عبرات

منجزات طلبة الأونروا.. عصا مزودة بجهاز استشعار لأصحاب الإعاقة البصرية

هذه إحدى قصص بعض الطلاب الاستثنائيين من لاجئي فلسطين. كان كل واحد منهم طالبا في الأونروا، وهو يساهم الآن بشكل إيجابي في تنمية المجتمع والمجتمع العالمي. في عام 2010، دخلت كل من “الأونروا” و”أسيل الشعار” و”نور العارضة”, من مدرسة عسكر التابعة للأونروا في مخيم عسكر بالضفة الغربية المحتلة التاريخ بكونهن أول فلسطينيين يفوزون بجائزة في مسابقة العلوم الأولى للشباب في العالم. لقد قمن بالتنافس مع 1500 من المتأهلين للتصفيات النهائية من جميع أنحاء العالم، وحصلن على “جائزة خاصة في الإلكترونيات التطبيقية” في معرض إنتل للعلوم والهندسة في سان خوسيه، كاليفورنيا لاختراعهم المبتكر لعصا استشعار إلكترونية للمكفوفين. ترسل العصا إشارة الأشعة تحت الحمراء إلى الأسفل وإلى الأمام لمساعدة ضعاف البصر على “رؤية” ما إذا كانوا يقتربون من حفرة. قال مارك أوسلان، المدير في الاتحاد الأمريكي للمكفوفين: “على الرغم من وجود أنواع مختلفة من “عصي الليزر” منذ أوائل السبعينيات، فإن تصميم الفتيات قام بحل عيب أساسي في النماذج السابقة من خلال اكتشاف الثقوب في الأرض”.

حافز إنساني

وعن خلفية ابتكار هذه العصا، تقول مشرفة المشروع المعلمة جميلة خالد في تصريح للجزيرة نت، إن الحافز الإنساني هو ما حث الطالبات على الذهاب نحو تطوير عصا الإرشاد للمكفوفين. وحسب جميلة فإن نسبة المكفوفين في المجتمع الفلسطيني لا تختلف عن المجتمعات الأخرى، لكن المختلف هنا أنهم لا يتلقون أي نوع من المساعدات مقابل البيئة الصعبة التي يعيشونها. ومن المعلوم أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين عموما تعاني من بنية تحتية معدومة تقريبا، في ظل تقليص الأموال المخصصة لدعم السكان هنا بسبب تراجع ميزانيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.

وتوضح الطالبة أسيل الشعار تقنية تطوير العصا، مبينة أنها مزودة بمجسات تطلق إشارات تحذيرية “رجاجة” ناتجة عن إرسال أشعة تحت الحمراء.

وخصصت هذه التقنية، وهي القيمة المميزة للمشروع، لمساعدة الكفيف الذي يعاني أيضا من إعاقة مركبة “فقدان البصر والسمع معا” حيث يشعر بإنذار رجّاج في يده بمجرد وصوله إلى منطقة فيها عثرات أو حفر أو خلال صعود ونزول الدرج. وتعطي العصا إنذارات صوتية مختلفة النغمات في حالات وجود عوائق أمام الكفيف أو حفر، وهي عصا خشبية جوفاء خفيفة الوزن لا يشكل حملها عبئا على الكفيف، ومغلفة بشريط عاكس يلفت انتباه المركبات المسرعة.

خيبة وآمال

ورغم حالة الاحتفاء التي لاقتها الفتيات الثلاثة، إلا أن مسحة من الخيبة بدت في أحاديثهن وهن جالسات في مختبر العلوم البسيط بمدرستهن، حيث إن المشروع مع أهميته لم يجلب حتى الآن من يتبناه وينتجه بكميات تجارية يستفيد منها المكفوفون في كل العالم. وتضيف المعلمة المشرفة جميلة خالد أن تكلفة إنتاج العصا الواحدة تقدر بين 150 و200 دولار، وهو أمر بسيط إذا ما قورن بالأجهزة الإلكترونية التي تقدم خدمات أكثر بساطة منها.

ولم تقتصر فائدة المشروع المطور على المكفوفين المستفيدين منه، بل ساهم حسب الفتيات الثلاث في تغيير حياتهن، وزاد مهاراتهن العلمية والبحثية. وتقول نور عارضة إن تجربة المشروع وفوز العصا المطورة وسفرهن إلى الولايات المتحدة أضافت لها كثيرا من حيث التعرف على تقنيات تطوير الأفكار، كما زادت شخصيتها قوة.

وفيما كانت نور تفكر سابقا باستكمال تعليمها العالي في مجال الهندسة والمعلوماتية، تقول إنها باتت تشعر أنها قادرة على تقديم جديد لكل محتاج. وبعد وفاة عمتها بمرض السرطان، قررت نور أن تمضي في مجال الأبحاث المختصة بعلاج هذا المرض لعلها تساهم في إنقاذ أرواح كثير من المصابين به.

أما أسيل أبو ليل، التي تخطط لدراسة طب النساء، فتقول إن المشروع كان فرصة ليرى من خلاله العالم قدرة الفلسطينيين على النجاح والابتكار إذا توفرت لهم الظروف. وتستكمل أسيل الشعار سلسلة طموحاتها بالقول إنها تفكر اليوم بدراسة “هندسة الجينات” الذي “هو موضوع صعب، لكنني لا أعتقد أن هناك صعبا على عقل الإنسان إذا توفرت له الإمكانية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى