عبرات

“أكرم العديد”.. واجه الجمهور وكسب الثقة بالنفس وطور موهبته الفنية

من الصعوبة بمكان أن تواجه كل الصعاب وتصارع العقبات التى تعترض حياتك اليومية لتصل إلى ما تطمح إلى تحقيقه, ومن المؤكد أن الصعود إلى قمة هذه الرؤية من الأهداف يتطلب الكثير من التضحيات وسلوك سبل النجاح المبني على قوة الإرادة والعزيمة ورغبة التميز والارتقاء.. وعادة لا تخلو التحديات على الكثير والكثير من الضغوطات, على اختلافها من فرد لآخر كل حسب أحواله.. وأصحاب الهمم مثلهم مثل غيرهم لهم طموحاتهم وأهدافهم يسعوا لتحقيقها بنظرة مستقبلية رغم مصاعب الإعاقة، يكافح المعاق ويجتهد بهدف إثبات الوجود, في المجتمع الذي يعيش فيه ليس كمعاق وإنما كمبدع ومنتج ومساهم في تنمية مجتمعه، و”أكرم العديد”, أحد هؤلاء الأشخاص من أصحاب الهمم الذين تحدوا إعاقتهم واستطاع أن ينجز ويرتقي بنفسه إلى أعلى الدرجات. فلم يستسلم “أكرم”  لشلله الرباعي، ليصبح اليوم فناناً تشكيلياً يرسم لوحاته برأسه.

لم يكن المعلم السعودي لمادة الحاسب الآلي والقائد الكشفي ولاعب كرة اليد، أكرم العديد، يعلم أن مشاركته في بطولة التحدي للمغامرة في الكويت قبل 10 سنوات مع المنتخب السعودي، ستؤدي إلى إصابته بشلل رباعي، حين سقط أثناء لعبة خطيرة، وأصيب بشلل رباعي في الأطراف العلوية والسفلية.

أصيب أكرم بشلل رباعي حين كان يشارك منتخب بلاده فى البطولة الأولى  لألعاب المغامرة والتحدي بدولة الكويت، إلا أن هذا لم يترك تأثيراً على عزيمته وإصراره للبحث عن طريق مميز وفريد، ليحقق طموحه، فتعلم استخدام الحاسب الآلي بالرأس، بل عمل على تطويره، ليناسب احتياجاته, وتعلم استخدام فرشاة الرسم بالرأس، والتي تعتبر الطريقة الأولى للرسم على مستوى العالم لذوي الإعاقات الشديدة.

تمكن أكرم من صقل موهبته في الفن التشكيلي، من خلال مشاركاته في المعارض الفنية بأكثر من 650 لوحة فنية، كما ساهم في دمج المعاقين في الحركة الكشفية والمجتمع، وتأسيس عدد من المفوضيات والفرق الكشفية من خلال برنامج تدريبي لتعليم الإعاقات الشديدة استخدام الكمبيوتر بالرأس.

كما قام أكرم بتأسيس مركز براعم التحدي للرعاية النهارية لخدمة جميع فئات الإعاقة في الجوف، وكذلك مركز فرسان التوحد لخدمة الأفراد من ذوي التوحد الخاصة، ويطمح فى تأسيس مشروع للتحول الوطني ورعاية المعاقين في السعودية.

برنامج العلاج بالفن التشكيلي هو أحد أهم البرامج التأهيلية المميزة في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض، والتي كانت تساعد في تنمية المهارات الحركية لليدين، وأصر “أكرم” على استكمال العمل في مجال الحاسب الآلي، وحصل على كمبيوتر يستخدم بالرأس من المدينة الطبية، كما قام بابتكار وظيفة للرسم بالرأس، بعد أن طور الجهاز ليكون صالحاً لأشياء جديدة.

تعتمد طريقة الرسم على حركة الرقبة ورسم اللوحة في المخيلة، وتوزيع الألوان على اللوحة القماشية بمساعدة أحد الزملاء، لتغيير ألوان الفرشاة وإعادة توزيع الألوان على اللوحة حسب التوجيهات ومزج الألوان، لصناعة المنظر الجمالي. يرى أكرم, “أن أكبر مدرسة للفن هي مدرسة الصبر والإرادة”.

رسالة أكرم

رسالة أكرم الفنية “أن الإعاقة تزول مع الإرادة، وأن الإنسان قادر على الإبداع مهما كانت إمكانياته قليلة”، حيث اكتشف موهبته في الرسم خلال جلسات العلاج بالفن التشكيلي، وقرر حينها أن يقوم بشيء مميز، فطور الجهاز ليتمكن من الرسم بالرأس بمساعدة الأخصائيين والمتطوعين في مدينة الملك فهد الطبية.

الرسم ساعد أكرم على الاندماج في المجتمع، من خلال المعارض الفنية التي شارك بها، الأمر الذي جعله يتمكن من مواجهة الجمهور، وكسب الثقة بالنفس وتطوير الموهبة، وتقديم نموذج لقهر الإعاقة.

لأسرة أكرم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فى تأهيله لما وصل إليه حيث عملت على دعمه لمواصلة البرنامج التأهيلي والعلاجي والذي استمر لعامين متواصلين، وتشجيعه على ممارسة هذه الموهبة والمشاركة في المعارض والاستمرار في العمل.

يرسم أكرم بالألوان الاكريرك لجمالها وسهولة استعمالها دون رائحة مزعجة، وسهولة تغييرها بما يتناسب مع طبيعة الرسم بالرأس.

ويتطلع أكرم إلى برنامج وطني طموح يخدم ذوي الإعاقة من ناحية تأهيلهم والاستثمار فيهم كعقول مفكرة، موضحاً, “أن مركز فرسان التحدي يتبني صناعة القادة من ذوي الإعاقات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى