في زمن قدره 12 ساعة و39 دقيقة.. “خالد حسان” أول معاق مصري يعبر المانش عام 1982
يعتبر سجل السباحين الذين عبروا المانش حافلاً بأسماء عدد من الأبطال العرب المرموقين فكان البطل المصري “إسحاق حلمي” أول سباح عربي يعبر المانش عام 1928م, وعبر بعده كثيرون يتقدمهم “حسن عبدالرحيم”, الذي عبر المانش لأول مرة عام 1948م، ثم عبر المانش من إنجلترا إلى فرنسا عام 1949م، ومن فرنسا إلى إنجلترا عام 1950م، كذلك عبر المانش البطل “مرعي حسن حماد”, عامي 1949م و 1951م، وعبر البطل “عبداللطيف أبوهيف المانش” عام 1951م .
كما عبر المانش كل من عبدالمنعم عبده، ومحمد بكر، وسيد العربي عام 1952م. ومن الأحداث المثيرة في سجل الأبطال العرب لسباحة المسافات الطويلة عبور أول سباح معوق للمانش حديثًا، وهو البطل المصري “خالد حسان” وهو ذو رجل واحدة.
وقد حقق الأبطال السعوديون رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا في سباحة تتابع المانش ذهابًا وعودة من إنجلترا إلى فرنسا عام 1397هـ، 1977م، كما حقق كل من البطلين السعوديين علوي محمد مكي، والسيد فاخر رقمين قياسيين عالميين جديدين لسباحة المانش عام 1978م.
حكاية خالد حسان
ولدت البطل المصري خالد حسان في22 ديسمبر.1960 وعندما كان في العاشرة من عمره, حيث كان يعمل في أحد محلات العصير بالإجازة الدراسية, وكان يذهب لشراء لبن لعمل مشروب السوبيا, ركب الترام وعند القفز منه وقع تحت عجلاته في ميدان الفلكي, وكان نتيجة هذا بتر في الساق اليسري, وكسر مضاعف بالساق اليمني, وترقيع في عضلة السمانة, وتركيب مسمار في الساق اليمني.
مرر البطل المصري خالد حسان بمرحلة عصيبة في حياته حيث مكث في مستشفي قصر العيني سنتين لتلقي العلاج, وبدأ يشعر بالاختلاف عن أقرانه, ولكن الله ألهمه القدرة علي التحمل وأن يتعايش مع وضعه الجديد, وظل يبحث عن مكان وطريقة لاستغلال طاقته ومكث سنتين بدون دراسة لعدم التجانس ولعدم مساعدة أحد له, ثم حصل علي الشهادة الابتدائية من المنزل, ولأننه وجد معاملة مختلفة بيني وبين زملائه بالمدرسة فكان هذا دافعاً لإثبت للآخرين أنه مثل أقرانه.
وبدأ خالد حسان في البحث عن ذاته والتفكير والتأمل والانفصال عن الواقع الأليم, ومارس هواية صيد الأسماك, وفي أحد الأيام انزلق إلي داخل المياه, ولم يكن يعرف السباحة, فكان همه أن ينقذ نفسه من الموت المحقق, وبالفعل تمكن من فعل ذلك, وظل حزينا داخل البيت بسبب ما حدث له, ولكنه لم يستمر طويلا في حزنه, وذهب لنفس المكان مرة أخري, فاكتشف أنه كان سيغرق في منطقة ضحلة.
ومن هنا بدأ “خالد حسان” يكتشف المياه, حيث كان يستخدم جسم المركب ليتعلم السباحة, إلي أن وجد نفسه يطفو ويتحمل المياه..
دفعه حب الاستطلاع إلي تتبع المعاقين الذين كانوا يسيرون, ودخل بعدها إتحاد السباحة الطويلة عن طريق التأقلم والتقييم ثم حب الاستطلاع والبحث, ثم اكتشاف البطولة, وبدأ في مشروع رفع الروح المعنوية للمعاقين والتي كانت تشرف عليها وزارة الشباب والرياضة ثم تعلم الكثير من الألعاب الرياضية مثل ألعاب القوي ( قرص- رمح- جله- عدو60 مترا- وثب عالي) بالإضافة إلي السباحة القصيرة وكرة القدم الترفيهية.
تدرب البطل المصري علي هذه الرياضيات وكذلك رياضة سباحة المسافات الطويلة عام78 وكان أول بطولة يشارك فيها هي بطولة الجمهورية للسباحة الطويلة للمعاقين من المعادي إلي عائمة الاتحاد المصري للسباحة بقصر النيل وحصل علي المركز الأول, ومن هنا بدأ يتذوق طعم البطولة.
مشاركات دولية
وفي عام80 شارك في أولمبياد المعاقين بمدينة أرنهام بهولندا في كلا من السباحة القصيرة 100 متر حرة ورمي القرص ودفع الجلة ورمي الرمح والوثب العالي وكان أصغر لاعب بالبطولة, وكان في هذا الوقت يمارس رياضة المعاقين دولياً من خلال وزارة الشئون الاجتماعية, حيث حصل علي المركز الأول في تصفيات السفر المؤهلة لبطولة الناشئين في خمس ألعاب ( قرص رمح جله- وثب عالي كرة الطائرة جلوس ووقوف) بمدينة ستوك ماندفيل بإنجلترا سنه 79 وحصل بعثة مصر المشاركة في بطولة الناشئين بـ ستوك ماندفيل علي المركز الثاني في الكرة الطائرة جلوس ووقوف حيث كانت أول مرة تمارس هذه اللعبة دوليا.
وعام80 شارك في اوليمبياد بمدينة أرنهام بهولندا في كلا من السباحة القصيرة 100 متر حرة ورمي القرص ودفع الجله ورمي الرمح والوثب العالي وكان أصغر لاعب بالبطولة وشارك مع الفريق المصري بأول أولمبياد للمعاقين يمارس به كرة الطائرة جلوس.
وكان لديه حلم بأن يصبح بطلاً, وولدت فكرة عبور المانش عن طريقة متابعته للفريق المصري في العام الدولي للمعاقين سنه1981, وتساءل لماذا لا أعبر المانش بمفردي وكان هذا بمثابة التحدي لإرادته, وتم تكوين فريق وتم إعداد الخطة لعبور المانش وكانت خطة التدريب شاقة وتعتمد علي التدريب مرتين صباحا ومساءا بمعدل10 تمرينات أسبوعيا وراحة يوم أسبوعيا ثم قياس تطور الأداء في اليوم السابع واستمرت فترة الاستعداد بعد عبور المانش تتابع بقدر بسنة واحدة.
عقبات
وحول أهم العقبات التي واجهته أثناء عبور المانش يقول: مشكلة التمويل, حيث رفضت الوزارة التمويل لاعتقادها بعدم قدرتي علي عبور المانش حيث كانت آخر تجربة لي في دمياط والتي بدأت من رأس البر إلي دمياط, وبسبب إصراري كتبت إقرارا علي مسئوليتي إذا حدث لي أي مكروه في حالة قيامي بعبور المانش, حيث كان شعاري في هذه الفترة (العبور للشاطيء الفرنسي أو الخروج من الحياة) وكانت أكثر من12 ساعة و39 دقيقة تساوي في طموحها وتحملها وإصرارها وتحديها للصعاب عمرا بأكمله.