قطوف الندى

لا تبالغوا في العطف ولا في الكره د. صلاح الدين فرح: تعاملوا مع الطفل المعاق على أنه عادي وسويّ

التعامل مع الطفل المعاق له أصوله وبروتوكولاته التي ينبغي على الأسرة تعلمها والإلمام بها، ومن هنا ينصح الدكتور صلاح الدين فرح – بقسم التربية الخاصة بكلية التربية جامعة الملك سعود – باتباع بعض الخطوات.

يقول د. فرح “يصعب على بعض الأهالي التعامل بالشكل الأمثل مع المعاقين، خاصة الأطفال الذين لا يمتلكون حولًا ولا قوّة في مسألة إعاقتهم، والتي هي قدر من الله سبحانه وتعالى، إن كانت هذه الإعاقة خلقية، أم بفعل سبب آخر بعد الولادة”.

وحول الفهم الخاطئ عن الإعاقة والأمراض النفسية المرافقة لها، أو الأمراض النفسية بشكل عام، يقول “هي أمراض مثلها مثل الأمراض الأخرى، فالعقل جزء من أجزاء الجسم، ويمكن أن يصاب مثله مثل القدم والعين والأذن، فيجب على الناس أن ينظروا إلى هذه الأمراض بشكل طبيعي؛ لأنها طبيعية إلا أنها أكثر شدة، وأكثر ضررًا من باقي الأمراض”.

لا تعاملوه كمعاق

يستطرد د. فرح “أهم ما يجب على الأهل الانتباه إليه خلال التعامل مع المريض المعاق، أن يتعاملوا معه على أنه إنسان عادي وسوي، إذ يجب عدم إشعاره أنه ذو حاجة لآخرين، أو أنه معاق، هو يعلم هذا الشيء، ولكن من السلبي جدًا نعته بذلك، أو إظهار عجزه الدائم أمام الآخرين، ولو وصل إليه هذا الإحساس؛ فإنه قد تترتب عليه آثار سلبية تحتاج إلى علاج نفسي. لذلك يجب أن يُعطَى المعاق الفرصة لكي يُنمِّي قدراته وإمكاناته، وأن تهيئ له عائلته والأسرة المحيطة بالطفل المعاق السبل التي تساعده بتنمية ثقته بنفسه، ويجب أن تكون هذه العائلات ملمة بالإعاقة وبطرق التعامل مع المعاق، وطرق العلاج أيضًا”.

يستطرد: “كذلك يجب معاملة الطفل المعاق مثل الطفل السوي، يجب اصطحابه وإخراجه للعب ولممارسة الأنشطة التي يقوم بها كل الأطفال، وهناك بعض التجارب الناجحة التي حققت هذه الأفكار – كإحدى التجارب الموجودة في سوريا – حيث تقيم الدار الخاصة بإحدى مجموعات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في سوريا برامج ورحلات للتخييم والاستكشاف، فضلًا عن ممارسة النشاطات الرياضية والفكرية والحركية، وهذا يساعد على تحسين حالة الطفل الصحية والنفسية”.

لا تبالغوا في العطف

ويحذر د. فرح الأسر من المبالغة في العطف على الطفل المعاق موضحًا ذلك بقوله: “هناك أسر تصل إلى حد نبذ الطفل المعاق، فتعزله عن العالم الخارجي وتتناسى وجوده، وهناك عائلات أخرى تعطي الطفل المعاق الحماية الزائدة والحرص الزائد عليه ما يعوق تنمية قدراته، لذلك ننصح هنا الأهل أن تكون معاملتهم له معاملة وسطية، وأن تتقبله وتحترمه وتحبه وتعطيه فرصة في الوقت نفسه لتنمية إمكاناته وقدراته، ومن ضمنها الزيارات والرحلات والأنشطة، مع العلم أن الأطفال المعاقين يستطيعون الفهم والإدراك بشكل جيد، عكس ما يعتقد بعض الناس، وهم يعرفون أيضًا حقيقة مشاعر من حولهم”.

“ويجب على الطفل أن يخرج برفقة أصدقائه بعد أن يكون قد خضع لتأهيل طبي وحركي، وعندما نتأكد أنه وصل إلى مرحلة التوازن النفسي؛ يجب أن نساعده ونسمح له بالخروج مع أصدقائه أو أقاربه، لكن بوصاية من قبل أحد الأشخاص الذين سيخرج معه كي يعتني به ويساعده؛ ليضمن عدم تعرضه للخطر”.

احذروا من الضيوف:

هكذا يحذر د. فرح؛ لأنه في العادة ما يبدي بعض الزائرين الجدد – وخاصة الأطفال الذين يزورون إحدى العائلات التي فيها طفل معاق – بعض الخوف والاهتمام بمتابعة وإلقاء نظرة عن كثب على هذا الطفل المعاق! وهنا يجب على الأسر الزائرة أن تهيئ أطفالها وتخبرهم أنهم سيرون أحد الأطفال المعاقين، ويشرحون لهم أن هذا الأمر طبيعي، ويمكن أن يحدث مع أي إنسان، حيث تفيد هذه التوعية بتجنيب الأهل أي سلبيات أو مشاكل خلال الزيارة، كما تبعد شبح الضيق والقلق والانزعاج من الطفل المعاق، الذي كثيرًا ما يكون حساسًا في مثل هذه الأمور”.

مراحل تمر بها عائلة المعاق:

تمر عائلة المعاق بعدة مراحل خلال حياتها مع الطفل المعاق:

– تبدأ بمرحلة الصدمة في بداية الأمر، أي خلال اكتشاف الإعاقة، أو خلال حدوثها.

– ثم تليها مرحلة الإنكار والغضب وغيرها من ردود الأفعال الطبيعية والمتوقعة، والتي تحدث بالتدريج، ومع الوقت تصل إلى مرحلة التكيف، يرافقه في هذه المرحلة الدعم المجتمعي والمؤسسي الموجود من قبل الإعلام، حيث يحرص الكثير من الآباء على زيارة بعض الأسر التي تمتلك حالة إعاقة.

وفي النهاية تصل العائلة إلى مرحلة التكيف والتعايش مع الوضع الجديد، كونه مرضًا مثل باقي الأمراض، ويصبح لديهم إيمان بأن هذا الأمر شيء طبيعي؛ وبالتالي تصبح حالة الأسرة – بشكل عام – أفضل من حالتها عند اكتشاف إعاقة الطفل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى