أصالة وسيد مكاوي والشريعي.. فنانون تحدوا الإعاقة
لم تقف الإعاقة حائلا دون أمام أحلام بعض مشاهير الفنانين، بل إنهم نجحوا في تحويل كل عبارات الشفقة والحزن التي تزيد من أوجاعهم، إلى عبارات ثناء وإعجاب، بدّلوا الدموع التي تملأ عيون الأهل إلى لمعان يعكس مدى انبهارهم بمن باتوا حديث الملايين.
ونستعرض فى هذه السطور، أبرز مشاهير الفن العرب الذين عانوا من الإعاقة، إلا أنهم نجحوا في تناسي معاناتهم وفي أحيان كثيرة حوّلوها لفن يقطر إبداعًا ومحوا كلمتي “العجز” و”المستحيل” من قاموسهم، ومنهم:
سيد مكاوي
عُرف الموسيقار الراحل سيد مكاوي بخفة ظله، وبنبوغه الموسيقي، وبحديثه الساخر عن حاسة البصر التي فقدها وهو في مرحلة الطفولة، فلم يولد صاحب “الليلة الكبيرة” في مايو 1928 ضريرًا، ولكن بعد إصابته بالتهاب في عينيه عالجته والدته بالوصفات الشعبية، ففقد الشيخ سيد مكاوي بصره.
حفظ مكاوي القرآن الكريم، عُرف بشغفه للموسيقى، وكانت والدته تحرص على إهدائه إسطوانات الموسيقى بعد أن تشتريها من بائع الروبابيكيا، وعمل فترة مقرءًا ومنشدًا في المواليد، قبل أن تستجيب الدنيا لبسمته وروحه الطيبة الجميلة، وتفتح له ذراعيها وتجعله أحد أهم وأشهر نجوم الموسيقى والغناء في العالم العربي، ويجمعه القدر بكبار نجوم المطربين والمطربات وفي مقدمتهم “الست” أم كلثوم.
توفي مكاوي في أبريل عام 1997، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا، ومن أشهر أغانيه “يا مسهرني”، “أوقاتي بتحلو”، “قال إيه بيسألوني”، “رباعيات صلاح جاهين”، “حلوين من يومنا”، “ليلة إمبارح”، “وحياتك يا حبيبي”.
عمار الشريعي
ولد في 16 أبريل عام 1948 في محافظة المنيا، وتوفي في 7 ديسمبر 2012، ولم يجعل فقدانه للبصر ينتصر عليه، كافح واختار ببصيرته النافذة المجال الذي آمن بأنه سينجح فيه، وسيكون أحد أهم مشاهيره، هو الموسيقار عمار الشريعي، تعلم العزف في صغره على عدد كبير من الآلات الموسيقية، منها “العود والأورج”.
قدم عشرات الأغاني لكبار نجوم الغناء في مصر والعالم العربي، كما وضع الموسيقى التصويرية لعدد من أشهر الأفلام والمسلسلات، منها “رأفت الهجان”، “الزيني بركات”، “الراية البيضا”، “البريء”، “كتيبة الإعدام”، “الجلسة سرية”، “أيام في الحلال”، “نصف ربيع الآخر”، “عصفور النار”، ومسرحية “علشان خاطر عيونك” ومسرحية “الواد سيد الشغال”.
عبد اللطيف الكويتي
الفنان الراحل عبد اللطيف الكويتي واحد من أبرز أهل الطرب الكويتي، واعتبره الكثيرون مطرب الكويت. وهو أول مطرب كويتي يغني في الإذاعات العربية والأجنبية، والحفلات الغنائية خارج الكويت. اختار اسم الكويت للتأكيد على انتساب فنهُ لها، وقدم نحو 400 أغنية.
التحق الموسيقار الكويتي في بداية حياته بمدرسة الملا زكريا الأنصاري، بالكويت فدرس بها القرآن والحساب واللغة العربية، ثم التحق بمدرسة خاله عبد العزيز حمادة الذي كان في الوقت نفسه قاضياً في المحاكم الشرعية.
ويُروى عنه أنه عشق الشعر العربي الفصيح منذ سنوات طفولته المبكرة، حيث لفت انتباه معلميه بقدرته الفذة على حفظ الشعر وترديده بطريقة سليمة، خصوصاً وأنّ أخاه الأكبر عيسى العبيد كان من شعراء النبط الذي غنى صاحبنا من كلماته لاحقاً أغنيتين من أوائل أغانيه هما: «شيء عجيب يا ولد منصور» و«حبيب أفكاري غزال». وفي هذا السياق قال الكويتي في لقاء مع إذاعة البحرين سنة 1971 إنه تأثر بأخيه الذي”كان يحب الشعر ويحفظه وكان دائماً في غرفته يكتب الشعر وكنتُ دائماً أقدم له الشاي وأسمَعه يغني”.
في عام 1932، كان أول مطرب كويتي تطأ قدماه القاهرة بدعوة من شركة «أوديون للتسجيلات» بحي الموسكي التي تعاقدت معه على تسجيل مجموعة من الألحان.
وفي القاهرة التقى الكويتي الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان قد قابله للمرة الأولى في بيروت في منزل مدير شركة أسطوانات «بيضافون» وتحادث معه حول أغاني الخليج العربي، كما قابل أم كلثوم ومحمد القصبجي، وأمير الشعراء أحمد شوقي، حيث يُروى أن أم كلثوم لفت انتباهها تواجد شخص غريب في شركتها (شركة أوديون) فسألتْ عنه، فقيل لها إنه مطرب من الكويت تم التعاقد معه ليسجل مجموعة من ألحانه للشركة في القاهرة. عندها طلبتْ منه أم كلثوم أن يُسمعها شيئاً من الطرب الكويتي، لكنه حاول الاعتذار بحجة أنّ «أغانينا لا تصلح لكم».
وفي ظل إصرار أم كلثوم، أخذ الكويتي عود محمد القصبجي، وراح يغني «يا بديع الجمال، والله عجبني جمالك»، والأغنية من كلمات وألحان خالد الفرج. ولما لاحظ انسجام أم كلثوم، تشجّع وأخذ العود وعزف وغنى لها صوت «يا ليلة دانة».
عبد العزيز محمود
عبد العزيز محمود صعيدي النشأة من مواليد سنة 1914 فى الحرزية فى سوهاج، واسمه عبد العزيز محمود الخناجري، عمل كسائق لنش فى شركة “شل للبترول” حتى تعرض لحاث أثناء عمله فى البحر، بترت قدمه اليسرى، وأدى ذلك إلى استغناء الشركة عنه، فتفرغ للغناء فى الأفراح ونال شهرة واسعة فى مدينة بورسعيد، وقام بالغناء والتلحين لمعظم المطربين، منهم عبد الحليم حافظ وشادية وسعاد مكاوي وسواهم.
وفي عام 1937 تم اعتماده في الإذاعة، بعد أن سمعه الموسيقار الراحل مدحت عاصم، رئيس قسم الموسيقى والغناء وقتها، فاعتمده فى الإذاعة وقدم له أول لحن. كان متعدد المواهب فقد قام بالغناء لكل أشكال الغناء الشعبي والعاطفي والوطني.
شارك فى أكتر من 25 فيلما سينمائيا منها: (منديل الحلو مع تحية كاريوكا وشباك حبيبي مع نور الهدي وتاكسي الغرام مع هدي سلطان وأسمر وجميل مع سعاد مكاوي وجنة ونار مع نعيمة عاكف)
إمام عيسى
في 2 يوليو عام 1918 استقبلت أسرة فقيرة تسكن إحدى قرى الجيزة، مولودا جديدا أطلقت عليه إمام، عاش شهوره الأولى بشكل طبيعي حتى أصابه الرمد، ومثل “طه حسين” لعب الفقر والجهل دوريهما في أن يفقد الطفل بصره، لاعتماد أسرته على الوصفات البلدي دون الذهاب للطبيب.
حفظ القرآن، وكان حبه لصوت الشيخ محمد رفعت واحدًا من أهم أسباب عشقه للغناء، تعلم الموسيقى على يد الشيخ درويش الحريري، وكوّن ثنائيا مع الشاعر أحمد فؤاد نجم، قدما معًا مجموعة من أجمل الأغاني التي كانت في معظمها تتحدث عن الوطن والسلبيات المنتشرة في أرجائه.
توفي في 7 يونيو عام 1995، ومن أشهر أغانيه “شرفت يا نيكسون بابا”، “مصر يامه يا بهية”، “جيفارا مات”، “يا بلح أبريم”، “شيد قصورك”، “أنا رحت القلعة وشفت ياسين” و”بقرة حاحا”.
أصالة
أصيبت الفنانة السورية أصالة في طفولتها بمرض شلل الأطفال، وأمر الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد بعلاجها على نقفة الدولة، لكونها كانت طفلة موهوبة تتمتع بصوت رائع، وأكدت أنها أول من كشف عن إصابتها بالمرض في تصريحات وحوار، ولم تنكر هذا الأمر أبدًا.
ولدت أصالة في دمشق بمايو عام 1969، وحققت نجاحاً كبيراً في عالم الموسيقى والغناء، ومن أشهر أغانيها “خانة الذكريات”، “يا مجنون”، “نص حالة”، “سامحتك كتير”، “مبقاش أنا”، “آسفة”، “قد الحروف”.