مقالات

الشراء بين الرغبة والاحتياج.. لماذا يشتري الناس؟

لماذا يشتري شخص ما سيارة مرسيدس؟.. هل لأنها سيارة؟.. أم لأنها مرسيدس؟

من يشتري سيارة مرسيدس يشتريها لأنها “مرسيدس” وليس لمجرد أنها سيارة، فأي سيارة ستقوم بما تقوم به السيارة المرسيدس من وظيفة أساسية.

فهذا الشخص لا يريد أي سيارة يستخدمها في تنقلاته، ولكنه يريد أن “يركب مرسيدس”، بشهرتها وقيمتها وتاريخها وفخامتها وسعرها أيضا، وبتقديرها في نظر الناس، فهو يريد أن يشعر بقيمته و”برستيجه” كما يقال، أمام نفسه أولا وأمام الناس ثانيا، وذلك من خلال امتلاك السيارة ذات العلامة الشهيرة.

أما من يشتري سيارة نصر 128 مثلا، فهو لا يريد شراء سيارة نصر بالذات، ولكنه يريد شراء أي سيارة ليستخدمها كما تستخدم أي سيارة، وهو التنقل بها، مثل الذهاب إلى عمله، وتوصيل أولاده إلى المدرسة، وحماية زوجته من زحمة المواصلات، وزيارة العائلة، ولقاء الأصدقاء…الخ، بعيدا تماما عن أي منظرة أو فشخرة أو اهتمام بـ”البرستيج”.

وما بين المرسيدس والنصر 128 توجد أنواع كثيرة جدا من السيارات، يتدخل فيها العنصران معا، عنصر الاحتياج  إلى سيارة للتنقل بها كوظيفة أساسية، وعنصر القيمة والفخامة والبرستيج كقيمة مضافة إلى الوظيفة الأساسية.

فالبعض يشتري سيارة يابانية، والبعض الآخر يشتري سيارة كورية، والبعض يشتري سيارة أوروبية، والبعض يشتري سيارة صينية… الخ، كل على حسب تقديره لأهمية العنصرين، الحاجة والبرستيج، وتفضيله لأيهما على الآخر، وتكلفة كل عنصر مقابل الآخر، ومدى ما تمنحه كل سيارة – في رأيه – من مزج بين العنصرين معا.

وعلى هذا يمكن اعتبار أن السيارة في حد ذاتها هي احتياج (need) لبعض الناس، بينما نوع أو ماركة تلك السيارة هي رغبة (want)، ومحصلة الاحتياج والرغبة يمكن أن تكون هي الطلب (demand)، أي وجود الرغبة في الحصول على سلعة معينة مع توافر القدرة المادية للحصول عليها، أي توافر الرغبة والقدرة معا.

خيارات الشراء

وحينما توجد طلبات مختلفة ومتنوعة، لابد أن تظهر خيارات أو اختيارات (choices) مختلفة ومتنوعة، أي توافر السلع بأنواع وأشكال وأحجام وإمكانيات ومزايا وألوان وأسعار وتكلفة مختلفة، و”كله بثمنه” كما يُقال، ففي ظل الخيارت أو الاختيارات المتعددة، يمكن لمن يطلب شيئا أن يحصل عليه في حدود قدراته المادية، وإذا لم تستطع قدرته المادية استيعاب سلعة ما، انتقل إلى سلعة بنوعية أقل بسعر أقل.

العناصر الأربعة، الاحتياج والرغبة والطلب والخيارات، هي الأساس الأول لعملية التسويق، وكما طبقنا تلك العناصر على موضوع السيارات، يمكن تطبيقها على أي مجال سلعي أو خدمي في الحياة، تتم فيها عملية تسويقية أو بيعية (transaction)، في الطعام والملابس والسكن والتعليم والصحة.. بل وفي الزواج أيضا.

الشراء بين الرغبة والاحتياج

لو مثلا أنت تريد أن تتزوج (احتياج)، وتريد أن تتزوج هيفاء وهبي بالذات (رغبة)، ولكنك تعرف طبعا أن هيفاء مهرها غالي جدا جدا جدا، وبالتالي لا يمكن أن تطلب يدها (طلب)، فتفكر في الموجودات من الجميلات المشهورات الأخريات (خيارات)، ثم يمكنك أن تتقدم وتطلب الزواج مثلا من نانسي عجرم أو أليسا أو سمية الخشاب أو حتى إلهام شاهين.. وذلك طبعا على قد فلوسك وثروتك ومنصبك ومكانتك وسطوتك.

التسويق يتحكم في كل مجالات حياة الإنسان.

د. هاني سليمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى