دراسة حديثة تحذر: “إدمان” أحد الوالدين يجعل الأبناء عرضة لخطر الإعاقة الذهنية
حذّرت دراسة علمية حديثة نشرت مؤخراً في دورية “الطب السريري” من أن إدمان أحد الوالدين من اضطراب تعاطي الكحول أو المخدرات يجعل الأولاد أكثر عرضة لخطر الإعاقة الذهنية. ودعت الدراسة إلى توجيه التدابير الوقائية إلى كلا الوالدين، لوقاية أولادهم من التعرض للإعاقة الذهنية. وفقا لجريدة الشرق الأوسط السعودية.
مقارنة
وشملت الدراسة، التي تعتمد على بيانات من السجلات السويدية، ما يقرب من مليوني طفل وُلدوا بين عامي 1978 و2002 وأولياء أمورهم. ووجد الباحثون أن 1.2 في المائة من الأطفال المولودين لأبوين لا يعانيان من هذا الاضطراب تم تشخيص إصابتهم بإعاقة ذهنية، مقارنة بـ3 في المائة من الأطفال الذين كان أحد الوالدين مصاباً باضطراب تعاطي الكحول أو المخدرات.
الخطر المرتفع
وكان الخطر المرتفع أكبر إذا شُخصت إصابة الوالد بإدمان الكحول أو المخدرات قبل الحمل أو في أثنائه وليس بعد الولادة؛ إذ ارتبط ذلك بأكثر من ضعف خطر الإصابة بالإعاقة الذهنية لدى الطفل. ولوحظ أن الإعاقة الذهنية كانت أكثر احتمالاً بكثير في المشاكل المرتبطة بشرب الكحول أثناء الحمل، حيث كان الخطر أعلى بـ3 إلى 5 مرات.
واعتبر الباحثون أن دراستهم هي الأولى التي تستخدم بيانات السجلات الوطنية واسعة النطاق للتحقيق في العلاقة بين إدمان الأب على الكحول أو المخدرات وخطر إصابة أبنائه بالإعاقة الذهنية.
المرأة والإدمان
ومن المعروف أن «تناول المرأة الكحول أثناء الحمل يُمكن أن يزيد من خطر إصابة طفلها بإعاقة ذهنية»، لكن الدراسة الجديدة تُظهر أن «جميع أشكال تعاطي المخدرات، سواء لدى الأم أو الأب، يمكن أن تشكل عامل خطر على الأبناء».
ما هي الإعاقة الذهنية؟
الإعاقة الذهنية هي انخفاض كبير في مستوى الأداء الذهني للشخص منذ الولادة أو الطفولة المبكرة، مما يؤدي إلى محدودية في القدرة على القيام بأنشطة الحياة اليومية الاعتيادية.
أعراض الإعاقة الذهنية
قد يعاني بعض الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية من اضطرابات واضحة عند الولادة أو بعد ذلك بوقت قصير.قد تكون هذه الاضطرابات جسدية وعصبية، وقد تشمل ملامح وجه غير طبيعية، ورأس كبير أو صغير جدا، وتشوهات في اليدين أو القدمين، والعديد من الشذوذات الأخرى.يكون مظهر الطفل طبيعيًا من الناحية الظاهرية في بعض الأحيان، ولكن تكون لديه علامات أخرى لأمراض خطيرة، مثل الاختلاجات، والخمول، والتقيؤ، ورائحة البول الشاذة، والعجز عن التغذية والنمو بشكل طبيعي.خلال سنتهم الأولى، يواجه العديد من الأطفال الذين يعانون من شكل شديد من الإعاقة الذهنية تأخرًا في تطور المهارات الحركية، ويكونون بطيئين في الزحف، والجلوس، والوقوف.
ومع ذلك، فإن معظم الأطفال الذين لديهم إعاقة ذهنية لا يصابون بأعراض يمكن ملاحظتها حتى مرحلة ما قبل المدرسة.تظهر الأعراض في سن أصغر عند الأشخاص الأكثر تضرراً.عادةً ما تكون العلامة الأولى التي يمكن ملاحظتها من قبل الوالدين هي تأخر النطق.يكون الأطفال ذوو الإعاقة الذهنية أبطأ في استخدام الكلمات، ووضع الكلمات معًا، والتحدث بجمل كاملة.كما يكون نموهم الاجتماعي بطيئًا في بعض الأحيان بسبب ضعف الإدراك والعجز اللغوي.قد يكون الأطفال ذوو الإعاقة الذهنية بطيئين في تعلم ارتداء الملابس وتناول الطعام بأنفسهم.قد لا يضع بعض الآباء في اعتبارهم إمكانية حدوث ضعف إدراكي عند الطفل حتى يبلغ الطفل عمر المدرسة أو ما قبل المدرسة، ويلاحظون عدم قدرته على مواكبة التوقعات المناسبة لهذا العمر.
يكون الأطفال الذين لديهم إعاقة ذهنية إلى حدٍ ما أكثر عرضة لتطور مشاكل سلوكية، مثل الهيجان، أو نوبات الغضب، أو السلوك العدواني الجسدي، أو الأذى الذاتي.غالبًا ما ترتبط هذه السلوكيات بحالات إحباط معينة تتعلق بضعف القدرة على التواصل والتحكم في الدوافع.قد يكون الأطفال الأكبر سناً ساذجين، ويُستغلون بسهولة، أو يُدفعون إلى تصرفات خاطئة بسيطة.
يعاني حوالى 20 إلى 35٪ من الأشخاص المصابين بالإعاقة الذهنية من اضطراب في الصحة النفسية أيضًا.يكون القلق و الاكتئاب شائعان لدى هذه الفئة من الأطفال، لا سيما الذين يدركون أنهم مختلفون عن أقرانهم أو الذين يتعرضون للتنمر و يعانون من سوء المعاملة بسبب إعاقتهم .
جهود الوقاية
لطفي خميري، الباحث في علم الأوبئة الطبية والإحصاء الحيوي وعلم الأعصاب السريري بمعهد كارولينسكا، الباحث الرئيسي في الدراسة، قال إن «جهود الوقاية والتثقيف ركزت لعقود من الزمن على الأمهات اللاتي يعانين من مشاكل مرتبطة بالكحول»، لكن الدراسة الحالية «تسلط الضوء على أهمية توجيه هذه التدابير أيضاً نحو الآباء الذين يعانون من أنواع مختلفة من اضطراب تعاطي المخدرات والكحول».
وأضاف، في تصريحات على موقع المعهد بالتزامن مع نشر الدراسة، أن «الآلية الأساسية لهذه العلاقة غير معروفة، ولكنها قد تنطوي على عوامل وراثية وبيئية، بما في ذلك التأثيرات السامة الناجمة عن تناول المخدرات والكحول على نمو الجنين». ويأمل خميري أن «تسهم النتائج في الجهود الوقائية، وكذلك في تحسين تشخيص الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية والتدخل في الوقت المناسب الموجه إلى كل من الطفل وكذلك الآباء الذين يحتاجون إلى علاج اضطراب تعاطي المخدرات».