“محمد كرم” طفل متلازمة داون.. يحصد البطولات الدولية
قد يستسلم بعض الأمهات أمام إعاقة أحد أبنائهن من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن ثمة أمهات أُخريات حققن المستحيل، واستطعن تحدّي إعاقة أطفالهن والوصول بهم إلى نجاحات، تؤكد أننا أمام “أمهات بطلات” بمعنى الكلمة.
ومن هذه النماذج، السيدة المصرية إلهام عبد الغفار، 55 عاماً، فبعد أن أنجبت “إلهام”، ابنتيها في عامين متتاليين، قررت أن تتفرغ لتربيتهما، وألا تنجب مزيداً من الأطفال، لكن شاءت الأقدار أن تحمل من دون تخطيط في طفلها الثالث “محمد كرم”، بعد 14 عاماً من إنجاب طفلتها الأخيرة، لكنه جاء إلى الدنيا بقدرات خاصة ومختلفة.
أنجبت “إلهام” ابنها “محمد” مصاباً بمتلازمة داون، وعرفت الأم ذلك في يومه الرابع، عندما أخبر الطبيب زوجها بأنه سيتأخر في كل شيء مقارنة بالأطفال الأسوياء.
ظنت الأم في البداية أنه تأخر طبيعي، وكم من الأطفال الذين يتأخرون في الكلام أو المشي، لكن الطبيب طلب منها أن تقوم بإجراء فحوصات طبية وتحاليل كثيرة له. وجاءت النتيجة عندما كان عمره شهرين بأنه مصاب بمتلازمة داون، وأول ما دار في رأس الأم حينئذ سؤال: هل سيكون شكله منغولي مثل جميع مرضى المتلازمة؟!
أخبرها الطبيب أنه يوجد دواء جديد في أمريكا يعمل على تغيير ملامح الأطفال مصابي المتلازمة، بحيث لا تستطيع تمييزهم عن نظرائهم من الأطفال الأسوياء، فأرسلت الأم لشراء الدواء وواظبت عليه، وبالفعل من يرى محمد لا يعتقد أنه مصاب بمتلازمة داون على الإطلاق، إلا إذا كان من المتخصصين.
بالتوازي مع ذلك، عملت الأم على التدخل المبكر وألحقته بمركز لتأهيل مصابي المتلازمة، وكان محمد هو أصغر طفل هناك، لأنه كان رضيعاً، وصممت الأم على أن يلتحق بالمركز كي يستفيد، والإدارة كانت متفهمة الأمر، فكان بمثابة تجربة للجميع.
ومشى “محمد” في الوقت الطبيعي لمشي الأطفال، لكنه تأخر في الكلام، فألحقته أمه بدروس تخاطب، وفي كل مراكز التأهيل والتخاطب كانت الأم ترافقه حتى تكرر معه الدروس في المنزل، ويستجيب بشكل أسرع.
فضلاً عن ذلك كانت الأم وشقيقتاه يخرجون معه مرددين له الأسماء والأشياء والعلامات الموجودة في الشارع حتى حفظها، وكذلك كان لأبيه دور كبير في أن يندمج في المجتمع الخارجي، فقد كان الأب يخرج معه بصفة مستمرة حتى ينشط ذهنه واستيعابه.
وفي عمر ست سنوات توجهت به الأم إلى عالم الرياضة والتحق بألعاب القوى، لكن إعاقته كانت شديدة، وكان من الصعب أن يحقق فيها إنجازاً، لكن الأم كنت مُصرة على التجربة.
وفي عمر الثامنة، كان “محمد” قد اقترب من سن تحقيق البطولات التي تكون عند العاشرة من عمره، فبدأت الأم تشاركه في ألعاب مختلفة؛ مثل السباحة والتنس، وعندما وصل إلى سن البطولة نصحها المدربون بضرورة أن يختار رياضة واحدة فقط، فاختار السباحة وحصل على بطولة الجمهورية في مصر عن عمر 11 عاماً، وحصل عليها مرة أخرى في عمر 12 عاماً.
وسافر “محمد” إلى سوريا عام 2010 في بطولة العرب، كما سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 2014، وحصل على مركز أول في ألعاب القوى جولة وجري، وفي 2015 حصل مع المنتخب على بطولة كرة اليد من لوس أنجلوس بمركز الثالث على العالم، وفي الأعوام 2015 و2016 و2017 على التوالي حصل على بطولة الجمهورية مع فريقه لكرة السلة بنادي الشمس الرياضي.