نابغون

عالم مصري يشارك في تطوير خلايا شمسية تحافظ على كفاءتها في أصعب درجات الحرارة

ضمن فريق علمي بمعهد هيلمهولتز برلين للطاقة والمواد بألمانيا، نجح الباحث المصري “محمود الدماصي” في تطوير خلايا شمسية أكثر ثباتا وقادرة على الحفاظ على كفاءتها وثباتها الكيميائي والفيزيائي في درجات الحرارة الشديدة، من 60 درجة تحت الصفر إلى 80 درجة مئوية، وتعمل بكفاءة عالية تصل إلى 24.6%.. وجود الباحث المصري محمود الدماصي في الصحراء للتنقيب عن المواد البترولية غير المتوفرة بكثرة جعله يدرك أن شمس الصحراء الحارقة من الممكن أن توفر لمصر موردا مستمرا للطاقة يمكن استغلالها بوجود الإمكانات المناسبة لتكفي حاجة مصر من الطاقة الكهربية، بل حتى إنه يمكن توريدها لدول أخرى في مقدمتها أوروبا..

أنواع الخلايا الشمسية

يوجد العديد من أنواع الخلايا الشمسية، أكثرها شهرة والمستخدمة تجاريا حاليا هي الخلايا المصنوعة من السيليكون (مادة غير عضوية) والتي تتراوح كفاءتها تجاريا بين 18% و22%، وفي المعمل تصل كفاءتها إلى 26%، ويمكن أن تستمر من 20 إلى 25 عامًا.

وهناك نوع آخر يتمتع بسهولة ومرونة في الإنتاج، وهو الخلايا الشمسية العضوية، والتي تتكون من مواد عضوية يسهل تصنيعها في حالات مختلفة، ليست صلبة فقط، ويمكن طباعتها بالطابعات ثلاثية الأبعاد، الأمر الذي يتيح استخدامها في المباني من الخارج، ولكن مشكلتها أن كفاءتها ضعيفة ولا تتعدى 11%، وغير ثابتة لمدة طويلة.

البيروفسكايت.. المادة الواعدة

أما الخلايا الشمسية المصنوعة من البيروفسكايت (نوع من المواد التي تصنف ضمن أشباه الموصلات وهي مادة حساسة للغاية لاختلافات درجات الحرارة) فتتكون من بلورات من مزيج بين المواد العضوية وغير العضوية، يقول الدماصي إن البيروفسكايت “مادة واعدة جدا، ولها خواص كهروضوئية متميزة، إذ تمتص الضوء بقوة عالية جدا، ويمكن التحكم في نوع الأشعة التي تمتصها، على عكس مادة السيليكون، كما تتميز البيروفسكايت ببساطة تركيبها وسهولة تحضيرها، وتحقق كفاءة عالية تصل إلى 25.7%، أي أنها تستطيع تحويل 25.7% من الطاقة الضوئية الساقطة عليها إلى تيار كهربائي”.

وبينما تستخلص مادة السيليكون من الرمال، وتصنع على شكل بلورات عملاقة يفقد معظمها أثناء عملية تصنيع الخلايا الشمسية، يتم تصنيع مادة البيروفسكايت في صورة محاليل تستخدم كلها دون فاقد يذكر، كما يسهل تصنيعها في صور مختلفة وطباعتها في أشكال متنوعة.

صعوبات

لم تجد الخلايا الشمسية المصنعة من البيروفسكايت طريقها إلى الأسواق التجارية حتى الآن، ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين أوضحهما الدماصي في حواره مع موقع “الجزيرة نت”، إذ يقول إن “الثبات يقف عائقا أمام الخلايا الشمسية المصنوعة من البيروفسكايت، فأقصى مدة ثبات حققتها هذه الخلايا لا تتجاوز 10 سنوات في ظروف التشغيل الطبيعية، ومن ثم فهي لا تستطيع منافسة خلايا السيليكون بشكل كبير في وضعها الحالي، ولكن بالنظر لتكلفتها المنخفضة، تقترح بعض الدراسات أن وصولها لمدة ثبات تبلغ 12 إلى 15 عاما بكفاءة من 20% إلى 22% قد يجعلها تنافس السيليكون تجاريا”.

ويضيف أن السبب الآخر هو أن بعض الخلايا الشمسية المعتمدة على البيروفسكايت تحتوي على عنصر الرصاص الثقيل السام، والذي قد يتسرب للبيئة إذا لم يتم التخلص من هذه الخلايا بشكل آمن، الأمر الذي لا يتوافق مع اتجاه العالم للطاقة النظيفة وتجنب المواد التي تضر البيئة.

وأشار “الدماصي” إلى وجود نوع آخر من خلايا البيروفسكايت يحقق كفاءة 14% فقط، ولكنه خال من الرصاص ويعتمد على عنصر القصدير غير الثابت كيميائيا، والذي يتأكسد ويتحول إلى مركب لا يذوب في الماء، ومن ثم فهو خامل بيئيا وأكثر أمانا، وهو النوع الذي استخدمه الدماصي وفريقه في دراستهم.

طوّر الدماصي وفريقه ذلك النوع ليصل إلى درجة كفاءة 24.6%، ولكن الإنجاز الأهم يكمن في الثبات الحراري العالي لمادة البيروفسكايت في الخلايا التي طوروها من خلال إضافة مواد معينة عالية القطبية تتخلل سطح مادة البيروفسكايت، مما يزيد من ثباتها في الظروف المتغيرة ويمكنها من العمل في بيئات مختلفة سواء كانت باردة أو حارة، الأمر الذي يشجع المستثمرين على تبني تلك التكنولوجيا الجديدة وإنتاجها على نطاق صناعي.

مصر والسعودية وتصدير الطاقة الشمسية

يخطط الدماصي للاستمرار في تطوير خلايا بيروفسكايت شمسية مبنية على القصدير، لأنها آمنة بيئيا، وشدد على أهمية الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية، موضحا أن موقع مصر وشبكات الربط الكهربي بينها وبين الدول المجاورة مثل السعودية والسودان والدول الأوروبية يتيح لها أن تصدر الطاقة المتوفرة لديها بسهولة.

يقول الدماصي “يمكن تصدير الطاقة الشمسية في صورتين، الأولى تصديرها مباشرة في صورة طاقة كهربائية، إذ يمكن إنتاج الطاقة الشمسية ونقلها بشكل لحظي للدول القريبة مثل اليونان، أما الصورة الأخرى فتكون من خلال تحويلها إلى هيدروجين بتحليل المياه إلى هيدروجين وأكسجين، ثم تخزين الهيدروجين في أنابيب أو من خلال تحويله لصورة سائلة تتيح نقله وتصديره لأي مكان، ويمكن استخدامه فيما بعد من خلال خلايا الوقود التي تعرض هذا الهيدروجين إلى أكسجين مكونة جزيئات مياه مرة أخرى مصحوبة بطاقة، وهو ما يعرف بتقنية “الهيدروجين الأخضر”.

من هو الباحث محمود الدماصي؟

تخرج الباحث المصري محمود الدماصي من كلية العلوم، بجامعة الزقازيق عام 2011 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعيّن باحثا مساعدا في معهد بحوث البترول، ثم حصل على درجة الماجستير في مجال الإضافات البترولية، وهي مواد كيميائية يتم إضافتها أثناء الإنتاج لتحسين خواص زيت البترول.

وخلال دراسته لدرجة الماجستير اكتسب الدماصي خبرة تتجاوز 5 سنوات في مجال البترول، في صحراء مصر الغربية، والتي ألهمته للتوجه إلى دراسة الطاقة الشمسية للاستفادة من ذلك المورد المتجدد، خاصة في ظل الاتجاه العالمي نحو الطاقة النظيفة من أجل الحد من آثار تغير المناخ على كوكبنا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى