أول شخص من ذوي الإعاقة” مبتور الساقين ” يتسلق قمة ” إيفريست “
كثيراً ما نسمع ” قمة إيفريست ” أعلى قمة في العالم، معلومة دارجة ولكن الأغرب ما طالعتنا وسائل الإعلام بما قام به ” هاري بوذا ماغار “، الجندي السابق بالجيش البريطاني، والذي فقد ساقيه في أثناء خدمته بأفغانستان، بمحاولته صعود قمة ” إيفريست ” كسابقة تاريخية لم يسبقه أحد من قبل.
يبلغ هاري من العمر 43 عاما، وقد انطلق يوم الأحد من مقرّ إقامته في كِنت جنوب شرقي إنجلترا، وذلك بعد انتظار أسبوعين في معسكر للتخييم ريثما يتحسّن الطقس، ويأمل في تغيير النظرة المجتمعية لقدرات ذوي الإعاقة، وأن يُلهم ذلك آخرين غيره لكي يتسلّقوا الجبال الشاهقة الارتفاع، أيا كانت طبيعة تلك الجبال”.
التحدي الأول
وكان التحدي الأول أمام هاري يتمثل في عبور جبل “خومبو” الجليدي المنتصب على نهر خومبو الجليدي في الطريق إلى المعسكر رقم واحد، وتمكن من إنجاز هذا التحدي بأمان، ثم أخذ قسطا من الراحة قبل متابعة تسلّق الجبل وصولا إلى المعسكر رقم اثنين، على مسافة حوالي 6,400 مترا.
واستعان هاري في تسلّق الجبل بـدليل في تسلّق الجبال يُدعى “كريش ثابا”، والذي كان يعمل في السابق دليلا للقوات الجوية الخاصة. وذكر ” هاري ” ما لاقاه من صعب، وأنها كانت بالنسبة له دافعاً على ابتكار طرق جديدة في تسلق الجبال، وزيادة عدد الفريق، وذلك وذلك لضمان الأمان طوال الوقت”.
أفغانستان الذكرى الأليمة
يذكر أن “هاري” فقد ساقيه بعد أن دهس على لغم أرضيّ في أفغانستان في عام 2010،وبعد أن أفاق، قال هاري، الذي هو أب لثلاثة أطفال، إنه شعر وكأن “حياته قد انتهت”. لكنه بعد ذلك أقبل على ممارسة رياضات التزلج والغولف وركوب الدراجات والتسلق، حتى استعاد ثقته بنفسه.
ويأمل “هاري” عبر تسلُّق قمة إيفرست في أن يُسهم في تمويل خمس مؤسسات خيرية كانت قد مدّت له يد المساعدة من قبل، وهي التي ساعدته في الخروج من الحالة النفسية السيئة، والانقطاع عن الحياة بسبب بتر ساقيه، إلى التفاؤل والأمل، في صنع الإنجازات في كافة المجالات الحياتية التي يشارك بها، ومن المتوقع أن يستغرق التحدّي مدة تتراوح بين خمسة وسبعة أيام.
جبل إيفريست .. رؤية تاريخية
يعد جبل “إيفريست” أحد الجبال التي كوّنت سلسلة جبال الهملايا، وهو يقع على حدود التبت في الصين ودولة نيبال ساجارماثا وفي شمال الهند أيضاً. وقد سمّي جبل إيفرست بهذا الاسم نسبة إلى البريطاني “جورج إيفرست” الذي اكتشف هذا الجبل أوّلا في عام 1856م، وقد وصفه حينذاك بأنّه أعلى جبال العالم عندما كان يعمل في الهند.
كما ويعتبر هذا الجبل من الجبال الحديثة مقارنة مع غيره من الجبال، حيث إنّ جيولوجية هذا الجبل والذي تشكّل من الحجر الجيري ما زالت حديثة، وهي إلى يومنا هذا لا تزال فيها تحرّكات واندفاعات، وحيث إنّ جبال الهملايا بشكل عام تشكّلت قبل أكثر من ستين مليون سنة، إلّا أنّ الدراسات أثبتت أنّ قمة إيفرست خاصة تشكلت منذ أكثر من ذلك بكثير.
الأوائل في تسلق جبل إيفرست
يعتبر “إدموند هيلاري” و”تنزينج نورغاي” من أوائل الذين وصلوا إلى قمة هذا الجبل منذ أكثر من ستين عاماً، وقد باءت محاولات كثيرة بالفشل، بعدها انتهت بموت الكثير ممن حاول أن يصل إلى قمة هذا الجبل. ويعرف جبل إيفرست بأنّه جبل العناكب حيث تعيش عليه عناكب الهيمالايا، والتي هي مخلوقات نادرة لا تعيش إلّا على هذا العلوّ، حيث تستطيع أن تعيش في جوّ قليل الهواء.
وقد سجل الثنائي “آبا شيربا” و “فوربا تاشي” أرقاماً قياسية في وصولهم للقمة، حيث استطاعا أن يصلوها واحد وعشرين مرة، وقد لاحظا عدة تغييرات على جبل إيفرست، نتيجة الإحتباس الحراري، حيث بدأت بعض الثلوج والأنهار الجليديّة بالذوبان، مما يزيد الخوف أكثر من تسلّقه.
سكان جبل إيفرست هم “سكان التبت”، كانوا ولا يزالون إلى يومنا هذا يسمّون جبل “إيفرست” بـ “تشومولانغما” وهي تعني في لغتهم آلهة أمّ الجبال، بينما النيباليّون يسمّونه “ساجارماثا” والذي يعني في لغتهم جبهة السماء. ومما يجدر ذكره أنّ هناك اختلاف بين الدول التي يقع فيه هذا الجبل، حيث إنّ “الصين” تقول أنّ أعلى قمّة فيه تقع في حدودها دون احتسابها لسمك الثلج، بينما ترى “نيبال” أن القمة الأعلى تقع ضمن حدودها، وقد تمّ الاتفاق في عام 2010م أنّ أعلى قمة تقع في “الصين” بعلوّ 8848 متراً.