“عبد الله البردّوني”.. فقد بصره فى طفولته وأصبح من أشهر شعراء اليمن
هو شاعر كبير, شهير, مؤلف, ناقد. عاش في القرن الخامس عشر الهجري, العشرين الميلادي. كان معاصر لي, بمحافظة ذمار, إنه عبد الله بن صالح بن عبد الله بن حسن, البردّوني.
ولد ونشأ في قرية البردون سنة 1348هـ وافق سنة 1929م,. ويعد البردوني من أبرز شعراء اليمن المعاصرين؛ فقد بصره وهو في السادسة من عمره لإصابته بمرض الجدري, حفظ أجزاء من القرآن الكريم فى كتاب قريته ثم انتقل إلى قرية مجاورة تسمى المحلة، وهذه القرية تقع في ناحية عنس جنوب شرق مدينة ذمار, وأتم فيها حفظ القرآن الكريم, ثم انتقل إلي مدينة ذمار والتحق بالمدرسة الشمسية والتحق بحلقات العلم في المسجد الكبير. تلقى العلم على عدد من كبار العلماء ومنهم العلامة المفتي لطفي الديلمي والعلامة محمد الصوفي، والعلامة صالح الحودي، والعلامة حسين الدعاني، والعلامة أحمد التويرة، وتلقى فيها دروس النحو وأصول الدين والفقه واللغة.
وفي مطلع الأربعينات تقريبا وبالتحديد في عام 1943م انتقل البردوني إلى صنعاء والتحق هناك بالجامع الكبير بصنعاء، وبدأ يدرس فيه حيث قضى عدة شهور فقط ودرس فيه على يد العلامة أحمد الكحلاني والعلامة حميد ميعاد. وبعدها التحق البردوني بدار العلوم بصنعاء، واستفاد فيها من الأساتذة البارعين في العلوم الدين واللغة والفقه والتاريخ من أمثال العلامة جمال الدين الديب، والعلامة الفخري الرقيحي، والعلامة قاسم بن إبراهيم وغيرهم حتى وصل إلى درجة الغاية.
وحصل البردوني بعد ذلك على إجازة من دار العلوم برئاسة العلامة علي فضة، “في العلوم الشرعية والتفوق اللغوي.
عين مدرساً للأدب العربي في المدرسة العلمية, وشغل العديد من الأعمال الثقافية الحكومية, منها لجنة النصوص في إذاعة صناء, ثم مديراً للبرامج وكان له برنامج أسبوعي يسمى “مجلة الفكر والأدب”, استمر يعده حتى وفاته, كما عمل مشرفاً ثقافياً على مجلة الجيش وكان البردوني يكتب مقالة أسبوعية في صحيفة 26 سبتمبر، بعنوان “قضايا الفكر والأدب”. كما كان يكتب في صحيفة الثورة بعنوان “شؤون ثقافية”.
بدأ يكتب الشعر وهو في الثلاثة عشر من عمره, وله قصص في بداية عمره ومن مؤلفاته الشعرية من أرض بلقيس: (في طريق الفجر, مدينة الغد, لعيني أم بلقيس, السفر إلى الأيام الخضر, وجوه دخانية في مرايا الليل, زمان بلا نوعية, ترجمة رملية لأعراس الغبار, كائنات الشوق الآخر, رواغ المصابيح, جواب العصور, رجعة الحكيم بن زائد…).
ومن مؤلفاته الفكرية: (رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه, قضايا يمنية, فنون الأدب الشعبي في اليمن, اليمن الجمهوري, الثقافة الشعبية تجارب وأقاويل يمنية, الثقافة والثورة, من أول قصيدة إلى آخر طلقة، دراسة في شعر الزبيري وحياته, أشتات, دراسة في شعر الزبيري).
جمعت له الأعمال الشعرية الكاملة, وصدر في مجلدين عن الهيئة للكتاب في صنعاء سنة 2002م.
شارك في تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وعين في مؤتمره الأول رئيساً له, وشارك في عديدٍ من المؤتمرات الأدبية العربية, وحصل على العديد من الجوائز, منها أبي تمام في مهرجان الموصل في العراق, وجائزة شوقي في القاهرة, وجائزة الأمم المتحدة اليونسكو, وجائزة مهرجان جرش بالأردن, وجائزة سلطان العويس بالإمارات.
ترجم عدد من أعماله إلي لغات عدة, وكتبت عنه العديد من الكتب والدراسات, تناولت حياته وشعره ومنها: (البردوني شاعراً وكاتباً لطه أحمد إسماعيل رسالة دكتوراة – القاهرة, الصورة في شعر عبدالله البردوني د. وليد مشوح – سوريا, شعر البردوني، محمد أحمد القضاة رسالة دكتوراة – الاردن, قصائد من شعر البردوني ناجح جميل العراقي).
ومن شعره أشهر قصيده له ( أبو تمام) يقول فيها:
حـبيب وافـيت من صنعاء يحملني
نـسر وخـلف ضلوعي يلهث العرب
مـاذا أحـدث عـن صـنعاء يا أبتي؟
مـليحة عـاشقاها: الـسل والـجرب
مـاتت بصندوق “وضـاح” بلا ثمن
ولـم يمت في حشاها العشق والطرب
كـانت تـراقب صبح البعث فانبعثت
فـي الـحلم ثـم ارتمت تغفو وترتقب
لـكنها رغـم بـخل الغيث ما برحت
حبلى وفي بطنها (قحطان) أو(كرب)
“حـبيب” تسأل عن حالي وكيف أنا؟
شـبابة فـي شـفاه الـريح تـنتحب
قصيدة “بشرى النُبّوة”:
يا خاتم الرُسل هذا يومك انبعثت
ذكراهُ كالفجر في أحضان أنهارِ
يا صاحب المبدأ الأعلى، وهل حملت
رسالة الحقّ إلاّ روح مختارِ؟
أعلى المبادئ ما صاغت لحاملها
من الهدى والضحايا نصب تذكارِ
فكيف نذكر أشخاصا مبادئهم
مبادئ الذئب في إقدامه الضاري؟!
إلى أن قال:
مالي أغنّيك يا ” طه ” وفي نغمي
دمع وفي خاطري أحقاد ثوّارِ؟
تململت كبرياء الجرح فانتزفت
حقداً على الجور من أغوار أغواري
يا “أحمد النور” عفواً إن ثأرت ففي
صدري جحيم تشظّت بين أشعاري
” طه” إذا ثار إنشادي فإنّ أبي
“حسّان” أخبارهُ في الشعر أخباري
وتوفى الشاعر الكبير رحمه الله في مدينة صنعاء في اليوم التاسع عشر من شهر جمادى الأولى 1420ه, الموافق الثلاثين من شهر اغسطس سنة 1999م.