الإسمنت يبوح فناً بأيدي المهندسة الفلسطينية ربا سليم
قضت المهندس الفلسطينية “ربا سليم”، – الملقبة بسيدة الأسمنت- أكثر من 16 عاماً وهي تعمل في الهندسة المعمارية وكانت تشعر دائماً أن في داخلها فنانة صغيرة تحتاج إلى فرصة. وطوال تلك المدة من العمل في الأبنية والمشاريع، كانت تتعامل بشكل مباشر مع مادة الإسمنت المعروفة في عملية البناء بأنها مادة خشنة وغير جميلة من حيث الشكل والرائعة. لدرجة أن الأفراد يضيفون ديكورات لتغطية مكان الإسمنت، سواء في الجدران أو مدخل المنزل وغيرهما. لكن أخيراً، اكتشفت المهندسة “ربا” أن الإسمنت مادة جميلة جداً وقوية، وبالإمكان التعامل معها بطريقة فريدة ومميزة وجديدة. وما تسعى إليه هو أن تتغير النظرة السيئة إلى الإسمنت، من مادة للبناء فحسب، إلى مادة فنية يمكن استخدامها في التحف الفنية والقطع الفريدة.
تحضّر المهندسة الفلسطينية الأربعينية ربا سليم -من مدينة رام الله- صبة الإسمنت الخاصة بها، ليس لبناء منزل أو تسوية جدار هنا أو هناك، بل لتخلطها في وعاء وردي صغير، تبدأ معه رحلة بناء من نوع مختلف. فعشقها وشغفها بهذه المادة، دفعها إلى أن تصنع منها أكسسوارات نسائية ومنزلية صغيرة الحجم وخفيفة الوزن.
درست ربا سليم الهندسة المعمارية، وعملت لسنوات طويلة في مركز رواق للمعمار الشعبي (مركز يهتم بترميم المباني القديمة)، قررت التخلي عن وظيفتها والسير وراء شغفها.
لا تعتبر (ربا) أن الفن يحتاج إلى موارد ومال كثير، بل يحتاج إلى الإبداع والأفكار الفريدة. فولعها بالإسمنت وحده أوجد لدها حافزاً لكي تعمل به كهواية أولاً، ثم ما لبث أن صار مصدر رزق.
عندما تعمل بالإسمنت تنسى وقتها، وتنسى أولادها، وتركز على ما تفعله وما تحب، حتى تخرج القطعة بالشكل الذي تخيلته.
سيدة الإسمنت
لا تخلو قصة ربا سليم من التحديات والصعوبات، التي تتمثل في إيجاد القوالب الملائمة لكل قطعة. حيث تضطر إلى صنع قوالب خاصة بها، حتى تتلاءم مع الوزن الخفيف والحجم الصغير للقلائد أو الأساور. ففي كل قطعة، هناك جزء من شخصيتها الهادئة المتزنة، حتى إنّ صديقاتها لقّبنها بـ “سيدة الإسمنت” لما قامت به من ابتكار خلاق.
تعتبر “قواعد المشروبات الساخنة والباردة”، هي أولى القطع التي أنتجتها ربا سليم من الإسمنت، وأضافت إليها قطعاً من التطريز الفلسطيني الملون حتى أصبحت تحفة فنية. وتوضح “ما إن أنجزتُ عدداً من القطع الإسمنتية البسيطة وقد أضفتُ إليها التطريز حتى اختلفت كلياً وأصبحت ذات معنى.
ومن هنا، بدأتُ أفكر أبعد من القطع البسيطة، فانطلقت إلى فكرة تصميم أكسسوارات من الإسمنت وأحضرت القوالب الملائمة. لكن كنتُ أسعى إلى أن تكون القطعة خفيفة الوزن حتى يسهل حملها، سواء كانت قلادة أو أقراطاً أو سواراً.
وما إن لمعت فكرة الأكسسوارات جيداً وشاهدها الجميع، حتى حظيت بالمباركة على هذه الفكرة الفريدة. هكذا، تشجعتُ وأخذت الأفكار تتوسع وصارت أكسسوارات الإسمنت بلمسة نسائية ناعمة”.
استطاعت ربا سليم بعد عام واحد فقط من إطلاق مشروعها بناء اسم خاص بها يحمل علامتها التجارية. مذاك الوقت، لم تتوقف عن استخدام مهارتها في صناعة القلادات والأساور، التي تمزج فيها بين الأقمشة والمعادن والألوان والخط العربي والخشب، وتسخّر لها طاقتها. فكل قطعة بالنسبة إليها تحتاج إلى تصميم خاص.