“آيتن”.. شركة فرنسية ناشئة تعمل على تطوير بطارية أكثر استدامة يمكن استخدامها في أجهزة الاستشعار والرعاية الصحية
تشكل بطاريات “الأزرار”، تلك البطاريات الصغيرة على شكل العملة المعدنية المستخدمة في الساعات وكتب الأطفال الصوتية، مصدر إزعاج معروف. فهي لا تشكل خطراً بيئياً فحسب لأنها غير قابلة لإعادة الشحن، ولكنها أيضاً شديدة الخطورة حيث يمكن للأطفال ابتلاعها، ما يسبب لهم حروقا داخلية خطيرة.
حاليا تعمل شركة فرنسية ناشئة لإصلاح ذلك من خلال تطوير بطاريات قابلة لإعادة الشحن يمكن استخدامها أيضاً في تطبيقات أخرى كأجهزة الاتصال وأجهزة الاستشعار المستخدمة في الرعاية الصحية.
“آيتن”، التي يقع مقرها بالقرب من مدينة ليون الفرنسية وضعت لنفسها مكانة عالم التكنولوجيا وقد جمعت 80 مليون يورو هذا الشهر لتوسيع أعمالها. ومن بين مساهميها الآن البنك الفرنسي المملوك للدولة، وهو مستثمر رئيسي في الشركات المحلية، ومجموعة الأجهزة الصغيرة الفرنسية “سيب” (شركة كبيرة لأجهزة طبخ وغيرها).
تقوم “آيتن” بتطوير بطاريات دقيقة للغاية يمكن دمجها مباشرة في الدوائر الإلكترونية. يبلغ سمكها ما بين 100 ميكرون ضعف سمك شعرة الإنسان تقريباً، وقد يصل سمك أكبرها إلى 2 ميليمتر.
عدة استخدامات ممكنة بينها الطبيّ
قال فابيان غابين، مؤسس الشركة قال ليورونيوز نكست: “ببساطة، في كل مرة يكون لديك دائرة إلكترونية، من المحتمل أن يكون لديك بطارية صغيرة”، موضحاً أن هذه البطاريات الدقيقة يمكن استخدامها للتتبع، لتشغيل أجهزة الاستشعار والساعات ومن المحتمل أيضاً أن يستفيد المجال الطبي من التكنولوجيا الجديدة.
وفي هذا الشأن أوضح غابين: “يمكن استخدام البطاريات الصغيرة في الأدوات الجراحية، أجهزة التحفيز العصبي، زراعة السمع، في العدسات اللاصقة ولصنع العدسات اللاصقة المتصلة”، مضيفاً: “المثير للاهتمام حول هذه المكونات هو أنها تفتح مجالا للإمكانيات من حيث الإبداع والأجهزة الجديدة والأدوات الطبية الجديدة”.
في الحياة اليومية، ستكون هذه البطاريات الدقيقة بديلاً لخلايا الأزرار الموجودة في كل مكان الموجودة في الأجهزة الإلكترونية مثل الألعاب وأجهزة التحكم عن بعد وسلاسل المفاتيح. هناك مخاطر صحية كبيرة؛ فقد وجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “بيدياتريكس” أن الأطفال يبتلعون بطاريات الأزرار أكثر من أي وقت مضى، وهذا تسبب في زيادة مقلقة نحو مصالح الطوارئ على مدار العقد الماضي.
بطاريات صديقة للبيئة
في حالة ابتلاعها، قد تُسبب خلايا الزر ضرراً شديداً ومميتاً للأنسجة والأعضاء البشرية. يمكن أيضاً أن تستقر بسهولة في أذني الطفل وخياشيمه. علاوة على ذلك، فإن بطاريات الأزرار هذه غير قابلة لإعادة الشحن وبعد استخدامها مرة واحدة فقط، نادراً ما يتم إعادة تدويرها.
في تعديلات اعتمدها البرلمان الأوروبي في الـ 10 مارس-آذار، طلب أعضاء البرلمان الأوروبي من المفوضية الأوروبية تقييم “ما إذا كان ينبغي التخلص من استخدام البطاريات المحمولة غير القابلة لإعادة الشحن للاستخدام العام بشكل تدريجي”.
وتراهن آيتن حالياً على هذا الزخم من أجل استدامة أكبر لبطارياتها الدقيقة. قال غابين: “نظراً لأن البطارية أصغر بألف مرة، فإننا نستخدم مواد أقل بكثير”.
تعد البطاريات الدقيقة أيضاً أكثر متانة ، حيث يبلغ عمرها الافتراضي من 10 إلى 20 عاماً وفقاً للشركة. فهي بطاريات ليثيوم أيون مصنوعة من إلكتروليتات صلبة، وليست سائلة، مصنوعة من السيراميك.
يُقال أن هذه التقنية، المعروفة باسم بطاريات “الحالة الصلبة”، مستقرة في درجات حرارة عالية مما يقلل من خطر اشتعال البطارية ويسمح بلحام البطارية على لوحة دوائر مطبوعة مثل المكونات الأخرى. ويعد عدم وجود عناصر أرضية نادرة في هذه البطاريات حجة أخرى للشركة حيث تسعى أوروبا إلى كسر اعتمادها على الصين لهذه الموارد.
أوروبا تسعى لـ “إعادة تصنيع” نفسها
استغرق تطوير “آيتن” لبطارياتها الدقيقة ثماني سنوات، وقدمت الشركة أكثر من 200 براءة اختراع. أوضح غابين أنه: “لكي نتمكن من صنع هذه المكونات، كان علينا أن نبتكر من الألف إلى الياء. جميع الآلات التي تسمح لنا بتجميعها وتصنيعها في شكل مكونات مصغرة، هي آلات خاصة طورناها بأنفسنا”.
تم تطوير البطاريات حصرياً في فرنسا وتمتلك الشركة قاعدة مساهمين فرنسيين بالكامل حيث قال غابين: “كان من المهم بالنسبة لي أن أتطور في فرنسا. لقد أمضيت حياتي المهنية كلها في الصناعة الفرنسية، التي أعطتني الكثير، وأردت أن أعيد للصناعة الفرنسية ما أعطته لي”.
يعتبر جمع الأموال للشركة مع البك الفرنسي الحكومي جزءاً من خطة الحكومة “لإعادة التصنيع” لعام 2030. وهذا هو الاتجاه الأوسع في جميع أنحاء أوروبا، ففي يناير-كانون الثاني، اقترحت المفوضية الأوروبية قانون الرقائق الأوروبية، وهو عبارة عن خطة استثمارية بقيمة 43 مليار يورو لتعزيز قدرات القارة عبر سوق أشباه الموصلات.