شابان من ذوي الاحتياجات يفتتحان “ورشة نجارة” في غزة
بدأت قصتهما معاً في افتتاح أوّل ورشة للنجارة يعمل فيها ذوو الاحتياجات، بعد تخرجهما من الجامعة، فأنهى إبراهيم أرحيم، الذي وُلد بإعاقة حركية) دراسته في تخصص إدارة الأعمال، بينما حصل عصام الشوا، الذي يعاني ضمورا في العضلات، على شهادته من قسم المحاسبة. فتحديا الواقع ونجحا في افتتاح ورشة للحفر على الأخشاب (cnc) بعد أن فقدا الأمل في الحصول على وظيفة بمجال دراستهما الجامعية.
“إبراهيم” يتنقل مستعيناً بعكاز بلاستيكي بين ألواح الخشب، يحاول أنّ يسند نفسه على قطع أثاث منزلي، ليصل إلى المفك في أعلى الرف. مسرعاً يتوجه إلى ماكينة الرسم على الخشب، ليعطيها الأوامر الالكترونية لبدء حفر أوّل رسمة أنتجها صديقه المقعد عصام، والذي يعمل معه في أوّل ورشة للنجارة يشرف عليها فنياً ومهنياً شخصان من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويشارك “إبراهيم” رفيق دربه “عصام”، الذي يعاني هو الآخر من ضمور عضلات جسده، ما ألزمه الكرسي المتحرك، وحرمه الحركة. يتكئ في حياته على رفيقه إبراهيم، الذي يعد بمثابة شريان الحياة له.
يقول عصام: “كنت أحلم بفرصة عمل، لو صغيرة، أعيش منها، لكن البطالة التي تفشت في كلّ مكان حرمتني من ذلك”.
فكّر الصديقان كثيراً في فكرة تجلب لهما المال، ليصبحا شخصين منتجين، ويهربا من فكرة الاستهلاك، والاعتماد في حياتهم على الآخرين، حتى وإن كانوا من ذويهم.
ويوضح إبراهيم “خطر في بالي افتتاح ورشة للنجارة تعمل على فكرة الحفر على الأخشاب، ولكن الموضوع كان يحتاج إلى كثير من الجهد”.
وبعد مشورة مطولة بين الصديقين، اتفقا على بدء رحلتهما في مهنة النجارة، هرباً من البطالة، وبحثاً عن فرصة عمل يعيشان منها.
بحثا سوياً عن العديد من الوظائف، لكنهما فشلا في الحصول على أيّ فرصة، ما أثّر فيهما نفسياً بشكلٍ كبير، وتحدياً لكلّ الظروف، قرّرا خوض فكرة النجارة والعمل الحر.
بعد البحث استقبلتهم إدارة مؤسسة تعليمية تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، وتتبع بشكلٍ أساسي للجامعة الإسلامية في غزّة (أكبر جامعة على مستوى القطاع)، وبدأت مرحلة تدريبهم على استعمال الماكينات المخصصة للأخشاب وطريقة العمل عليها، والرسم بواسطتها.
وبعد عدة أشهر، تمكن الشابان الطموحان، من الإبداع في العمل على ماكينة الحفر على الأخشاب، وشقا طريقهما في المهنة، عصام حصر نفسه في العمل على برامج التصميم، بسبب الضمور في عضلاته وعدم قدرته على الوقوف خلف ماكينات النجارة.
لجأ إبراهيم وعصام إلى العمل الشاق في المنشرة، بعد بحثٍ استمر سنوات عن فرص عمل ضمن الوظائف الحكومية لكنهما لم يجدا. يقول إبراهيم إنّه لم يتمّ تطبيق قانون حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ولم يعمل به أحد من المؤسسات في قطاع غزّة.
وحول أعمالهم يشرح إبراهيم أنّهم يعملان على تصميم وصناعة الزخارف الهندسية على القطع الفنية والأثاث المنزلي، ويرسمان شخصيات الكرتون على ألواح الخشب، وأطقم النوم الخاصة بحديثي الزواج.
فكرة إنشاء ورشة للنجارة، يشرف عليها فنياً ومهنياً شخصان من ذوي الاحتياجات الخاصة، تُعد أمرا غريبا في غزّة، وهي فكرة إبداعية يتحدى إبراهيم وعصام فيها النظرة النمطية السائدة في مجتمعهم حول ذوي الإعاقة.