حلول مبتكرة

مساكن المستقبل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وخفيفة الوزن

تُعتبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد, أداةً جيدة في مجال البناء، إذ يمكن للآلات أن تعمل على مدار اليوم، ليس هذا فحسب, بل تعمل على التقليل من النفايات, وتزيد من سلامة عمال البناء. وهو أمر يمكن أن يكون خطوة مهمة نحو صافي صفر انبعاثات كربونية. ومن خلال هذه التقنية الجديدة، يمكن تطوير هيكل جدار باستخدام الكمبيوتر، وتحويله إلى رمز بسيط وإرساله إلى طابعة ثلاثية الأبعاد ليتم تصميمه.

مؤخرا نشرت دراسة أعدها فريق علمي مكون من: الباحث سيد غفار، الأستاذ المساعد في الهندسة المدنية والمواد البيئية بجامعة برونيل لندن، وزميله الباحث مهدي شوجان، زميل أبحاث بمجموعة ماري سكودوفسكا-كوري البحثية بجامعة برونيل لندن، والاستاذ المشارك باول سيكورا، في الهندسة المدنية والبيئية بجامعة ويست بوميرانيان التقنية في شتشيتسين.

وبحسب الدراسة التى نشرها موقع “المنتدى الاقتصادي العالمي” بالتعاون مع موقع “ذا كونفرزيشن” الأسترالي, وترجمة موقع (ساسة بوست), سلط الفريق العلمي الضوء على نتيجة بحث ينظر في إمكانية تشييد بنايات المستقبل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد خفيفة الوزن ومعزولة جيدًا باستخدام الخرسانة المصنوعة من الزجاج المُعاد تدويره.

خفض التكلف

قد تعمل الخرسانة المطبوعة الثلاثية الأبعاد على خفض التكاليف وتوفير الوقت في مجالات الهندسة المعمارية والبناء. استخدام الرمل الطبيعي لصناعة الخرسانة ليس مستدامًا، لذلك يُجرِّب الباحثون الزجاج المُعاد تدويره بدلًا من الرمل.

استهل الفريق العلمي تقريرهم, بالإشارة إلى أن الخرسانة المطبوعة الثلاثية الأبعاد قد تُحدِث تحولًا في عالمي الهندسة المعمارية والبناء؛ ففي ضوء إمكانية استخدامها لإنتاج أشكالٍ وأنواعٍ جديدة تكافح التقنيات الحالية لمواكبتها، قد يؤدي ذلك إلى تغيير العمليات والإجراءات القديمة التي لا تزال تُستخدم في تشييد المباني، الأمر الذي يؤدي إلى خفض التكاليف وتوفير الوقت.

وقالت الدراسة ان الخرسانة لها تأثير بيئي كبير. وتُستخدم كميات هائلة من الرمل الطبيعي حاليًا لإشباع شهية العالم الشَّرِهَة للخرسانة، بتكلفة كبيرة على البيئة. وصناعة البناء عمومًا في خصومة مع الاستدامة، إذ تُخَلِّف حوالي 35% من جميع مكبات النفايات على مستوى العالم.

الزجاج بديلاً للرمال

ووفقاً للفريق العلمي يقترح البحث طريقة للحد من التأثير السلبي الناجم عن استخدام الرمل الطبيعي للخرسانة، إذ إنهم جربوا استخدام الزجاج المُعاد تدويره باعتباره أحد مكونات الخرسانة المطبوعة الثلاثية الأبعاد.

وأكد الفريق العلمي أن الخرسانة تتكون من خليط من الأسمنت والماء والركام مثل الرمل. وجربنا استخدام الزجاج بدلًا من ما يصل إلى 100% من الركام في مزيج الخرسانة. وببساطة، يُصنع الزجاج من الرمل، ويسهل إعادة تدويره، ويمكن استخدامه لصنع الخرسانة دون أي معالجة معقدة. ويمكن أن يساعد الطلب الذي تستلزمه صناعة البناء أيضًا في ضمان إعادة تدوير الزجاج. وفي عام 2018 في الولايات المتحدة، أُعِيد تدوير ربع كمية الزجاج فقط، مع ذهاب أكثر من نصفها إلى مكب النفايات.

البناء الأفضل

الفريق العلمي استخدم زجاج المشروبات العادي (زجاج جير الصودا) البني الذي حصلوا عليه من شركة إعادة تدوير محلية. وسُحقت الزجاجات أولًا باستخدام آلة تكسير ثم غُسلت القطع المسحوقة وجُفّفت وطُحِنت ونُخِلت. وكان حجم الجسيمات الناتجة أصغر من ملليمتر مربع.

ثم استُخدم الزجاج المسحوق لصنع الخرسانة بالطريقة نفسها التي يُستخدم بها الرمل. واستخدمنا هذه الخرسانة في مكونات حائط مطبوع ثلاثي الأبعاد وكتل بناء مسبقة الصنع يمكن تركيبها معًا لتشييد مبنى كامل.

ويتابع التقرير: وفي حال استخدامه بهذه الطريقة، قد يجد الزجاج الذي يكون مصيره إلى مكب النفايات حياةً جديدة بوصفه جزءًا من المواد المُستخدَمة في البناء. ويلفت التقرير إلى أن وجود الزجاج لن يساعد في حل مشكلة النفايات فحسب، بل يسهم أيضًا في تطوير الخرسانة بخصائص أعلى من تلك التي تحتوي على الرمل الطبيعي.

وتُعد الموصِّلية الحرارية للزجاج العادي، أكثر أنواع الزجاج شيوعًا والتي تجدها في النوافذ والزجاجات، أقل بثلاث مرات من موصِّلية ركام المرو (الكوارتز)، والذي يُستخدم على نطاق واسع في الخرسانة. وهذا يعني أن الخرسانة التي تحتوي على زجاج مُعاد تدويره لها خصائص عزل أفضل. ويمكن أن تقلل كثيرًا من التكاليف للازمة للتبريد أو التدفئة خلال فصلي الصيف أو الشتاء.

أكثر استدامة

الفريق العلمي قام أيضاً بإجراء تغييراتٍ أخرى على خليط الخرسانة ليكون أكثر استدامة عند استخدامه في مواد البناء، بما في ذلك استبدال مسحوق الحجر الجيري ببعض الأسمنت البورتلاندي.

ومن المعروف أن الأسمنت البورتلاندي مكونًا رئيسًا للخرسانة، ويستخدم لربط المكونات الأخرى معًا في خليط متماسك. ومع ذلك، فإن إنتاج الأسمنت البورتلاندي العادي يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى الغازات الدفيئة الأخرى. وتمثل صناعة إنتاج الأسمنت حوالي 8% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البيئة.

ولفت الفريق العلمي إلى أن الحجر الجيري أقل خطورة وله تأثير بيئي أقل أثناء عملية الإنتاج من الأسمنت البورتلاندي. ويمكن استخدامه عوضًا عن الأسمنت البورتلاندي العادي في الخرسانة المطبوعة الثلاثية الأبعاد دون تقليل جودة خليط الطباعة.

وأضاف الفريق مواد مالئة خفيفة الوزن، مصنوعة من كريات بلاستيكية حرارية مجوفة، لتقليل كثافة الخرسانة. وأدَّى هذا إلى تغيير التوصيل الحراري للخرسانة، إذ قللها بنسبة تصل إلى 40% مقارنةً بالخرسانة الأخرى المُستخدَمة في الطباعة الثلاثية الأبعاد. وأدَّى هذا إلى تحسين خصائص العزل للخرسانة وتقليل كمية المواد الخام المطلوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى