نابغون

د. زينب عبد العزيز.. لو كانت النساء كهذه لفضلت النساء على الرجال

الدكتورة زينب عبد العزيز –الكاتبة الإسلامية وأستاذة الحضارة الفرنسية- أول مسلمة تقوم بترجمة معاني القرآن الكريم ترجمة أمينة لتصويبها الأخطاء المغرضة التى قام بها المستشرقين فضلاً عن تفاديها الوقوع فى الترجمة –شرحاً وتفسيراً– الأمر الذي يخرج عن مجال الترجمة التى وصفها الدكتور أحمد الطيب  –رئيس جامعة الأزهر – وكان عضواً بلجنة فحص وتقييم الترجمة التي قامت بمنحها الإجازة بالطبع والنشر- بأنها عمل وجهد لا تقدر على القيام به أي مؤسسة مكونة من عشرات الرجال وأثنت عليها مشيخة الأزهر الشريف وقالت فى تعليقها على الترجمة ” لا يسعنا إلا أن نثنى على هذا الجهد الرائع المبذول فى هذه الترجمة التى خرجت فى أفضل صورة ممكنة.. إنها أول ترجمة نقية ومنصفة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية”.

مغالطات جاك بيرك

وكانت غيرتها على الإسلام هى التى دفعتها لبذل هذا الجهد وذلك حينما قرأت الدكتورة زينب ترجمة القرآن للمستشرق الفرنسي “جاك بيرك”.. واكتشفت إنها مليئة بالمغالطات التى تسئ للإسلام وتشوه صورته عند الغرب فتصدت لهذه الترجمة وتفرغت لكشف أخطائها حتى نجحت فى منع دخولها مصر بقرار من شيخ الأزهر –آنذاك- الشيخ جاد الحق على جاد الحق.

تقول د. زينب عن هذه الترجمة كنت أعمل “15” ساعة يومياً ولا أنام سوى أربع ساعات فقط.. وكان أمامي هدف محدد وهو التصدي للترجمات الخاطئة وتصحيح صورة الإسلام فى عيون الغرب.. وإعطائه حقه وتنقيته من جميع الأخطاء التى يريد البعض إلصاقها به.

رغم أن تعليم د. زينب وثقافتها من الطفولة فرنسية إلا أن انقلاباً حدث فى حياتها ضد الفكر الغربي والحضارة الغربية تقول د. زينب عن ذلك: طوال سنوات التعليم والبحث والتكوين كان تخصصي فى الفن والحضارة كنت أصطدم بأقوال وكتابات ضد الإسلام وضد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فكنت أغضب ولكني سرعان ما أقول لنفسي إنه مجرد رأى ووجهة نظر وأشياء فردية وأنسى أو أتناسى الأمر..

تغيير الاتجاه

ولكن عندما نضجت فكرياً بدأت أكتشف عكس ذلك تماماً فإننا نتجاهل ما يكتب ضدنا ويؤذينا فى ديننا وعقيدتنا أو نتعامل معه باستخفاف واستهانة أو أننا لا نجيد ترجمة وقراءة ما يكتبه الآخرون عنا أو نخشى معرفة الحقيقة.. وانتهيت, أن كل علمي وجهدي يذهب لحضارة غربية تسئ لديني وإسلامي طوال الوقت وبشكل رسمي ومدروس، وشعرت بالخجل والحُرمانية.. وغيرت الاتجاه وصممت على اكتشاف أصل الحكاية وتتبعها وفضحها وجدت أن المسلمين يمثلون للغرب بكتابهم الكريم دليل الإدانة وجسم الجريمة فى الكذبة الكبرى التى حدثت فى التاريخ، ولهذا كان يجب تشويه وتحريف ومحاربة الإسلام وعقيدته وأن يدفع المسلمون الثمن، لأننا دليل إدانة حي وجسم جريمة قائم ومستمر وأقصد بالكذبة الكبرى عملية تأليه السيد المسيح، فالسيد المسيح نبي من أنبياء الله.

فى هذا الوقت بالذات الذي بدأت فيه الأمور تتكشف لي، قدم “جاك بيرك” ترجمته الفرنسية لمعاني القرآن الكريم فاشتريتها على الفور، وكان هدفي أن أكتب رداً على هجوم المستشرقين على الإسلام بلسان وقلم واحد منهم ولكنه أمين ومنصف وهو “جاك بيرك” كما كنا نظن جميعاً فيه وذلك لمكانته الكبيرة جداً وقتها فى نفوسنا، فهو الفرنسي عضو مجمع اللغة العربية، وأستاذ “الكوليج دى فرانس” وصديق العرب الذي يدافع عن قضاياهم وكثيراً ما كان يرتدى الجلباب العربي وهو يتقن اللغتين الفرنسية والعربية إتقاناً تاماً وكان حضوره الثقافي عندنا قوياً ومؤثراً.

طعنة جاك بيرك

وكم كانت الطعنة غادرة فى “جاك بيرك” بترجمته للقرآن ومقدمته التى قال إنه يضعها فى نهاية الترجمة حباً وتواضعاً، كانت تمتلئ بسموم قاتلة ونافذة استغل فيه “بيرك” أستاذيته وإتقانه للغتين فى الدس والتهوين والحط من شأن الدين الإسلامي، مستغلاً غفلتنا عن التفتيش وراءه أو حياءنا من صداقته الموهومة.. فذهبت من فوري إلى الشيخ الجليل المرحوم جاد الحق شيخ الأزهر حينئذ وأظهرت ما بالترجمة من مصائب، وكانت معركة رهيبة، وشكل الشيخ لجنة لفحص الترجمة وخرجت بتقرير علمي أثبتت فيه أن ترجمة “جاك” منحرفة وأنه مغرض ومتعمد الإساءة للإسلام والمسلمين وأنه يفتقد الأمانة العلمية والأدب الأخلاقي وغيرها من الملاحظات.

كذبة الحوار

وللدكتورة زينب عبد العزيز موقف حاد ورافض لفكرة الحوار بين الأديان وتعتبر أن هذه الفكرة لعبة وكذبة.. والفاتيكان هو أول من أطلق هذه الدعوة فى عام 1964م، وفى الكتاب الذي يشرح فيه دعوته للحوار، يقول: “إن أخطر ما يمكن أن يوقف الحوار أن يكتشف من نحاوره نيتنا فى تنصيره”، فالحوار والتبشير وجهان لعملة واحدة، ومنذ مجئ البابا السابق يوحنا بولس الثانى لبابوية الفاتيكان عام 1978 وهو يقول بصريح العبارة فى خُطبه الرسولية وفى حواراته: “إنه يجب فرض الارتداد على العالم كله والدخول فى سر المسيح” هكذا بصريح العبارة.

والدكتورة زينب تعترف بالحوار الحقيقي.. “الحوار الذي يعترف بأن الدين الإسلامي رسالة سماوية منزلة كاليهودية والنصرانية”.

التصدي للمتأمركين

وتصدت الدكتورة زينب للمثقفين المتأمركين المطالبين بالاعتذار للولايات المتحدة قائلة: “من يعتذر لمن نحن أم الغرب فما يدور الآن من أحداث على الصعيد العالمي ليس بحاجة إلى أدلة أو براهين فاضطهاد المسلمين حتى الموت، ومحاربتهم ومحاولة ردهم عن دينهم خطان متوازيان يقودهما تيار التعصب المسيحي الغربي فى تضافر رهيب وفى إيقاع محموم لا سابقة له فى التاريخ ولا نقول شيئاً عن القياس بمقياسين والكيل بمكيالين من يعتذر لنا عن محاربة الإسلام التى بدأت منذ أول ظهوره وبداية انتشاره.

لعبة الفن الحديث

وعن الجانب الفني فى حياتها.. تقول الدكتورة زينب أن زوجها كان له فضل كبير فى حياتها فهو الدكتور لطفى الطنبولى أستاذ الآثار والفن التشكيلي الذي كان أول فنان يحصل على جائزة العارضين الأجانب فى فرنسا عام 1947 كما حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الرئيس مبارك.

وتقول  إنها تعلمت الفن التشكيلي على يديه وأنها تدين له بالفضل فى نجاحها.

ترفض د. زينب كل البدع التى دخلت على الفن التشكيلي وبالذات ما يسمى بالفن التجريدي لأنه يقوم على حد قولها بتدمير التراث الحضاري وهو عبث وقد أوضحت بالأسانيد والوثائق فى كتابها “لعبة الفن الحديث بين الصهيونية والماسونية” الذي ظهر عام 1990. وفضحت فيه الخفايا السياسية والاستعمارية وراء هذه الاتجاهات الفنية.

لطفى الطنبولي.. المُعلم

سارت حياة د. زينب فى خطين معاً الأول هو الرسم، الذي بدأته وهي طفلة صغيرة وصار هوايتها وراحتها، والثاني هو الأدب الفرنسي الذي كان دراستها ومهنتها.. وقد أخلصت للاتجاهين معاً، قدمت أول معرض فى الفن التشكيلي عام 1955 بالاشتراك مع أستاذها ومعلمها الذي أصبح زوجها لطفى الطنبولى عليه رحمة الله.

أما اللغة الفرنسية وهى الخط الثانى فى حياتها حصلت فيها على الليسانس من آداب القاهرة ثم ماجستير ودكتوراه فى الحضارة وتاريخ الفن حتى وصلت إلى رئيس قسم اللغة الفرنسية ثم أستاذ متفرغ الآن.. وقدمت فى تلك الفترة خمسة كتب فى الحضارة وتاريخ الفن ومنها يوميات فنان، وفولتير رومانسيا، والنزعة الإنسانية عند فان جوخ.. ثم غيرت كتاباتها إلى اتجاه آخر تماماً.

قلب حوى أمة

لم أجد أفضل مما كتب هؤلاء في الدكتورة زينب عبد العزيز التي سخّرت كل إمكانياتها لخدمة الدين الإسلامي، فهي غُصة في حلوق أعداء هذا الدين.

‏يقول عنها الداعية ‏صفوت بركات “د. زينب عبد العزيز؛ سماء عالية وقلب حوى أمة بكاملها جغرافيا وتاريخ وعقيدة وثغور سيخسر العالم الاسلامى كثيراً مالم تدرس كتبها فى كل منابر التعليم ولازلت مندهش بالبركة فى عمرها فإنتاجها يفوق أعمارنا جميعا وربما لا يعرفها الكثير من أبناء هذه الأمة المكلومة ولن يسمعوا بها إلا بعد مماتها ونصيحتى للكل أنهلوا منها واستخرجوا منها ما تستطيعون وما تسمح بها جهودكم وعمرها قبل أن نتباكى عليها”.

وقفت بالمرصاد لمخططات الأعداء

أما الأستاذ رأفت صلاح الدين الصحفي والباحث فكتب: “الدكتورة زينب عبد العزيز؛ أستاذة الأدب الفرنسي جامعة المنوفية سابقاً، من أنقى وأقوى من واجه زيف وتدليس الفاتيكان وسعيه لتنصير العالم، فقد وقفت بالمرصاد لمخططاتهم، وقد أفادتنا بالغوص في وثائق القوم ومصادرهم ومؤتمراتهم واجتماعاتهم وسنودسهم، وترجمت ما يمكرنه لنا، كما هي ترد عليهم من مصادرهم.

ما لي أرى تجاهل الإعلام لها ولماذا لا يستفاد من خبرتها وقد تجاوزت الثمانين من عمرها؟!

الإعلام العلماني نعرف السبب، لكن ما عذر الإعلام الإسلامي؟ يمكن لأنها لا تنتمي لجماعة أو حزب.. ربما!

أنصح أصدقائي بمتابعة مؤلفاتها فهي قيمة ومتنوعة، كذلك مراجعة سيرتها الذاتية، فهي علم إسلامي يتم دفنه حياً”.

لو كانت النساء كهذه لفضلت النساء على الرجال

أما الصحفي والإعلامي الأستاذ حازم غراب فتساءل: “كم زينب عبد العزيز تحتاجهن الأمة الإسلامية في زمننا يا ترى؟”

الأستاذ أيمن غراب يقول:

اسمها د. زينب عبد العزيز – منذ حوالى أسبوعين كانت تستقبل عامها السادس والثمانين، أستاذة لمادة الحضارة بالجامعات المصرية، كما ترأست قسم اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر بالإضافة إلى التدريس بكلية الدراسات الإنسانية بنفس الجامعة وانتهاءا برئاسة قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب بجامعة المنوفية، وبالتوازى مع ذلك تألقت فى عالم الفن التشكيلى حيث تتلمذت على يد زوجها الفنان وعالم الآثار الراحل لطفى الطنبولى.. لم تشغلها حياتها الخاصة ومهامها الوظيفية المتعددة عن خدمة الإسلام من خلال عضوياتها بالعديد من اللجان العلمية حيث قررت التصدى للرد على مايردده أعداء الإسلام وخصومه من مغالطات وافتراءات، كما خصصت مئات المقالات و العديد من الكتب لفضح جرائم التبشير والتنصير ومخططات الماسونية وكذلك للرد على الملحدين والكشف عن أسباب الإلحاد، ثم حذرت مراراً وتكرارا من استضافة مصر لبعض المؤتمرات المشبوهة التى تتعمد الترويج لأفكار ومبادئ تتنافى مع قيمنا الإسلامية وتهدف إلى تفكيك مجتمعاتنا، ثم كان من توفيق الله لها أن استطاعت ترجمة معانى القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية وهو المشروع الذى تفرغت من أجله أكثر من ثمانى سنوات ونجحت من خلاله فى تنقية الترجمات الفرنسية السابقة لمعانى القرآن الكريم من الشوائب ..نسأل الله لها الصحة والعافية ودوام العطاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى