التنمية البشرية.. بين الحقيقة والوهم

هناك كلام كثير جدا يقال ويثار حول “موضوع التنمية البشرية”، في تقديري, الأصل في التنمية البشرية هي أنها علم وطريقة ومنهاج يقصد بهم تقديم فائدة للناس في مجالات كثيرة ومختلفة، وذلك عن طريق نقل أفكار ومبادئ ومهارات وخبرات أشخاص معينين إلى الآخرين، بغرض النهوض بهم اجتماعيا ومهنيا وعقليا ومهاراتيا.
أي خبير أو متخصص أو عامل في مجال التنمية البشرية يجب أن تتوافر فيه عدة عناصر:
أولا: تمتعه بمهارات أو قدرات أو خبرات في مجال معين أو عدة مجالات، يعني مثلا عندما يتحدث شخص عن الإدارة يجب أن يكون قد درس علوم الإدارة، و/أو لديه مهارات في هذا المجال، و/أو قد مارس الإدارة وعنده خبرات جيدة فيها .. وطبعا يستحسن أن يجمع بين كل هذه النواحي، يعني علم + مهارة + خبرة.
ثانيا: أن يكون هذا الشخص عنده القدرة على توصيل المعلومات والأفكار والمهارات والخبرات للناس، أي يتمتع بملكة التدريس أو التدريب والقدرة على التعليم وتوصيل الأفكار والمعاني، وهو ما نسميه “الكاريزما”، أي القدرة على شد الانتباه والتأثير والإقناع، فقد نجد عالما كبير أو أستاذا متميزا في مجال معين أو متخصصا في فرع ما، ولكنه لا يتمتع بهذه الكاريزما، وغير قادر على توصيل علمه ومهارته وخبرته للناس.
ثالثا: أن يكون هذا الشخص مخلصا وأمينا وصادقا في رغبته في توصيل علمه ومهاراته وخبراته إلى الناس، بغض النظر عما يتكسبه أو لا يتكسبه من هذا المجال، المكسب المادي مهم جدا طبعا، فقد تكون هي تلك هي وظيفة هذا الشخص ويتكسب منها، ولكن يجب أن يكون شغفه بها أكبر من رغبته في التكسب منها.
رابعا: يستحسن أن يكون هذا الشخص قد درس موضوع التدريب والتدريس بطريقة أكاديمة محترمة، وذلك لمعرفة وفهم طرق وأساليب التواصل مع الناس، وكيفية إعداد البرامج التدريبية، وتقديمها إلى مختلف أنواع المتدربين أو الدارسين…الخ الخ، وهو ما نسميه تدريب المدربين Training of Trainers (TOT)
في رأي المتواضع أيضا أن المشكلة هي في وجود أشخاص قد تتوافر عندهم الموهبة أو القدرة أو الكاريزما في الوصول للناس وإقناعهم، لكنهم لا يتمتعون بقدر محترم من العلم أو المهارات أو الخبرات، ولا الإخلاص والأمانة والصدق، فيقومون بتوصيل مجرد قشور سطحية وشعارات رنانة فارغة وكلام كبير إلى الناس، لكنه خالٍ من المضمون وبدون محتوى حقيقي وصادق ومفيد .. فالحقيقة أنك تستطيع إقناع أي شخص بأي شيء لو قلته له بالطريقة الصحيحة !!
إذن عندما تود أن تحضر دورة تدريبية أو تدريسية في مجال ما، حاول أن تتأكد من وجود العناصر المذكورة في شخص المحاضر أو المدرب، وذلك بالاستعلام عن علمه ودراسته وخبراته في المجال المطلوب، وأيضا بسؤال من حضر له من قبل عن مهارته وقدرته في التدريب والتدريس، أي كاريزمته في هذا المجال، ثم في النهاية تقوم بتقييم ما حضرته من تدريب ومدى استفادتك الحقيقية منه.
وغالبا لن تعرف هذا كله إلا بعد أن تحضر وتشاهد وتستمع وتجرب، ثم تقيم وتحكم وتقارن.

د. هاني سليمان
مدير التسويق لشركة فايزر الشرق الأوسط سابقا- مدير معهد التدريب القومي بوزارة الصحة المصرية سابقا