علاج ثوري جديد قد يبطئ تصاعد مرض ألزهايمر
أُعلن مؤخراً عن نجاح عقّار تجريبي لعلاج مرض ألزهايمر، إذ استطاع العقّار إبطاء معدل تدهور المهارات الإدراكية عند الأشخاص المشاركين في التجربة الإكلينيكية التي تناولت العقار بنسبة 27%. وبينما أشاد بعض العلماء بهذه النتائج، فإن بعضهم الآخر لا يزال يساوره التردد، منتظرًا مزيدًا من البيانات، تضيف إلى ما أُفصح عنه في البيان الصحفي الصادر بتاريخ السابع والعشرين من سبتمبر الماضي. وإذا ثبتتْ صحة تلك النتائج، فسيكون عقار (ليكانيماب Lecanemab)، الأول من نوعه الذي يُظهِر دلائل قوية على تأثيره الإيجابي في المهارات الإدراكية ضمن إطار تجربة مُحكَمة.
وتُعلّق ليانا أبوستولوفا، طبيبة الأعصاب من كلية الطب في جامعة إنديانا بمدينة إنديانابوليس الأمريكية على هذا النبأ قائلة: “ما نراه أمامنا هو انتصار لمجالنا البحثي بأكمله”.
النتائج التي خرجتْ بها التجربة “مبشرة إلى حد كبير”، حسبما يقول كاليب ألكسندر، اختصاصي طب الأمراض الباطنة، وعالم الوبائيات من كلية جونز هوبكنز بلومبيرج للصحة العامة، ومقرها مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية، وعضو اللجنة الاستشارية لإدارة الغذاء والدَّواء الأمريكية (FDA)، لكنه يستدرك قائلًا: “ما زال يتعين علينا الاطلاع على ما تشير إليه التحليلات الكاملة للتجربة”. في الوقت نفسه، ينوِّه ألكسندر، وآخرون، إلى أنه رغم كون النتائج تدل بالفعل على أن عقّار «ليكانيماب» يقدم بعض الفوائد الإكلينيكية، فإن مساحة ذلك التأثير لا تزال محدودة.
وجدير بالذكر، أن عقار «ليكانيماب» طورته شركة «إيساي» Eisai، وهي شركة صناعات دوائية مقرها مدينة طوكيو، بالتعاون مع شركة التقنيات الحيوية «بيوجين» Biogen، ومقرها مدينة كامبريدج في ولاية ماساتشوستس الأمريكية. ويتألف العقار من جسم مضاد، أحادي النسيلة، مُصَمم لإزالة تكتُّلات بروتينية في الدماغ، يعتقد كثيرون أنها أحد الأسباب الجذرية لمرض ألزهايمر. وبحسب تلك النظرية، المعروفة بـ«فرضية لويحات الأميلويد»، فإن بروتين «الأميلويد-بيتا» amyloid-β يتراكم في صورة رواسب سامة، بالتزامن مع تدهور حالة المريض، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إصابته بالخرف.
ويرى باحثون أن عقّار «ليكانيماب» سيساعدنا في الإجابة عمّا إذا كانت هذه الفرضية سليمة من الأصل.
وتجدر الإشارة إلى أنه في عام 2021، أصدرتْ إدارة الغذاء والدَّواء الأمريكية (FDA) قرارًا مثيرًا للجدل بالتصريح باستخدام عقّار «أدِيوكانوماب»، الذي يتكوّن من جسم مضاد آخر أحادي النسيلة طورته شركة «بيوجين»، لعلاج مرض ألزهايمر، دون دليل واضح على وجود تأثير إيجابي له على الوظائف الإدراكية عند المصابين. وكانت تجربتان غير مكتملتين، من المرحلة الثالثة، قد أظهرتا أن العقّار ربما يزيل تكتلات الأميلويد من الدماغ بالفعل، إلا أن مجموعة فرعية واحدة فحسب من بين المشاركين هي التي أظهرتْ تباطؤًا في التردي الإدراكي.
في المقابل، استمرتْ تجربة المرحلة الثالثة على عقّار «ليكانيماب»، التي تحمل اسم «كلاريتي إيه دي» Clarity AD، لمدة 18 شهرًا، دون انقطاع، وأبطأتْ بشكل لا لبس فيه التدهور الإدراكي عند المصابين المرض. وتُبيِّن النتائج الرئيسية التي أصدرتها شركتَا «إيساي» و«بيوجين» الاستنتاجات الحديثة التي أمكن التوصل إليها، من خلال تجارب شملتْ قرابة 1800 شخص من المصابين بمرحلة مبكرة من مرض ألزهايمر، في أكثر من اثني عشر بلدًا.
وقد تلقَّى المشاركون في التجربة حقنًا وريدية، إما بعقّار «ليكانيماب» أو بعقّار وهمي، كل أسبوعين، على امتداد فترة التجربة. ثم خضعوا لتقييم للوظائف الإدراكية باستخدام مقياس من 18 نقطة، يُسمى تصنيف الخرف الإكلينيكي اعتمادًا على تأشير المربعات (CDR-SB). ويحسب الأطباء مستوى القدرة على أداء الوظائف الإدراكية لدى المرضى عن طريق إجراء مقابلات شخصية معهم ومع مقدمي الرعاية لهم، وعن طريق اختبار قدرات المصاب من حيث الذاكرة، والقدرة على حل المشكلات، على سبيل المثال.
لم يقلل عقّار «ليكانيماب» تكتلات الأميلويد في أدمغة المصابين بالمرض فحسب، بل إن من خضعوا لنظام علاجي به سجلوا في المتوسط تفوقًا بمقدار 0.45 نقطة على مؤشر تصنيف الخرف الإكلينيكي، عند انتهاء الثمانية عشر شهرًا التي امتدت لها الدراسة، مقارنةً بأولئك المشاركين في مجموعة العقّار الوهمي.
ويصف روب هاورد، وهو طبيب نفسي من كلية لندن الجامعية، هذا الفارق بأنه “ضئيل للغاية وغير ملحوظ تقريبًا مقارنة بالعقّار الوهمي”. ورغم اختلافه، هو وآخرين، حول تعريف النتائج التي تُعد ذات دلالة إكلينيكية، فهم يرون أنها تتمثل في إحراز تحسُّن على المؤشر سالف الذكر، بمقدار يتراوح بين نصف نقطة ونقطتين.