منوعات

(فمتك).. وتغيير مفهوم صحة المرأة وعافيتها

مع توقع تصاعد سوق التكنولوجيا النسائية بأكثر من 13 % سنويا، ليصل إلى 75 مليار دولار بحلول سنة 2027، فمن الواضح أن فرصة (فمتك) لتصدر المشهد قد حانت أخيرا. والمقصود هنا بـ “فمتك”.. هي تلك “المنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات صحة المرأة وعافيتها”.

“أيدا تين” وصياغة مصطلح فمتك

تم تدشين مصطلح (فمتك) سنة 2016 من قبل “إيدا تين” وهي المؤسِسة المشاركة والرئيس التنفيذي لتطبيق تتبع الدورة الشهرية والمسمى “كلو” وحتى سنوات قليلة مضت، بلغ إجمالي الاستثمار العالمي في هذا القطاع أقل من 100 مليون دولار سنويا، وبين عامي 2011 و 2020 تم منح ثلاثة بالمائة فقط من صفقات الصحة الرقمية في الولايات المتحدة لشركات التكنولوجيا الموجهة نحو النساء.

تصاعد الاستثمار في قطاع التكنولوجيا النسائية

وقد تغير المشهد كليا اليوم، ففي عام 2021، تم إبرام 231 صفقة في مجال التكنولوجيا النسائية، مقارنة بـ 23 صفقة فقط قبل عقد من الزمان، وتجاوز الاستثمار في تطبيقات فيمتك 1 مليار دولار. 

وتتوقع تقارير صحفية أن تصل قيمة السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.8 مليار دولار بحلول عام 2031، ويقع أكثر من ثلث شركات التكنولوجيا النسائية في المنطقة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

“بورتفوليا”.. صندوق استثماري صممته النساء للنساء

والأفضل من ذلك كله أن 70 في المئة من شركات التكنولوجيا النسائية لديها مؤسس واحد من النساء على الأقل، كما أن شركات رأس المال الاستثماري مثل “بورتفوليا” وهو صندوق استثماري صممته النساء للنساء، تخلق المزيد من الفرص للمرأة. وحتى المشاهير يدعمون هذه الاتجاهات، ففي العام الماضي، دعمت “أوبرا وينفري” عيادة “مافن” بصفتها مستثمرة في المشروع، وهي عيادة افتراضية قائمة على التطبيب عن بعد لصحة المرأة ، من خلال  جولة حلقات “دي”.

ومع أن السوق في طور النضوج، لكن الطريق إلى مرحلة قطف الثمار لا يزال معبدًا بالعراقيل، وعلى الرغم من الحاجة العالمية للتكنولوجيات الصحية الموجهة للنساء، فإن التغلب على عنصر تفضيل أصحاب رأس المال الاستثماري في القطاع التكنولوجي الذي يهيمن عليها الرجال هو صراع مستمر، ففي عام 2021، تلقت الشركات التي أسستها النساء اثنين في المائة فقط من 330 مليار دولار من تمويل المشاريع، هذا على الرغم من حقيقة أن الشركات  الناشئة التي أسستها وشاركت في تأسيسها نساء تولد إيرادات تراكمية بنسبة 10 في المائة أكثر من الشركات التي أسسها الرجال، ويقومون بذلك بينما يجمعون نصف أموال نظرائهم الذكور.

وبالنظر إلى تلك الأرقام، فلا عجب أن 43 في المئة من رائدات الأعمال الإناث يقولون إنهن يشعرن بالإرهاق مقارنة بـ 31 في المائة من قادة الأعمال الذكور، وقد جعل النظام البيئي للتمويل الذي يركز على الذكور من الصعب بشكل خاص على مؤسسي (فمتك) عرض المنتجات النسائية للرجال لأنهم غير قادرين على الارتباط بالمنتج.

فمتك وقطاع الصحة الإنجابية

وركزت (فمتك) معظم مواردها على الصحة الإنجابية إلى الآن، وهي التي تشكل 51 في المائة من قطاع الصناعة، لكن مجالات الرعاية الصحية الأخرى، وخاصة صحة الدورة الشهرية، قابلة للتطوير و(14 في المائة فقط من شركات التكنولوجيا النسائية تركز حاليا على هذا الجانب).

ومعظم النساء يعشن تجربة الدورة الشهرية، والدورة الشهرية والنظافة الشخصية هي قطاع تجاري يقدر قيمته بـ 43 مليار دولار. فلماذا إذن فشل قطاع الصناعة في تحسين أو الاستثمار في المنتجات التي تلبي راحة المرأة؟

براءة اختراع الفوطة الصحية

وقد تم تسجيل براءة اختراع سدادة الدورة الشهرية في عام 1931 وتعود الفوطة الصحية إلى عام 1956، ومنذ ذلك الحين، لم يتغير شي يُذكر على تلك المنتجات. وبالنظر إلى ما تم تحقيقه في تلك الفترات الزمنية، من الهبوط على سطح القمر، واختراع الهاتف المحمول، والإنترنت، فإن الفشل في إعادة هندسة مواد النظافة الأساسية للمرأة أمر مثير للقلق.

وبدأت الشركات التي تعمل في مجال “فمتك” في ملء ذلك الفراغ الابتكاري، وواحدة من أكثرها إثارة للاهتمام هي “فليكس” وهي بديل آمن للجسم للسدادات القطنية، واختراع آخر هو “ثنكس”  وهي ملابس داخلية ترصد الدروة الشهرية.

ومع ذلك، فإن الطلب للابتكار في مجال صحة المرأة أكثر من المعروض، حيث تعاني حوالي 80 في المائة من النساء في جميع أنحاء العالم من آلام الدورة الشهرية، وفي المتوسط تقضي المرأة 10 سنوات في الدورة الشهرية خلال حياتها، ويشكل ذلك الكثير من الآلام والضيق مما يحتم على قطاع التكنولوجيا النسائية التعامل معه.

والحيض له آثار ملحوظة على الصحة العقلية ومستويات الطاقة والتغذية والأداء اليومي بصورة عامة.

وفي مجال الرياضة، بدأت النساء في إثارة هذه القضية، ففي عام 2015 نسبت لاعبة التنس البريطانية “هيذر وات” أدائها الضعيف  في بطولة أستراليا المفتوحة إلى الدورة الشهرية، وكررت السباحة الصينية “فو يوان هوي” نفس الشيء في أولمبياد ريو في عام 2016.

ولإحداث ثورة في صحة المرأة، وترك بصمتها على الاقتصاد العالمي، يحتاج قطاع تكنولوجيا النساء (فمتك) إلى توسيع نطاق الأبحاث في مجال الحيض ووضع حلول مخصصة للنساء.

وتم تطوير الطب الحديث بناء على جسد الرجل، ولم يسمح للنساء بالمشاركة في التجارب السريرية حتى عام 1993، ووجد تقرير صدر في شهر نوفمبر من عام 2022 من قبل شركة ريكيت، التي تصنع دواء نوروفينل لتخفيف الآلام، أن واحدة من كل ست نساء تشعر بالألم كل يوم، وتشعر واحدة من كل اثنتين أن ألمها قد تم تجاهله بسبب جنسها.

وسيتطلب سد الفجوة بين كلا الجنسين قدرا كبيرا من العمل، وهناك حاجة ماسة إلى مزيد من التمويل للبحث المناسب والتجارب السريرية. 

يمكن للشركات العاملة في قطاع تكنلوجيا المرأة “فمتك” أن تقود هذه الجهود. لقد حان الوقت للنساء لاتخاذ القرارات التنفيذية حول القضايا المرتبطة بأجسادهن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى