى اختلف فيها عن الإمام حفص.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى