منوعات

منجد المدرس.. “البروفسور/اللاجئ” الذي أعاد تعريف الأطراف الصنـاعية وأصبح أفضل شخصية في أستراليا

أصبح رواد الأعمال العرب في المهجر يمثلون ظاهـرة محيّرة؛ ففي الوقت الذي يتم إلقاء اللائمة دائماً على استهتار الشباب والزيادة السكـانية ونقص الكوادر وغيرها من المبررات كمُسببات للفقر وانتشار الفساد وتهالك الأنظمة التعليمية والبحثية في العالم العربي، تبرز في المقابل نماذج عديدة لشباب عربي استثنائي استطاع تحقيق انجازات مذهلة في مختلف المجالات في العديد من دول العالم. فما بين مشروع ريادي مميز إلى مكانة أكاديمية مرموقة وحتى الجمع بين الريادي والأكاديمي، حقق الكثير من رواد الاعمال العرب الشباب انجازات مدهشة في الخارج، ومن هؤلاء الرواد, البروفسور, “منجد المدرس” أستاذ جراحات العظام والريادي في مجال الأطراف الصناعيـة.

لم يصل البروفسور “منجد” إلى استراليا على متن طائرة أنيقة، ولم يستقبله مندوب من الجامعة. الواقع أنه وصل إلى استراليا على ظهـر قارب لصيد الأسماك يعج باللاجئين البؤساء الذي عبروا المحيط في محاولة للوصول إلى البر الاسترالي. كان هذا في العام 2000 ، وكان هذا في ظل ظـروف مأساوية واجهت جميع اللاجئين على ظهـر قارب الصيد، كاد يفتك بهم الجوع والعطش والغرق.

عندما وصل قارب الصيد الذي يعج باللاجئين غير الشرعيين – ومن بينهم منجد المدرس – وضعتهم السلطات الاسترالية في مأوى أشبه بالمعتقل. لاحقاً، سيظـل هذا المعتقل في ذكـرى البروفسور منجد المدرّس لفتـرة طويلة ولن ينساه بسهولة، وسيظل يصفه بالجحيم. وهو وصف صادق على اية حال، حيث قامت منظمات حقوق الإنسان لاحقاً بتصنيفه كأسوأ معتقل من بين معتقلات اللاجئين حول العالم.

في هذا المعتقل، لم يكن الطبيب منجد المدرس يخاطب بإسمه، وإنما يخاطب برقمه. كان اسمه هو الرقم 982 الذي طبع على ذراعه، وبقى رقماً حتى بعد خروجه باحثاً عن عمل. بدأ حياته المهنية – ان جاز التعبيـر – في استراليا في تنظيف المراحيض ، في الوقت الذي كان يعادل فيه شهادته الاكاديمية في الطب. بعد 8 سنوات فقط من بداية تنظيفه للمراحيض في استراليا ، أصبح بروفسـوراً في جراحة العظام !

منذ تلك اللحظة، أصبحت حياة البرفسور منجد المدرس ذات ثلاثة محاور أساسية: محور أكاديمي كأستاذ محاضر في جراحة العظام والاطراف الصناعية، محور للدفاع عن قضايا اللاجئين، محور للابتكار وريادة الاعمال في تخصصه كطبيب، خصوصاً في مجال الاطراف الصناعية. وكما يقول هو، اختار هذه المحاور الثلاثة لانها محاور عايشها بنفسه، إما في بلده الأصلي “العراق” التي رأى فيها الكثير من الحروب التي خلفت الكثير من مبتوري الاطراف، أو قضية اللاجئين الذي عايشها بنفسه بإعتباره كان لاجئاً على متن زورق يوم من الايام.

اليوم، أصبح المدرس من أشهر رواد الأعمال العرب المتخصصين طبياً في مجال تقنية الاطراف الصناعية الذكيـة والتي تكون مرتبطة بالاعصاب والعضلات مع الربوت الذي يتحرك فوراً مع تفكيـر الشخص بآداء الحركة، الأمر الذي يجعل الاشخاص مبتوري الاطراف يصلون الى أكثر درجة تمكّنهم من العيش بشكل طبيعي، بدلاً من استخدام الاطراف الصنـاعية التقليدية.

وعلى الرغم ان المرضى من حول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وكندا يتوافدون الى استراليا لحل مشكلة الاطراف الصناعية التقليدية والحصول على الاطراف الذكية التي يطوّرها المنجد، إلا أنه هو بنفسه يقوم بمغادرة استراليا ويطوف العالم ليعلّم الاطباء والهيئات المختلفة كيفية التعامل مع تقنيات الاطراف الصناعية الذكية التي من الممكن ان تعيد الاشخاص مبتوري الاطراف الى فاعلين في مجتمعـاتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى