خطوات عملية لانتشاله من دوّامة الإدمان .. ابني “مدمن عنيد” يرفض العلاج.. ماذا أفعل؟
قد يعترف “المدمن العنيد” بحجم المشكلة التي أدت إلى الإدمان، ولكنه ينكر مسؤوليته عنها، لأنه لا يستطيع أن يتوقف عنها أو أن يتعامل معها جيداً، فقد يكون يعلم هذا في قرار نفسه ولكنه لا يعرف كيف يمكن النجاة؛ لهذا يبدو للوالدين أن يتعمد إنكار الإدمان، وأنه يعاند في هذه المشكلة، ولا يعترف بها.
لهذا عندما يبدأ الوالدان بعرض المشكلة عليه، يشرع في الدفاع عن نفسه بطريقة مندفعة وقوية، منكراً أي ذنب أو خطأ، وهو قد يكون معترفاً به في قرارة نفسه.
لغة الحوار الهادئة
يجب على الوالدين الحفاظ على اللغة الهادئة في الحوار، والإصرار على تقديم الدعم النفسي والعاطفي دون اللجوء لإلقاء اللوم عليه، لأن هذا سيزيد من إنكاره للإدمان.
لا ينتهي دور الأسرة عند الذهاب بالابن إلى أحد هيئات او مصحات علاج الإدمان، ولكن أيضاً يجب أن توفر الأسرة البيئة الداعمة التي تساعد على استكمال العلاج والخروج الدائم من دائرة الإدمان؛ لهذا يجب على الوالدين بعد عودة الابن من مصحة أو هيئة العلاج، اتباع ما يأتي:
- الحرص على تقديم البيئة الداعمة له، والتي ستساعده على عدم الانتكاس مرة أخرى.
- الحرص على إشراكه في الأنشطة الأسرية مثل الذهاب للنزهات أو العمل مع الحرص على إبعاده عن دوافع أو مثيرات الإدمان.
- الحرص على إلحاقه ببعض الهيئات الترفيهية أو الرياضية مثل النوادي الرياضية وغيرها.
هل المدمن العنيد يرجع طبيعياً بعد العلاج؟
في الواقع لا يمكن الرد على هذا السؤال بإجابة مطلقة فهذا محدد بعدة عوامل مثل:
مدة التعاطي.
نوع المخدر الذي يتم تعاطيه.
كفاءة برنامج سحب السموم الذي التحق فيه.
كمية المخدرات التي كان تعاطيها، فقد يكون متعاطياً لأكثر من مخدر في الوقت ذاته.
كل العوامل السابقة تؤثر على مدة العلاج وعلى الكيفية التي يعود بها المدمن بعد العلاج، ولكن من المهم جداً أن نفهم أن الإدمان مثله مثل باقي الأمراض المزمنة بمعنى آخر يمكننا القول أنه: (يمكن الوقاية منه. يمكن علاجه. إذا لم يتم التعامل معه بالتدخل العلاجي فإنه قد يستمر مع الشخص مدى الحياة).
المدمن العنيد س، ج
هل تجاهل المدمن العنيد هو حل يدفعه للبحث بنفسه على العلاج؟
لا. تجاهل المشكلة لا يمكن أن يكون حلاً مثالياً، الأفضل اتخاذ الوسائل الداعمة وتقديم المشورة له دون استخدام العنف أو لومه حتى لا يزيد هذا من إدمانه.
إذا لجأ الأبوان إلى جميع الوسائل ولم تجد نفعاً، في هذا الحال يجب أن يتم الاستعانة بأحد الخبراء النفسيين للمساعدة على جذب الابن لطريق العلاج بدلا من الكف عن المحاولة.
كيفية التعامل مع المراهق المدمن؟
يظن بعض الآباء أن الحديث مع المراهق العنيد لا يجدي نفعاً ولا يمكن أن يصلوا به لحل المشكلة، وبالتالي فإنهم يتجاهلون الحديث مع المراهق، وهذا غير صحيح، ومن الأفضل التعامل مع المراهق بكافة الوسائل العلاجية مع استخدام لغة الحوار الهادئ، ولكن الجدير بالذكر أن ثلثي المراهقين المدمنين يعود السبب لإدمانهم بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والانزعاج وغيرها، لهذا من الأفضل السعي لحل المشكلة من جذورها.
الطرق السلبية في التعامل مع المدمن العنيد
يجهل عدد كبير من الوالدين طرق التربية السليمة والصحيحة والطرق التي يجب عليهم أن يتبعوها عندما يتعاملون مع أبنائهم، سواء كان ذلك في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو حتى بعد أن يكبر هؤلاء الأبناء، ونتيجة لطرق التربية الخاطئة فإن الأبناء يلجأون إلى تعاطي المواد المخدرة، وليس ذلك بالطبع السبب الوحيد لكنه سبب قوي من أسباب وجود عدد كبير من المدمنين بين صغار السن والمراهقين، ويرجع ذلك إلى سببين أو طريقتين خطأ تتبعهما الأسر في التربية، هاتين الطريقتين عكس بعضهما البعض.
الطريقة الأولى هي القسوة في المعاملة، حيث أن عدد كبير من الأسر تقسو في التعامل مع الأبناء في مرحلة معينة من مراحل حياتهم وهي مرحلة المراهقة بالتحديد، حيث يميل المراهق إلى التمرد وعدم الخضوع وعدم تنفيذ الأوامر التي يأمره بها الوالدين ولذلك فإن الوالدين في أغلب الأحيان يلجأوا إلى العنف، هذا العنف ينتج عنه عدد كبير جدا من المشكلات، أهم هذه المشكلات وأخطرها على الإطلاق هي لجوء هؤلاء المراهقين والشباب الصغير إلى المواد المخدرة، يرجع ذلك إلى أنهم يفتقدون الحنان والحب والاحتواء في المنزل ويبحثون عنه خارج المنزل، وهنا فإن للأصدقاء دور كبير جدا.
وهذا ينقلنا لخطأ آخر وهو عدم وجود رقابة أسرية من قبل الوالدين على الأصدقاء المصاحبين للأبناء، وقد يكون بينهم أصدقاء غير أسوياء يدفعون الأبناء إلى تعاطي المواد المخدرة، فيتعاطى المراهق المواد المخدرة فينفصل عن العالم تماما ويهرب يذلك من قسوة الوالدين ومن المعاملة التي يلقاها في المنزل، هذه القسوة لا تكون بالضرب والعنف فقط، وإنما قد تكون أيضا بنقصان العطف والحنان والاحتواء داخل المنزل، هذه الحاجات هي حاجات ضرورية وأساسية في الحياة، فالحب يقع على قمة هرم الاحتياجات التي يحتاج إليها الإنسان، وكل إنسان يحتاج إلى الحب والدعم من قبل أسرته ومن قبل الأشخاص المحيطين به، وعندما يفتقد هذا الحب في منزله فإنه يبحث عنه في الخارج.
الطريقة الثانية الخطأ في التربية، هي عكس الطريقة الأولى وهي التدليل الزائد وعدم إشعار المراهق أو الشاب بالمسؤولية، هذا التدليل الزائد يفسد أخلاقه بالتأكيد، فهو لا يشعر بأي مسؤولية ولا توجد رقابة عليه، حيث أنه يفعل ما يريد وقتما يريد، هذه الطريقة أيضا تدفع الشباب إلى تعاطي المخدرات، وعندما تكتشف الأسرة وجود مدمن في داخلها فإنها تحتار في طريقة التعامل مع المدمن العنيد، وكيفية اقناعه بالتوجه إلى مستشفى أو مصحة حتى يتلقى العلاج من هذا الادمان، وهنا فإن الأسرة يجب أن تستيقظ إلى إنه إذا كانت طريقة التربية ما قبل الإدمان قد دفعت الشاب إلى الإدمان، فإن طريقة المعاملة بعد الإدمان مهمة جدا، ويجب عليهم أن يكونوا منتبهين لكل كلمة يتفوهون بها أمام الشاب المدمن، حيث أنه يكون حساسا جدا، إلى جانب أنه قد يرفض العلاج في البداية.
المدمن غالباً ما يكون عنيد، حيث أنه يفقد السيطرة على نفسه ولا يوجد في عقله ولا في تركيزه سوى الحصول على المواد المخدرة، وكذلك فإن حالته النفسية والمزاجية تكون متقلبة جدا، فيكون عصبي شديد العصبية، ويجب على الأسرة أن تحتوي هذا الشاب وأن تقدم له النصائح وأن تغمره بالحب والعطف والاحتواء والحنان، وكل هذه المشاعر التي افتقدها منذ البداية، كما أنه يجب عليهم أن يشعروه بثقتهم في قدرته على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
ودعمه لكي يتقدم إلى مستشفى لعلاج الادمان، عليهم أيضا تشجيعه حتى يستطيع أن يتجاوز فترة العلاج من الإدمان، فالتعافي لابد أن يعقبه هدف، هذا الهدف يضعه المدمن حتى يستطيع أن يتعافى، وعندما يتعافى المدمن من الإدمان فإن على الأسرة عدم وصمة بما حدث له في الماضي وعدم تذكيره بهذه التجربة القاسية، لأن أي معاملة سيئة لهذا المدمن ستؤثر عليه، وربما ينتكس مرة أخرى.