حماية ورعاية

هل الإدمان المرض والانحراف

هل الإدمان مرض أم انحراف؟ كثيرًا ما يسأل من يدعمون المدمن هذا السؤال، وللإجابة على هذا السؤال يقول خبراء مركز التعافي للطب النفسي وعلاج الإدمان: تأتي من فكرة إمكانية إلقاء اللوم على المدمن إذا كان اختار الانحراف والإدمان باعتبار الإدمان وصمة عار مجتمعية، فهل الإدمان مرض أم انحراف فعلا، ولماذا يعتبره البعض مرضًا ويعتبره آخرون انحرافًا؟ وإذا كان مرضًا هل يمكن علاج الإدمان نهائيا؟

لماذا يعتبر البعض الإدمان انحراف؟

بعض الناس يعتقدون أن المدمن اختار الحياة التي هو فيها، وأن الإدمان لا يمكن أن يكون مرضا لأنه ناتج عن اختيار، وهذا الحكم قاسيا بعض الشيء، لأن المرات الأولى لتعاطي المخدرات قد تكون من اختيار المدمن لكن ما يلي ذلك كله من سلوكيات أو أنشطة إدمانية هي نتيجة السيطرة التامة للمخدر على المخ وتغيير تركيبة الدماغ.

ويعتقد هؤلاء الناس أن الاختيار قد يكون سببا في المرض، فمرض السكري مثلا قد ينتج عن اختيارات شخصية تتعلق بالنظام الغذائي وكذا بعض السرطانات مثلا وغيرها.

ولكن سواء كانت الاجابة على سؤال هل الإدمان مرض أم انحراف تميل إلى أي من الخيارين، فما نتفق عليه في كلا الحالتين هو أن الإدمان مرض يمكن العلاج منه فقط يحتاج إلى علاج مكثف وشامل يعتمد على مبدأ التغيير وليس فقط التوقف عن التعاطي.

هل الإدمان مرض أم انحراف؟

الإدمان لم يعتبر يوما سلوك انحرافي بل هو مرض مزمن طويل الأمد يمكن السيطرة عليه، فالإدمان أو اضطراب تعاطي المخدرات تحديدا مرض مزمن وعلاجه ممكن بسهولة ودون ألم، وبالتالي، الأمر يحتاج منك فقط أن تبدأ، حتى تقلل المخاطر النفسية والجسدية وتتقلل فرص الانتكاسة والعودة من جديد إلى مربع الصفر، لأنك مع العلاج الجيد والمتابعة المستمرة والدعم المتواصل يمكن لأي كان أن يتعافى من مرض الإدمان.

وحتى أسوأ الأمراض التي نتجت عن الإدمان يمكن علاجها، حيث تقوم المستشفى العلاجي أولا وقبل العلاج بتقييم الوضح الصحي وقياس مدى ضرر المخدر لوضع برنامج علاجي خاص بكل مريض وحده ليتعافى تماما من المخدر ومن كل ما تسبب فيه.

لماذا يعتبر الإدمان مرضا؟

يخشى الكثير من الناس من أن تصنيف الإدمان كمرض يعفي المدمن من مسؤوليته عن أفعاله، وهذا ليس صحيحا، لأن الإدمان يؤثر على الدماغ وبالتالي يكون المدمن رهن إشارة الدماغ الواقع في قيود المخدر.

دعنا نوضح أن أول مرة يتعاطى فيها المدمن المادة المخدرة هي بكامل إرادته واختياره بغض النظر عن السبب الذي دفعه لأخذها، ولكن النتيجة التالية للإدمان هي مرض، لأن الإدمان يغير من تركيبة الدماغ ويؤدي إلى تسامح تام غير مرغوب فيه لدى المدمن، وبالتالي يمكننا القول باطمئنان أن الإدمان مرض مثله أمراض القلب والسكري، وغيرها وهذا المرض يعرف باضطراب تعاطي المخدرات.

مثل هذه الأمراض ، قد ينتج الإدمان عن مجموعة من العوامل الوراثية وخيارات نمط الحياة. لذلك ، بينما يمكننا تحديد خيارات نمط الحياة كبداية للإدمان، تذكر أن هذه الخيارات لا تتم بشكل مستقل عن ثقافة الشخص أو بيئته أو فرصه.

فإذا اعتبرنا أن الإدمان مرض يخطف الدماغ، فكيف يمكننا تفسير عملية الاختطاف والتغيير التي تحدث لدماغ المدمن؟ حدد الأطباء ثلاثة أشياء تؤدي إلى مرض الإدمان وهي:

1. النشوة:

عندما يستلذ الإنسان بشيء ما، يعالج الدماغ هذه اللذة بغض النظر عن مصدرها، ويطلق كمية معينة من الدوبامين، وتقوم المخدرات بزيادة هذا الإنتاج من الدوبامين عن المعدل الطبيعي العادي، مما يؤدي إلى إغراق مستقبلات المتعة وبالتالي فإن احتمالية الإدمان على مخدر ما قد تتوقف على السرعة التي يعزز بها إفراز الدوبامين وكثافة الكمية المفرزة.

2. التعود:

عندما يختبر الدماغ مصدرا معينا من المتعة، تتفاعل إندفاعات الدوبامين مع النواقل العصبية المسؤولة عن تذكر المنبهات التي تسبب المتعة، وبالتالي أي مكان أو رائحة أو عاطفة أو شخص تم التعاطي معه سيتذكره الدماغ وسيعتبره مصدرا للمتعة.

عندما يواجه الشخص هذه العلامات التي تذكره بالمتعة، تحفز الناقلات العصبية الدماغ للبحث عن مصدر المتعة هذه بإفراز الرغبة الشديدة والتي تلح على الشخص حتى يصل إلى مصدر المتعة، وبالتالي فإن الحديث عن أن الإدمان إرادة كلام مغلوط، لأن الدماغ وتركيبته الكيميائية هي ما يلح على المدمن في الحصول على المخدر.

3. التسامح والإكراه:

الدماغ التي تتعرض للمخدر لأول مرة تكون في حالة ارتباك، تخيل أن  الدوبامين المفرز نتيجة المخدر عشرة أضعاف الدوبامين العادي، ومع التكرار تغلق مستقبلات الدوبامين أبوابها أو يقل الإنتاج وبالتالي يكون المخدر هو مصدر الدوبامين الأول، ومن هنا يكون الشخص مكرها على المخدر.

فرغم انخفاض إنتاج الدوبامين أو انعدامه، تدفع النواقل العصبية الرغبة الشديدة نحو البيئة التي أفرزت أو ساهمت في إفراز الدوبامين وبالتالي يقدم المدمنين على تعاطي نفس المادة بتسامح تام ويزيدون منها أو يضيفون عليها.

وهذه التأثيرات الكيميائية تجعل من المدمن مريضا أسيرا للمخدر، فتتلاعب في كيمياء الدماغ وهو ما يسبب مرض الإدمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى