صحتك بالدنيا

السرطان وتصحيح مفاهيم خاطئة

بالرغم من أن واقع الإحصائيات التي تشير إلى معدلات الوفيات السنوية من السرطان، إلا أنه ليس دائما النهاية. ويرجع ذلك للقفزات التي يحققها العلماء في هذا المجال من حيث الفهم الشامل عن حقيقته وكذا التطوير المستمر والتقدم في علاجاته الأكثر فعالية، مما يترتب عليه زيادة وإرتفاع مستمر في معدلات الشفاء.

تنشر المواقع والمجلات المتخصصة في الصحة والسرطان بصورة شبه يومية الكثير من المقالات والأخبار المبشرة عن الجديد في طرق الفحص والعلاج مما يعطي الأمل في التغلب عليه في المستقبل القريب، مع ذلك ومنذ زمن بعيد تنتشر بصورة راسخة الخرافات والكثير من المفاهيم الخاطئة حول مرض السرطان، ليس فقط في بلدان العالم الثالث لكنها أيضاً في أكثر البلدان تقدماً. نشر موقع ميديكال نيوز توداي MNT في 27 إبريل 2021 عدداً من تلك الخرافات والتي كتبها “تيم نيومان”، نوجزها فيما يلي: 

السرطان ليس حكما بالإعدام

تصحيحاً لأحد المفاهيم الخاطئة والراسخة عند الكثير، ومما يؤكد ذلك شفاء ما يقدر بنحو 17 مليون شخص من السرطان في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، مع تضاعف معدلات البقاء على قيد الحياة خلال الأربعين سنة الماضية. حيث انخفض احتمال الوفاة وزادت معدلات البقاء على قيد الحياة لبعض أنواع السرطان بشكل مطرد منذ التسعينات، مثل سرطان الثدي وسرطان البروستاتا والغدة الدرقية.

وتجدر الإشارة إلى أن معدلات البقاء على قيد الحياة تختلف إختلافاً كبيراً طبقاً لنوع السرطان،  وعلى سبيل المثال، في المملكة المتحدة تبلغ معدلات البقاء على قيد الحياة لسرطان الخصية 98%، بينما تبلغ 1% فقط لسرطان البنكرياس.

في 11 يونيو الحالي 2021 نشرت مجلة “سيل ميتابوليزم Cell Metabolism” دراسة أجراها باحثون من جامعة لوفان في بلجيكا، وخلصت نتائجها إلى أن أحد أنواع مجموعة الأحماض الدهنية أوميجا3 يتواجد أساساً في الأسماك ويسمى حمض دوكوساهيكسانويك docosahexaenoic acid (DHA) قادر على تسميم وقتل خلايا السرطان بعملية تسمى الموت الخلوي فيروبتوسيس وأبوبتوسيس ferroptosis & apoptosis  وذلك عندما يتم إغراق الخلايا السرطانية بهذا الحمض فيعمل مثل حصان طروادة حيث يتأكد مؤدياً لموت خلايا الأورام.

السرطان مرض معدي

وهذه خرافة حيث لا يمكن لشخص مصاب بالسرطان أن ينشره للآخرين. قد ينتقل مسببات بعض الأمراض ومنها فيروسات أو بكتريا والتي تؤدي للسرطان مثل تلك المنقولة عن طريق الإتصال الجنسي مثل فيروس الورم الحليمي البشري HPV والذي يسبب سرطان عنق الرحم وكذلك فيروسات إلتهاب الكبد بي وسي HBV & HCV والتي تتسبب في سرطان الكبد، لكن السرطان نفسه ليس معدياً.

خطوط الكهرباء والهواتف المحمولة تسبب السرطان

وهذه خرافة لأن المجال المغناطيسي لخطوط الكهرباء ذات تردد منخفض للغاية ELF إضافة إلى أنها غير مؤينة، ومن ثم لا تسبب السرطان، وهذا ما أثبتته التجارب على الفئران، والتي تعرضت لمجالات مغناطيسية أقوى بكثير مما يتعرض له الناس عادة في المنازل، ولم يثبت تعرضها لأي زيادة في خطر الإصابة بالسرطان. لكن جمعية السرطان الأمريكية أوضحت من خلال بعض الدراسات عن وجود زيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان الدم لدى الأطفال الذين يعيشون بالقرب من خطوط الكهرباء. بمعنى أنه لا يوجد دليل حقيقي  أن الهواتف المحمولة أو خطوط الكهرباء تسبب السرطان، وحيث أن الهواتف المحمولة تصدر إشعاعاً بالترددات الراديوية (موجات الراديو) وكذلك الردار وأفران الميكرويف وهي  من الإشعاع الغير مؤين الذي لا يسبب أية أضرار للجسم مثلما يفعل التعرض للإشعاع المؤين، مثل الأشعة السينية والتي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

السكاكر أو المُحليات الصناعية تسبب السرطان

حتى الآن لا يوجد دليل جيد وواضح يثبت أن المُحلّيات تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان، وقد أجريت العديد من الدراسات المعتمدة  على دور هذه المواد في  زيادة معدل السرطان حيث أكدت إدارة الغذاء والدواء FDA عدم وجود أدلة واضحة تشير إلى إرتباط هذه المواد بالسرطان لدى البشر.

جراحة السرطان تتسبب في إنتشاره بالجسم

وكما يقول العلماء في جمعية السرطان الأمريكية أن هذه مجرد أسطورة، وبرغم أن إمكانية حدوث ذلك يعتبر نادراً، إلا أن جراحة السرطان لا يمكن أن تسبب إنتشاره، وقد ساعد التقدم في أجهزة وأدوات الجراحة وإختبارات التصوير الشديدة التفصيل  في تقليل هذا الخطر بصورة كبيرة للغاية.

علاج السرطان بالأعشاب

لا يوجد دليل يؤكد  أن أي من الأدوية العشبية يمكن أن تعالج السرطان، ومع ذلك يشير آخرون  وجود علاجات بديلة مثل الوخز بالإبر والتأمل (مثل اليوجا) يمكن أن تساعد في تخفيف الآثار الجانبية لعلاجات السرطان وكذلك الضغوط النفسية المرتبطة بالسرطان. الأكثر مدعاة للحذر هو من الإستخدام الغير مدروس للأعشاب، وهو ما كشفت عنه دراسات عديدة، مثل تلك التي أشارت إلى أن الكافا كافا، وهو عشب يستخدمه بعض الأشخاص للمساعدة في التخلص من التوتر والقلق، لكنه قد يتسبب في تلف الكبد، كذلك نبات يسمي “سانت جون” يستخدمها الناس في علاج الإكتئاب، لكنها قد تتسبب في تعطيل عمل بعض أدوية السرطان.  

السرطان يعود دائماً في صورة إنتكاسات

ويؤكد العلماء في هذا المجال أن هذه أسطورة ومفهوم شائع وغير صحيح على الإطلاق، حيث تتطور علاجات السرطان بإستمرار، وخاصة التي تقتلعه من جذوره وتقتله، ولا تترك فرصة لعودة السرطان في النمو من جديد. وحتى بعض أنواع السرطان التي معروف عنها تكرارها بعد تلقي العلاج وخمول السرطان، فإن لها أطر زمنية مختلفة قد يتكرر السرطان، مما يجعل صعوبة كبيرة على المرضى في معرفة وقت شفاءهم، أو هل لا يزال لديهم مخاطر عالية لتكرار الإصابة بالسرطان من عدمه. لكن مع التقدم العلمي الحالي في علاجات السرطان إضافة إلى تحسين الوعي لدى الناس بمخاطر السرطان وتطوير طرق التشخيص، لذا فقد تصبح مقولة عودة السرطان مجرد أسطورة.

لا يوجد علاج للسرطان

وهذه أيضاً خرافة حيث وبالتزامن مع التعمق في الآليات الكامنة وراء حدوث السرطان، وكذلك التركيز المستمر على الفحص والكشف المبكر وكذلك إختيار العلاجات الأنسب والأفضل، مما يترتب عليه زيادة مستمرة وثبات فعالية ونجاح علاجاته، مثل العلاج المناعي الحديث والذي يعالج ما يصل إلى40% من مرضى الورم الميلانيني من المرحلة الرابعة، وكذا علاج مرضى سرطان القولون المنتشر المرحلة الرابعة بمزيج من العلاج المناعي والكيميائي والجراحة. وقد وصلت معدلات الشفاء لبعض أنواع السرطان مثل سرطان الخصية والغدة الدرقية لنسبة 60%، كما وصلت معدلات الشفاء من سرطان الثدي والبروستاتا والمثانة إلى حوالي 50%، وهذا ما يدعو للتفاؤل المستمر بأن معدلات الشفاء من السرطان في إزدياد.

دكتور رضا محمد طه

أستاذ الميكروبيولوجيا المساعد – كلية العلوم جامعة الفيوم

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى