مقالات

العلم التشاركي٠٠ بداية عصر جديد للعلم والتعلّم والبحث العلمي

لقد بدأ البحث العلمي منذ بدء الحياة الإنسانية على الأرض، وهو ركيزة أساسية لعمارة الأرض التي تعبّد الله سبحانه بها الإنسان. وقد مر بمراحل تطورت مع تطور الحياة.

لقد بدأ بصورة شغف (فردي)، أي بدأ العلم (بأفراد هواة) سجلوا ملاحظاتهم واستنتاجاتهم للعالم من حولهم، ومع تطور طرق المواصلات وتقنيات التواصل، أصبح هؤلاء الأفراد يتبادلون الفكر والعلم، ووُجدت الاجتماعات بينهم. وفي القرون الأخيرة، ومع تأسيس الجامعات ومراكز البحوث، استحدث مسمىً وظيفي لم يكن موجوداً من قبل، وهو (باحث علمي). هؤلاء الباحثون يعملون غالباً في مجموعات بحثية داخل حيز جامعاتهم، ومع تطور تقنيات المواصلات والتواصل، توسعت المجموعات البحثية لتشمل باحثين من جامعات ودول متعددة، ولكنها استمرت محصورة داخل إطار الجامعات والمختبرات.

ثم مع ما نشهده من ثورةٍ في وسائل التواصل والانترنت وتطبيقات الهواتف الذكية وغيرها مما يتطور بتسارع أدّى إلى تغير كبير في نمط الحياة، وظهرت مشاركات للجماهير في كل شأن، وأصبحت مشاركة الناس أمر متعارف عليه في كل أمر تقريبا….

ويبدو لي أن البشرية في بداية مرحلة وعصر جديد للعلم والتعلم.

أي أن السياق التاريخي والاجتماعي يتجه نحو التعميم والمشاركة، ونعتقد أن الاهتمام بمساهمات الجمهور سوف يخدم البحث العلمي ويؤدي إلى رؤىً علمية جديدة، ويساعد على تطوير البحث ويخدم المؤسسات التعليمية ويوفر بيانات أكبر لمتخذي القرارات، وينشر الثقافة العلمية والوعي لدى المواطن ويمكّنه من المشاركة في القرارات التي تتخذ فيما يتعلق به.

تتطور الحياة الاجتماعية بتطور العلم والتقنية والتي بدورها تتطور بتطور الحياة واحتياجات الناس. والعلم التشاركي هو أسلوبٌ للعلم والتعلم فرضه نمط الحياة الحالية وتطوّر التقنيات المتوفرة.

فما هو هذا الأسلوب المستحدث للعلم والتعليم؟

العلم التشاركي أو Citizen Science، يعني مشاركة الجمهور بكل فئاته في اكتساب وإنتاج ونشر العلم والمعرفة.

بفضل تطور تقنيات التواصل والمواصلات بين البشر أصبحوا يتشاركون في كل شيء تقريبا، الفكر والرأي والخبر والمعلومة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن معظم ما تتناقله وسائل الإعلام من أخبار وتوثيق للأحداث هو من انتاج ومساهمة الجمهور الذين هم بالأصل ليسوا إعلاميين. ويأتي دور مؤسسات الإعلام الرسمية في التأكد من صحة ومصداقية الخبر قبل نشره في سياقه.

فماذا لو استفادت مراكز الأبحاث العلمية بنفس الطريقة من مشاركة الجمهور في جمع وإنتاج و/ أو تحليل البيانات تحت إشراف العلماء المتخصصين.

مما لا شك فيه أن القدرة الجمعية هائلة، إذا تنظمت جهودها وصُوبت نحو الهدف. والعلم التشاركي هو تنظيم للأنشطة الاعتيادية للناس وتوجيهها نحو خدمة البحث العلمي والعملية التعليمية والثقافية.

  • فكر فيما يمكنك تحقيقه إذا كان لديك فريق يضم مئات أو آلاف أو حتى ملايين الأشخاص الذين يجمعون البيانات أو يحللونها لدعم بحثك!!
  • هذا الفريق من (المتطوعين) هم غالباً، يزاولون أعمالهم الاعتيادية وهواياتهم الشخصية أثناء جمع تلك البيانات، أي أنهم لا يتكلفون ولا يكلفون المؤسسة البحثية مادياً بشيء يذكر، وأعدادهم كبيرة وانتشارهم واسع. فهل لك أن تتصور المردود العلمي الضخم والتوفير الهائل من الإنفاق على البحث العلمي بالاستفادة من مشاركة الجمهور؟
  • معلوم أيضاً أن التعلم بالممارسة والمشاركة في انتاج المعلومة أكثر أهمية وأبلغ تأثيرا من التعلم بالتلقين الممل، فماذا لو اعتمدنا مشاريع في مدارسنا وجامعاتنا لمشاركة الطلاب في انتاج وممارسة العلم تحت إشراف المدرسين المدربين؟
  • من الطبيعي أن مشاركتك في بحث أو اكتشاف علمي سيكسبك وعي وثقافة علمية وأسلوب علمي في التفكير ستنقلها بدورك إلى أصدقائك ومن هم حولك، فينتشر ذلك في المجتمع بشكل أكثر متعة من الوسائل التقليدية التي تتسم غالبا بالجمود وشكل النصائح المملة.

ذلك هو العلم التشاركي، الموضوع الذي أحب أن أطرحه اليوم عليكم لإيماني بأهميته وحاجتنا الماسة إليه في بلداننا العربية.

فمنذ 2012 ونحن في منظمة المجتمع العلمي العربي نتابع تطوراته ونكتب عنه وندعو إليه، وأشكر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) لإتاحة الفرصة لي اليوم لطرحه عليكم ومناقشته معكم، لعل أن يكون هذا اللقاء المبارك بإذن الله مفتاح خير كثير وبداية عصر جديد، بحول الله.

هدفي اليوم هو طرح المفهوم والتعريف به وبأهميته بشكل عام. أما التفاصيل فتحتاج مزيدا من اللقاءات والمشاركة.

لتوضيح المفهوم سأضرب مثالا في مجال البحوث العلمية، لنفرض أن بحثك العلمي يتطلب مراقبة نوعية المياه في ساحل البحر ورصد ما يطرأ عليها من تغيرات، ملوثات، أو مغذيات، أو مواد كيماوية أو اشعاعية، كمية العوالق وأنواعها، نسبة الأكسجين، الخصائص الكيماوية

  • الوضع الحالي الاعتيادي هو تكليف فريق لأخذ عينات في وقت أو أوقات محددة وفي مكان معين وفي فترة معينة.
  •  والنتيجة: تكلفة مادية وكمية بيانات محدودة، ونتائج محدودة بمحدودية تلك البيانات.

بالمقابل، عندما يُطبق العلم التشاركي سوف تعلن للجمهور (صيادين، هواة الرحلات، هواة الغوص أو الغواصين، سكان المدن والقرى الساحلية…)، تعلن عن حاجة الجامعة لمراقبة البيئة البحرية وتبين لهم أهمية هذه المراقبة لهم وللبيئة وما يترتب عليها من المحافظة على البيئة والصحة والثروة السمكية والاقتصاد …)، وتشرح لهم كيفية جمع المعلومات التي تحتاجها، عينات أو صور، حسب المطلوب. مهم جدا توعية الناس بأهمية ما تطلب منهم وأن مردوده سيعود عليهم هم، وتوعيتهم بالبيئة وآثار التلوث على الأحياء البحرية وعليهم بالنتيجة، كل هذا توعية للجمهور واكتساب للمهارات

يمكنهم جمع عينات من المياه مثلا، طوال السنة بل السنوات، وعلى طول الساحل وعلى مسافات مختلفة منه، وعلى أعماق مختلفة. فالصيادين على سبيل المثال، يرتادون البحر بشكل يومي تقريبا ولن يكلفهم أخذ عينة من مكان ما فيه وقتاً ولا جهداً. وهناك أعداداً كبيرة منهم تتوزع في كل مكان في البحر وفي كل الأوقات على مدار العام.

كل المعلومات يمكن توصيلها للجميع من خلال موقع وصفحات التواصل الرسمية للمجموعة البحثية. ويمكن تزويد بعض المتطوعين بأدوات خاصة لجمع العينات إن لزم الأمر.

المشاهدات والصور وكل البيانات يمكن إرسالها مباشرة من خلال تطبيق في هواتفهم الذكية بما في ذلك الوقت واحداثيات المكان بدقة، أو منصة مخصصة لذلك على الانترنت، والعينات يمكن تحديد مراكز لجمعها

ويأتي دور الباحثين في الجامعات إلى التأكد من صحة البيانات وجمعها وتحليلها واستخراج النتائج.

النتيجة

كميات كبيرة ومتنوعة ومستمرة من البيانات، واسعة جغرافيا وزمنيا، وبأقل التكاليف. وبالتالي نتائج ودراسات أشمل وأعمق وأدق.

زد على ذلك،

  • إذا تشارك في هذا البحث أو ذاك مجموعات بحثية مختلفة من داخل الجامعة أو من جامعات أخرى من داخل أو خارج البلد، فهذا يعني اتساع رقعة البحوث العلمية ونوعيتها ورفع مستوى البحث والباحثين والمؤسسات البحثية.

فكم سيكون المردود من الناحية العلمية والتعاون البحثي وتكوين الشبكات العلمية المتخصصة ودعم المجتمعات العلمية العربية؟

  • كما أن ادماج المجتمع له انعكاس هام على ثقافة الناس والوعي والمحافظة على البيئة وطريقة التفكير العلمي، والتحفيز للانخراط في الدراسات والتخصصات العلمية المختلفة. كل ذلك له آثار اجتماعية واقتصادية وصحية لا تقدر بثمن.

وقل مثل ذلك في أي نوع من البحوث والمشاركات.

يستخدم العلم التشاركي القوة الجماعية للمجتمعات والجمهور لتحديد أسئلة البحث، وجمع البيانات وتحليلها، وتفسير النتائج، واكتشافات جديدة، وتطوير التقنيات والتطبيقات، وغيرها.

إن التعاون الضخم الذي يمكن أن يحدث من خلال العلم التشاركي يسمح بالبحث على المستويات المحلية والقارية والعالمية وعبر عقود من الزمن، ويؤدي هذا إلى اكتشاف ما لا يمكن تحقيقه عبر باحث واحد أو مجموعة من الباحثين.

وخلال العشرين سنة الماضية، استعانت آلاف المشاريع بملايين المشاركين في جمع أو توثيق أو تحليل البيانات ومعالجتها، حول العالم. ويتزايد عدد الدراسات البحثية التي تستفيد من العلم التشاركي كل عام.

بل إن العلم التشاركي أصبح علماً بحد ذاته، يدرس في الدراسات العليا وتجرى عليه الدراسات والبحوث والدورات التدريبية والتعليمية حول العالم.

وتأسست له جمعيات علمية متخصصة على المستوى المحلي والدولي، تُعقد المؤتمرات السنوية بينهم لتبادل الخبرات والآراء والتعاون بينهم. كما أصدرت مجلات علمية محكمة حوله.

وتتنوع مشاريع العلم التشاركي حسب نوع المشاركة، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع:

  • مشاريع جمع البيانات

وهي المشاريع التي يقوم فيها متطوعون لم يكن لديهم تدريب رسمي كباحثين بجمع بيانات يمكن استخدامها في بحوث علمية نظامية. مثل مراقبة البيئة ورصدها، ومن أمثلة ذلك: دراسة الطيور المهاجرة، والحشرات مثل النحل والفراشات، أو الزواحف والنباتات البرية، والأحياء المائية، ورصد حالة المياه في المستنقعات والبحيرات والأنهار والبحار، والطيور والنباتات الغازية، ومشاهدات الطقس والمناخ وغيرها. وهناك عدد من برامج العلم التشاركي التي تمثل مصدر نشيط وفعّال للبيانات تأتي مباشرة من الجمهور.

مثال ذلك،the Community Collaborative Rain, Hail & Snow Network  وهي شبكة غير ربحية non-profit  تقوم على أساس مجتمعي من متطوعين يقيسون و يموضعون هطول الأمطار وتساقط الثلوج باستخدام أدوات قياس زهيدة التكلفة مع موقع الكتروني تفاعلي. المشروع بدأ في كولارادو عام 1998 واليوم يضم شبكات تعمل عبر الولايات المتحدة وكندا، وتضم آلاف المتطوعين، جعلوها المزود الأكبر للمشاهدات اليومية لهطول الأمطار وتساقط الثلوج في أمريكا الشمالية.

فرص المشاركة لا حدود لها اليوم، وهناك مشروع يتوافق مع أي هواية أو اهتمام أو فضول. والمشاركة سهلة في كثير من الأحيان، ربما يكون استخدامك لهاتفك المحمول أو عبر الانترنت يمكّنك من جمع وتقديم الملاحظات والبيانات وكذلك لرؤية النتائج. كما أن المشاركة ممكنة من أي انسان بغض النظر عن عمره أو جنسه أو وظيفته وخلفيته.

وهذه المشاريع تحقق نتائج علمية مهمة، وتسفر عن زيادة وعي المشاركين.

  • مشاريع معالجة البيانات

ساعدت الانترنت أيضاً في بزوغ نوع آخر من العلوم التشاركية لمعالجة البيانات وإيجاد الحلول، ومن المشاريع المعروفة عالمياً: مشروع Galaxy Zoo والذي هو سلسلة من المشاريع وكانت النسخة الأولى منه بين عامي 2007-2009 ، حيث جُنّد الجمهور لتصنيف صور الفضاء التي تم التقاطها بواسطة تلسكوب هابل، حيث قام أكثر من مائة وخمسون ألف شخص في السنة الأولى فقط، بتصنيف أكثر من خمسين مليون صورة، وبديهي أنه لم يكن بإمكان العلماء انجاز كل هذا بأنفسهم حتى لو استعانوا بخوارزميات معقدة، فعيون البشر أفضل في مثل هذه التحليلات من الآلة.

كما توجد مشاريع أخرى على نفس المنوال منها تحليل صور فضائية أدّت إلى اكتشافات على سطح القمر.

ومن أنواع تلك المشاريع، نمذجة مناخ الأرض باستخدام سجلات السفن والرحلات التاريخية، لمساعدة العلماء على استعادة المشاهدات والملاحظات المتعلقة بالطقس والتي سجلت بواسطة سفن منذ منتصف القرن التاسع عشر، وذلك من خلال تجنيد الجمهور لرقمنة المخطوطات والكتابات المدونة في دفاتر سجلات تلك السفن. هذه البيانات لا شك أنها تطور وتحسن المعرفة المجمعة عن الأحداث البيئية، مما يعني فهم أفضل لما حدث في السابق، وتقود إلى تحسين نمذجة الأنماط المناخية المستقبلية.

كما توجد مشاريع لرسم خارطة الخلايا العصبية في الدماغ البشري، وحل مسائل معقدة في الرياضيات.

المتطوعون غير مدفوعي الأجر والذين تحركهم رغبة ذاتية ودوافع اجتماعية ربما يكونون مصدراً هاماً لإنجاز هذه المشاريع خاصة أن تكلفتها هائلة. وبالمقابل تساعد المشاركين على زيادة فهمهم للعلم والانخراط فيه، وفهم أعمق وربما أمتع لهواياتهم.

الاعتراض الرئيسي لهذه الأنواع من مشاريع العلم التشاركي، أنه قد يعد استغلالاً من قبل الباحثين لجهود الناس مجاناً، ولكي يتم تفادي ذلك يجب أن تذكر أسماء المشاركين أمام مشاركاتهم حتى في الأوراق البحثية المنشورة لضمان حصولهم على التقدير المناسب؛ من جهة أن معرفة الفضل لأهله مروءة ودين وانصاف، ومن جهة أخرى، تشجيعاً للمشاركة والتعاون، فالكل يحب أن يُقدّر ويُذكر.
 

  • المشاريع القائمة على مناهج

ونعني بها المشاركة في مشاريع قائمة محلياً أو عالمياً، أو تلك التي تصاغ حسب المناهج التعليمية ويشرف عليها المدرسون. والميزة الرئيسية لهذه المشاريع القائمة على المناهج هي الهيكلية الواضحة وطبيعة التدريب والمواد ودعم البرامج التي تسهل مشاركة الشباب.

هذا النوع من المشاريع القائمة على المناهج الدراسية، وإشراك المعلمين من المدرسين وغيرهم فيها، قد يكون مفيداً بشكل خاص لإشراك الطلبة الذين ليس لديهم اهتمام مسبق بالعلوم وجعلهم أكثر اهتماما. لكن لابد من تدريب كبير للمعلمين ولا سيما إذا كانت المشاريع تؤكد على التعلم القائم على الاستفسار. لذا، فإن اختيار المدرسين والمشرفين المتميزين علمياً وتربوياً له أهمية قصوى.


الخلاصة

 العلم التشاركي في المدارس

أثبتت الدراسات أن تأثيرات العلم التشاركي على الطلاب من مرحلة ما قبل المدرسة إلى الصف الثاني عشر تأثيرات حقيقية.

لذا، يجب التفكير جدياً في إدماج أسلوب التعلم التشاركي في تدريس المناهج العلمية.

 كيف يخدم تطبيق العلم التشاركي البحث العلمي؟

  • سد الفجوات: يسد العلم التشاركي الثغرات من خلال تسخيره قوة الناس الذين يحفزهم الفضول أو الرغبة في دفع البحوث أو القلق بشأن الظروف البيئية في مجتمعاتهم، ثم ربطهم بالمشاريع التي تستفيد من طاقتهم وتفانيهم.
    خلقنا الله سبحانه مختلفين لنتكامل، فلكل واحد منا اهتمام وشغف بشيء ما، وقدرات وإمكانيات وظروف مختلفة، وفي كل واحد منا بذرة حب للعطاء والخير والحاجة للإحساس بفائدة وجوده، وفلسفة العلم التشاركي تقوم على كل هذا، وتستثمر تلك الطاقات. فيمكن أن يلاحظ الناس أمورا لم يلتفت إليها الباحث، وقد يقترحون وسائل أيضا للجمع والتحليل واستخلاص النتائج
     
  • النطاق: في الماضي، كان جمع عينات كبيرة من البيانات للبحث أكثر المهام صعوبة في أي مبادرة أو مشروع بحثي، أما اليوم ومع العالم المترابط، فالمشاركة العامة تُمكِّن من إجراء تحقيقات تمتد على نطاق أوسع جغرافياً وزمنياً، لا يمكن تحقيقها من قبل.


إذن، يعتبر مشروع العلم التشاركي هام ومفيد في تحقيق أهداف المؤسسات التعليمية والبحثية والاجتماعية وبالتالي للمجتمع، وذلك من خلال مساعدتها في تحقيق أهدافها التعليمية والبحثية والثقافية والاجتماعية.

 كيف ستؤثر المشاركة على الأفراد والمجتمع والدولة؟

مشروع هام ومفيد للمشاركين من نواحٍ متعددة، يمكن اختصارها بجعل العلم وممارسته جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع، منها على سبيل المثال:

  • سيغير المشاركون من العامة في المشروع من تصرفاتهم وإدراكهم للعلم.
  • سيتعلم المشاركون كيف يطبقون الحقائق العلمية على أنفسهم، وبالتالي سيتمكنون من تحسين صحتهم ونمط حياتهم والمحافظة على البيئة المحيطة بهم
  • إذا تعلم المشارك كيفية إجراء البحوث بدءاً من الملاحظات والتجارب والضوابط والترابط والتكرار والمراجعات، إذن فهذا الشخص قد يكتسب طريقة التفكير العلمي ويستطيع فهم وتقييم الادعاءات والأخبار العلمية ويستطيع تقييم صحة ما يستقبله منها يومياً.
  • سيتمكن العلم التشاركي من إعطاء الفرصة لغير المنتمين للقطاع العلمي من المشاركة في حل مشاكل تهمهم. وسينتقل أولئك الأفراد من جانب التلقي إلى جانب المشاركة الإيجابية.
  • هو وسيلة هامة لتعزيز العلاقات بين العلم ومؤسساته والمجتمع.
  • وهو وسيلة هامة لنشر الثقافة العلمية في المجتمع.

كيف نؤسس لتطبيق العلم التشاركي في بلداننا العربية؟

لسنا مبتدعين له، وهناك تجارب كثيرة ومتنوعة موجودة، يمكننا الاستفادة منها، ومن خلال استقصائنا لتلك التجارب يمكننا القول إن كل مشروع يبدأ صغيرا وبجهود ذاتية تقريبا ثم يكبر تدريجيا ويعمم ويتوسع مع الوقت.

ويمكنني الإدلاء ببعض المقترحات:

  • كل أمر يبدأ بالإرادة الصادقة، ثم
  • البدء بالقراءة عن الموضوع والتواصل مع الجمعيات العالمية والمجموعات للتعرف على التفاصيل، وحضور مؤتمرات لهذه الجمعيات.
  • يمكن البدء بمشاريع صغيرة محلية للتدرب على هذا النوع، ربما جمع البيانات وخاصة من البيئة المحلية تكون أسهل.
  • تشجيع الطلاب والمدرسين للانخراط في المشاريع العالمية القائمة.
  • للمدارس، لابد من تكوين وتدريب المعلمين بشكل جيد واختيار المدرسين المتميزين علميا وتربويا.
  • مطلوب من الجامعات توفير البنية التحتية لتطبيق المشروع، مثل التحفيز وتكاليف بناء المنصة الالكترونية والدعم اللوجستي.
  • بعد التجربة والنجاح بحول الله، لابد من إضفاء طابع رسمي على العلم التشاركي، أي بتأسيس جمعيات متخصصة له، كما هو الحال في العالم، وعقد المؤتمرات لتبادل الخبرات عربيا وعالميا.

موزة بنت محمد الربان

رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى