(وداد الحيوي).. أيقونة للتحدي والمثابرة في المملكة الأردنية
من مدينة الظليل التابعة لمحافظة الزرقاء بالمملكة الأردنية، انطلقت السيدة (وداد الحيوي) لحصد ألقاب عربية ودولية، مثل: “سفيرة السلام العالمي”، و”ملكة المسؤولية العالمية”. لم تمنعها إعاقتها، من أن تقدم لذوي الإعاقة الدعم والتدريب، وتصبح أيقونة للتحدي والمثابرة في بلادها.
وداد (46 عاما) استطاعت بنجاحها أن تكون ملاذا ومقصدا لذوي الإعاقة، ومفتاحا لدمجهم في مجتمع تجاهلهم ولم ينظر إلى إمكانياتهم وقدراتهم.
خطأ طبي
تروي “وداد الحيوي” لوكالة الأناضول عن معاناتها مع الإعاقة أنها بدأت منذ أن كان عمرها عامين، جراء خطأ طبي أدى إلى إصابتها بشلل الأطفال.
وقالت: “أصبت بشلل الأطراف الأربعة، وحاول والدي حينها معالجتي، تحسنت على الفور بسبب متابعة طبية خارج الأردن لحالتي، وتمكنت من تحريك أطرافي العلوية، ولجأت للعلاج الطبيعي واعتمدت على نفسي بمساعدة العكّاز”.
وبحزن واضح، استدركت: “لكن رفضت المدرسة قبولي بالصف الأول، وأنا أعتبره جهلا وقلة وعي بالكادر التعليمي حينها”.
وتابعت: “اضطر والدي للتواصل مع أحد الأشخاص لقبولي بالمدرسة، وتم ذلك بالفعل”، لتبدأ مرحلة جديدة كانت تعاني فيها من التنمر.
ولم يكد يمر فصل دراسي، حتى توفي والدها في حادث سير، لتتحمل والدتها المسؤولية، وفق وداد.
وتابعت: “درست 3 سنوات بالظليل، وبسبب نقل المدرسة لمكان بعيد تابعت دراستي في مدرسة داخلية حتى الصف العاشر، وكنت آتي إلى منزل والدي في أيام العطلة فقط”.
هذه الأسباب كان لها آثار سلبية على تحصيل وداد الدراسي، تقول: “لم أنجح بالتوجيهي (الثانوية العامة)، وساءت نفسيتي كثيرا، ولم أتمكن من التأقلم مع الناس”.
الخروج للمجتمع
بنبرة تنمّ عن فخرٍ، حكت وداد قصة خروجها للمجتمع، فقالت: “من هناك (عدم اجتيازها للثانوية)، كانت الانطلاقة، إما التحدي والعيش أو الاستسلام”.
وأضافت: “نفذت إحدى المنظمات الدولية برنامجا لتنمية قدرات ذوي الإعاقة بين عامي 2008 و2010، للتدريب على تنمية القدرات والدمج والتمكين”.
وخلال التدريب، تفاجأت وداد بعدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في المنطقة وتعرفت عليهم، ولاحظت حجم المعاناة للأشخاص المرافقين.
شعورها بمعاناة المرافقين، دفعها إلى الاستئذان شهرين من التدريب، لتحصل خلالهما على رخصة قيادة وشراء سيارة، ثم العودة لإكماله.
وذكرت أن التحاقها بذلك التدريب كان ممهدا لفكرتها بإنشاء جمعية يكون الهدف منها مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على أن يكونوا فعّالين بالمجتمع.
النافذة البيضاء
“النافذة البيضاء” الاسم الذي اختارته وداد للجمعية، وأرجعت السبب في ذلك إلى أنها رغبت في أن يعطي “نوعا من التفاؤل والأمل”.
مع التأسيس، اختارت وداد الهيئة الإدارية للجمعية من ذوي الإعاقة، ثم رصدت أعداد ذوي الإعاقة في منطقتها، وكان عددهم يتراوح بين 1700 و2000 حالة.
وأضافت: “لدينا في الجمعية 300 منهم، وفّرنا لبعضهم، بدعم من مؤسسات ومنظمات محلية ودولية، مشاريع منزلية مثل دكان صغير أو تسمين مواشي”.
وأشارت إلى أن بعض الأهالي يخجلون من إعاقة أبنائهم، وأضافت: “علمناهم كيفية التعامل معهم وإخراجهم للمجتمع ضمن ما يسمى أصول التعامل مع ذوي الإعاقة”.
وفيما يتعلق بإنجازاتها، قالت: “نظرة المجتمع قبل 10 أعوام كانت صعبة، خاصة عندما تريد إقناعهم بأن شخصا يحتاج إلى رعاية، قادر على تقديمها”.
واستدركت: “لكن مع بعض المنجزات التي قمنا بها غيّرنا نظرة المجتمع، بل وتعدى الأمر إلى أن عددا ممن تخرجوا منها أصبحوا أصحاب مبادرات”.
وفي إشارة إلى أثر الجمعية، قالت: “زارنا الملك (الأردني) عبد الله الثاني عام 2019، ونظرا لدورنا الهام، أصبحنا نتلقى دعما من شرائح مختلفة بالمجتمع المحلي وعدد من فاعلي الخير”.
مختلف الإعاقات
وعن طبيعة الإعاقات التي تتعامل معها الجمعية، أشارت وداد إلى أنها تشمل “مختلف الإعاقات، حركي وسمعي وبصري، ومتلازمة داون وشلل دماغي”.
ولتحقيق هدفها المنشود، تعمل الجمعية عبر “15 مدربا، من حرفيين، وأخصائيي تربية خاصة، وإرشاد نفسي”، وفق وداد.
طلب الطلايقة (39 عاما)، عضو مؤسس بالجمعية، ورغم صعوبة حركته بسبب إعاقة بساقه اليسرى، إلا أنه عبر عن سعادته بما يقدمونه.
وقال: “الأطفال في جمعيتنا لن يعانوا كما عانينا في وقتنا، وهذا ما نسعى له من خلال تمكينهم في المجتمع المحلي وإثبات قدراتهم للناس”.
أما منى أبو شندي (53 عاما)، فهي مدرّبة بالجمعية وزوجها من ذوي الإعاقة، فقالت: “أفتخر بزوجي، هو العصب المحرك بالبيت”.
وأضافت أبو شندي: “أحسست بأن فكرة وداد بإنشاء الجمعية ريادية وممتازة وتساعد كثيرين من ذوي إعاقة ممن لديهم إبداع ويحتاجون للدعم والرعاية، وأنا هنا لتعليمهم الأشغال اليدوية”.
ووفق إحصائيات رسمية، فإن نسبة الأردنيين من ذوي وذوات الإعاقة تبلغ 11.2 بالمئة من مجمل السكان (نحو 11 مليون ونصف)، ممن تبلغ أعمارهم 5 أعوام فأكثر، وتشمل السمعية والبصرية والحركية.