نابغون

الجمعية الملكية للكيمياء بالمملكة المتحدة تنتخب أساتذة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية زملاء فيها

انتخبت الجمعية الملكية للكيمياء بالمملكة المتحدة, خمس أساتذة من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، زملاء جدد فيها لدورة التعيين ٢٠٢٠-٢٠٢١. ونوهت الجمعية بأساتذة كاوست: محمد الداوودي وعمر محمد ونيفين خشاب وعثمان بكر و يو هان، على أعمالهم البارزة الرائدة في ميادين عملهم.

تعرف عليهم

هذا وقد نشر الموقع الرسمي للجامعة نبذات عن السير العلمية لهؤلاء الأساتذة والبداية كانت مع أستاذ الكيمياء المتميز الدكتور محمد الداودي، مدير مركز الأغشية والمواد المسامية المتقدمة (AMPM) في كاوست، الذي دأب على تطوير مواد مسامية وظيفية جديدة لمواجهة عدد من تحديات عالمنا اليوم. وصمم وطور الداودي مواد جديدة للمساعدة في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتخفيفها، وجعل عمليات فصل المواد ذات الإستهلاك الكثيف للطاقة، أكثر كفاءة.

لطالما كان الداودي مهتماً بتركيب المواد وتوظيفها. إذ كان مساهمًا رئيسيًا في إدخال حقبة جديدة من الكيمياء في أواخر التسعينيات تسمى الكيمياء الشبكية (كيمياء ربط وحدات البناء الجزيئي بواسطة روابط قوية لإنشاء أطر أو شبكات بلورية مفتوحة). ويعد الداودي رائداً في تصنيع الأطر المعدنية العضوية (MOFs). ولإسهاماته الأساسية في كيمياء الأطر المعدنية العضوية في مجال تطوير استراتيجيات تصميم الأطر المعدنية العضوية الفعالة جاء ادراج الدكتور الداودي على مدار السنوات الثمانية الماضية ضمن قائمة مجموعة شبكة العلوم للباحثين الاكثر استشهاداً بمنشوراتهم البحثية في العالم.

ويقول الداودي: “عندما نصنع هذه المواد الوظيفية الجديدة، فإننا نهدف إلى معالجة التطبيقات المختلفة المتعلقة بالطاقة والاستدامة البيئية. على سبيل المثال، من خلال استخدام موادنا، نتعامل مع عمليات فصل متعددة ذات استهلاك كثيف للطاقة، مثل فصل المنتجات البتروكيماوية بطريقة موفرة للطاقة”.

يعمل الداودي على تطوير أطر معدنية عضوية مصممة بدقة، لاحتجاز الانبعاثات الكربونية كجزء من أجندة الاقتصاد الدائري للكربون. ونجح في الأونة الأخيرة في إيجاد مادة فريدة، أطلق عليها إسم KAUST-٧، يمكنها التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء. وتم اختيار KAUST-٧ من قبل البرنامج الوطني في المملكة، ليتم استخدامها لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة.

ويضيف الداودي: “لقد عملنا على تطوير مواد الأطر العضوية المعدنية لالتقاط الانبعاثات الكربونية منذ تأسيس كاوست، ونجحنا في إيجاد KAUST-٧ كأفضل مادة من نوعها لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء. ونعمل مع أرامكو السعودية وشركة خارجية لتوظيفها على نطاق واسع”.

يشعر الداودي بالحماس تجاه عمله، نظرًا لتوفيره حلول مبتكرة للعديد من المشكلات المجتمعية الرئيسة.. ويقول: “عندما نصنع هذه المواد، فإننا نعمل على مواجهة تحديات العالم الحقيقي بما في ذلك تقليل استخدام الطاقة لفصل المواد، وجعل عملية احتجاز الكربون ذو تكلفة فعالة. إننا فخورون أن تكون كاوست جزءًا من هذا التحول الوطني في المملكة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.

عمر محمد: ديناميات حوامل الشحنة

تهتم المجموعة البحثية للدكتور عمر محمد ، الأستاذ المشارك في علوم وهندسة المواد، بفهم ديناميات حوامل الشحنة في الأسطح والحدود البينية للمواد الحساسة للضوء، التي تستخدم عادة في الأدوات الإلكترونية الضوئية و الخلايا الشمسية.

ويشرح محمد قائلاً: “تدرس مجموعتنا كيفية تأثير الضوء وتشكيل الأسطح على ديناميات حوامل الشحنة فائقة السرعة عند الحدود البينية، التي تفصل بين المواد الماصة والطبقات الناقلة للحوامل. كما نبحث في البارامترات الرئيسية لتصميم المواد، التي تتحكم بعملية نقل الشحنة وأداء وكفاءة الأجهزة الإلكترونية الضوئية والخلايا الشمسية في نهاية المطاف”.

واقترح الدكتور عمر، بالتعاون مع الدكتور عثمان بكر، منهجيات جديدة لتعديل سطح الطبقة الماصة في الخلايا الشمسية (solar cells’ absorber layer). الأمر الذي يتيح، إلى جانب التوصيفات المتطورة الحديثة لحوامل الشحنة لتعزيز نقل واستخلاص الإلكترونات، تصنيع خلايا شمسية تحقق رقماً قياسياً وتقوم على بيروفسكايت وحيد البلورة (perovskite single crystals).

طور محمد أول جيل من التصوير رباعي الأبعاد في نظام المسح في معهد كاليفورنيا للتقنية (كالتيك) مع مرشده البروفيسورأحمد زويل –الحائز علي جائزة نوبل في الكيمياء. وأكمل محمد ومجموعته البحثية عملهم، وأنشأوا الجيل الثاني في كاوست. وطورت مجموعته في الأونة الأخيرة، منهجية تصوير رباعي الأبعاد منخفضة التوتر الكهربائي ذات حساسية غير مسبوقة بالنسبة للسطح. ويفتح هذا الإنجاز الآفاق أمام مجموعة واسعة من التطبيقات، منها التحفيز الضوئي والخلايا الشمسية، التي سيجري تصويرها بالمقاييس الأصغر في الحيز والزمن الحقيقي على التوازي.

تعكس هذه المشاريع الابتكارية مكانة كاوست كمركز ابتكار لتطوير تقنيات التصوير الإلكترونية، لا مجرد مستهلك للمعدات المتطورة.

بالنسبة للتوجه المستقبلي للأبحاث الشمسية، يقول الدكتور عمر إن فريقه يعمل على وضع توجهات جديدة للمواد التركيبية لأشباه الموصلات، لاستخدامها في كشف الأشعة فوق البنفسجية، وتطبيقات مكافحة التزييف والتصوير الوميضي بالأشعة السينية. ولذلك آثار كبيرة على الجانب العلمي والعملي تتراوح بين التصوير الإشعاعي الطبي و التصوير الأمني.

الدكتورة نيفين خشاب، أستاذة علوم الكيمياء. (الصورة من: كاوست)

نيفين خشاب: الكيمياء مافوق الجزيئية

الدكتورة نيفين خشاب متخصصة في الكيمياء العضوية والكيمياء مافوق الجزيئية. تركز مجموعتها على تصميم وتركيب المواد الذكية، التي تحاكي التصاميم الطبيعية.

يتمثل أحد التوجهات الرئيسية لأبحاث خشاب في إنشاء مركبات توصيل فعالة، أو كبسولات، لتحميل البروتينات والمواد الوراثية (المواد البيولوجية)، وإيصالها بأمان إلى الجسم.

وتقول خشاب: “نحن بحاجة إلى الاستفادة من تقنيات التوصيل المبتكرة بدلاً من صنع عقاقير جديدة”.

ومن أبرز معالم مسيرة خشاب المهنية، عملها على التسليم المستهدف لتقنية تعديل الجينات CRISPR-Cas٩ ، وهي تقنية جديدة وواعدة لتعديل الجينات. الأمر الذي يمكن أن يحدث ثورة في علاج الأمراض الوراثية. وأثبتت خشاب وفريقها قدرتهم على تغليف CRISPR-Cas٩ بشكل فعال، واستطاعوا توصيله بأمان إلى الجينات المستهدفة داخل الفئران.

فيما يتعلق بالاتجاهات البحثية المستقبلية، تقول خشاب:”سنواصل التركيز على تحرير الجينات والعلاج المناعي بالتعاون مع زملائنا في علم البيانات، لأن هذا هو مستقبل الطب الشخصي أو الدقيق (Personalized / Percision Medicine)”.

وبفضل أعمالها، حازت خشاب على جائزة L’Oréal-UNESCO للمرأة في العلوم في مجال العلوم الفيزيائية في العام ٢٠١٧، بالإضافة إلى جوائز مرموقة أخرى خلال حياتها المهنية.

الدكتور عثمان بكر، بروفيسور علوم وهندسة المواد. (الصورة من: كاوست)

عثمان بكر: المواد النانوية الوظيفية

البروفيسور عثمان بكر مواطن سعودي، تخرّج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، وهو أستاذ علوم وهندسة المواد في كاوست. يبحث مختبره في المواد النانوية الوظيفية. وويقول بكر: “نعمل في مجال المواد الهجينة العضوية واللاعضوية، ونسعى إلى تصميمها على نحو يتيح الاستفادة منها في تطبيقات الطاقة المتجددة كالخلايا الشمسية والإلكترونيات الضوئية، ومنها الصمامات الثنائية الباعثة للضوء والكواشف الضوئية، وأي تطبيق ينطوي على تفاعل مثير للاهتمام بين المادة والضوء”.

تتمثل المساهمة الأهم لعمل الدكتور عثمان خلال السنوات الثمانية الماضية في البيروفسكايت الهاليدي المعدني (metal halide perovskites)، وهي مادة مؤلفة من مكونات عضوية ولاعضوية. ويقول بكر: “تبيّن في الأونة الأخيرة، أن هذه المركبات ممتازة للخلايا الشمسية والمستشعرات الضوئية والصمامات الثنائية الباعثة للضوء. وما يميزها، أنها أشباه موصلات ممتازة يمكن أيضاً معالجتها عند درجات حرارة منخفضة”.

تحتاج أشباه الموصلات عادة إلى تنقية عند درجات حرارة مرتفعة في شروط صارمة جداً و تكلفة عالية ـ ويقول بكر:”الوضع مختلف في البيروفسكايت، التي يمكننا صناعتها في مختبر كيميائي عادي. ويتيح لنا ذلك أجهزة ممتازة تسهم بالتالي في أدوات استشعار أو خلايا شمسية غير مكلفة، مما يفتح لنا آفاق تطبيقات كثيرة. لقد أسهم مختبري في ميدان الأبحاث هذا، وخاصة في مجالات البيروفسكايت أحادية البلورة وذات البلورات النانوية”.

يتطلع بكر في المستقبل إلى استخدام البيروفسكايت لتطوير تطبيقات تتصدى للتحديات في قطاعات إلكترونيات المستهلك والطاقة الخضراء”.

ويرى الدكتور عثمان الدعم الذي يقدمه صندوق تمويل الابتكار في كاوست حاسماً في هذا الصدد. ويقول: لقد قدم هذا الصندوق دعماً تمويلياً للتوظيف التجاري لبعض الأفكار والتقنيات التي ابتكرها مختبرنا”.

يو هان: المواد ذات المسام النانوية

يركز البروفيسور يو هان، أستاذ علوم الكيمياء، بصورة رئيسية على المواد ذات المسام والبنية النانوية، التي تستخدم في تطبيقات متصلة بالطاقة والبيئة كامتصاص الغاز وفصله، واحتجاز المياه والحفز الكيميائي.

وتميّز هان بابتكار تقنية تصوير قائمة على الفحص المجهري الإلكتروني النافذ والمنخفض الجرعة الكترونية.

ويشرح هان أهمية عمله، قائلاً: “يوفر الفحص المجهري الإلكتروني النافذ العادي دقة عالية جداً، ولكن قدراته محدودة. فمثلاً، تفقد مواد كثيرة عالية الحساسية للحزمة الإلكترونية استقرارها، وتنهار بنيتها عند استخدام هذه الحزمة في التصوير”.

وحلّت تقنية الفحص المجهري الإلكتروني النافذ والمنخفض الجرعة، التي ابتكرها هان، هذه المشكلة عن طريق الجمع بين استخدام الكشف المباشر، وكاميرا لعدّ الإلكترونات وتطوير سلسلة من طرائق التقاط الصور ومعالجتها. وأضاف هان: “تتيح هذه الطريقة تصوير مواد أكثر، وبالتالي توسيع مجالات استخدام الفحص المجهري الإلكتروني النافذ منخفض الجرعة”.

نجح هان وفريقه، منذ العام ٢٠١٦، في التقاط الصور الأولى لهذه المواد الحساسة. واستفاد من هذا العمل علماء يعملون في مجال المواد المسامية والمواد الحساسة الأخرى.

“سخرنا هذه التقنية خلال العامين الماضين في اكتشاف هياكل جديدة كان اكتشافها متعذراً قبل الحصول على الأدوات المناسبة”.

واصل هان إدخال أبحاثه في مجالات جديدة. ويقول: “لسوء الحظ، المواد الحساسة ضعيفة تجاه الحزمة الإلكترونية والقوى الأخرى أيضاً، مما يزيد من صعوبة تحضير عينات الفحص المجهري الإلكتروني النافذ الخاصة بها. لقد طورنا حالياً طريقة فعالة لتذليل هذا التحدي الكبير، ونأمل بأن نتمكن من الكشف عن تفاصيل أوفى عن هذه الطريقة في المستقبل القريب”.

وكنصيحة للطلبة والباحثين الشباب الآخرين، قال هان الذي تخرج من جامعة جيلين في الصين: “يُعدّ التحلي بروح الابتكار، العامل الأهم في النجاح في ميدان الأبحاث. ابتعدوا عن الأعمال الروتينية أو الأبحاث التدريجية التي لن تمنحكم التميّز، اقضوا وقتكم بفعالية أكبر على أفكار مبتكرة”.

حول الجمعية الملكية للكيمياء

الجمعية الملكية للكيمياء Royal Society of Chemistry، وتُختصر إلى: RSC هي جمعية علمية (رابطة مهنية) في المملكة المتحدة تهدف إلى “تطوير العلوم الكيميائية”.

كونت الجمعية سنة 1980، بعد اندماج الجمعية الكيميائية والمعهد الملكي للكيمياء وجمعية فاراداي وجمعية الكيمياء التحليلية، لتحصل الجمعية الناشئة على ميثاق ملكي جديد وتضطلع بدور مزدوج كجمعية علمية وكيان مهني.

يقع مقر الجمعية في بيرلنغتون هاوس في بيكاديللي بالعاصمة الإنجليزية لندن، كما تمتلك عدة مكاتب أخرى، منها مكتب في توماس غراهام هاوس في كامبردج (سمي بهذا الاسم نسبة إلى توماس غراهام، أول رئيس للجمعية الكيميائية)، وبه مقر دار النشر التابعة للجمعية، إلى جانب مكاتب في الولايات المتحدة (في فيلادلفيا) والصين (في بكين وشنغهاي) والهند (في بنغالور).

تضطلع الجمعية بالبحث العلمي ونشر الدوريات والكتب وفواعد البيانات، إلى جانب تنظيم المؤتمرات وحلقات البحث وورش العمل المتعلقة بالكيمياء وفروعها. وهي الكيان المهني الرسمي للكيمياء في المملكة المتحدة، ولها سلطة منح صفة “كيميائي معتمد” (CChem)، وكذلك منح صفة “عالِم معتمد” (RSci) من خلال المجلس العلمي التابع لها، و”تقني علمي مسجّل” (RScTech)، شريطة استيفاء الشخص الممنوح الشروط والدرجات العلمية اللازمة. كما تمنح الجمعية بالانتخاب لقب “زميل الجمعية الملكية للكيمياء” (FRSC) لأصحاب الإنجازات الكبرى في مجال الكيمياء وغيرها من العلوم ذات الصلة كالكيمياء البيولوجية، وتُنشر أسماء الزملاء سنويًا في جريدة التايمز. كما تُمنح زمالة الجمعية الشرفية (HonFRSC) لأصحاب الإنجازات المميزة في مجال الكيمياء.

بلغ عدد أعضاء الجمعية عند تأسيسها 34 ألف عضو في المملكة المتحدة و8 آلاف عضو خارجها. أما اليوم فيبلغ مجمل عدد الأعضاء 54 ألفًا.

يُنتخب رئيس الجمعية كل عامين، ويرتدي شعارًا يتمثل في دفة يديرها جوزيف بريستلي. والرئيس الحالي للجمعية هو السير جون هولمان (2016 ـ 2018.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى