جديد العلوم

جامعة “أكسفورد”: انتقال العالم إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيوفر عليه 12 تريليون دولار

وجدت دراسة حديثة صادرة عن جامعة “أكسفورد” أن الانتقال إلى نظام طاقة منزوعة الكربون، أي الطاقة النظيفة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية والرياح، بحلول عام 2050 من المتوقع أن يوفر على العالم أكثر من 12 تريليون دولار.

ويُظهر بحث أجرته الجامعة البريطانية سيناريو مربح للجانبين، حيث يؤدي الانتقال السريع إلى الطاقة النظيفة إلى انخفاض تكاليف نظام الطاقة مقارنة بنظام الوقود الأحفوري، مع توفير المزيد من الطاقة للاقتصاد العالمي. الأمر الذي سيعمل على توسيع الوصول إلى الطاقة لعدد أكبر من الناس حول العالم.
ويُظهر سيناريو “الانتقال السريع” للدراسة مستقبلاً واقعياً محتملاً لنظام طاقة خالٍ من الأحافير بحلول عام 2050 تقريباً، ما يوفر 55 في المئة من خدمات الطاقة على مستوى العالم أكثر من اليوم، حسب ما نقلت جريدة “دايلي ميل” البريطانية.


وسيتم تحقيق ذلك من خلال تكثيف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات والمركبات الكهربائية وأنواع الوقود النظيف مثل الهيدروجين الأخضر.
وجادلت الدراسات السابقة بأن تحقيق انبعاثات كربونية صافية صفرية بحلول عام 2050 أمر مستحيل بدون حدوث بعض الاضطراب في الاقتصادات العالمية.
والتزم رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون بتحقيق “صافي صفر” لانبعاثات الكربون بحلول عام 2050 وهو هدف قد يكلف 1.4 تريليون جنيه إسترليني.
وحذرت الحكومة سابقاً من أن العائلات ستتحمل جزءاً كبيراً من هذه النفقات، ما يصل إلى 400 جنيه إسترليني سنوياً لكل أسرة، من خلال الاضطرار إلى استبدال السيارات العاملة بالوقود التقليدي والتحول إلى السيارات الكهربائية، إضافة إلى أمور عديدة أخرى.


وتسبب التعهد في غضب دوائر حزب المحافظين، حيث حذر النواب من أن التكاليف الإضافية ستضرب أصحاب الدخول المنخفضة في بريطانيا الذين يصوت أعداد كبيرة منهم لحزب المحافظين.


ومع ذلك، أظهرت كل من بريطانيا وفنلندا أنه من الممكن خفض الانبعاثات مع تنمية اقتصاداتهما، حيث أظهر كلاهما ذلك من عام 2010 إلى عام 2016.
وتشير الدراسة الجديدة أيضاً إلى أن إزالة الكربون لن يكون مكلفاً كما كان يعتقد البعض.
وقال المؤلف الرئيسي الدكتور روبرت واي، الباحث ما بعد الدكتوراه في كلية سميث للمؤسسات والبيئة بجامعة أكسفورد: “النماذج السابقة، التي تنبأت بتكاليف باهظة للانتقال إلى الطاقة الكربونية الصفرية، منعت الشركات من الاستثمار وجعلت الحكومات متوترة بشأن وضع سياسات من شأنها الإسراع بتحول الطاقة وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، لكن تكاليف الطاقة النظيفة انخفضت بشكل حاد خلال العقد الماضي وأسرع بكثير مما توقعته تلك النماذج”.
وقال إن البحث الجديد يُظهر أن توسيع نطاق التقنيات الخضراء الرئيسية سيستمر في خفض تكاليفها، وكلما ذهبنا بشكل أسرع سنوفر المزيد.
وأضاف: «تسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة هو الآن أفضل رهان ليس فقط لكوكب الأرض، ولكن لتكاليف الطاقة أيضاً”.


وقام الباحثون بتحليل الآلاف من سيناريوهات تكلفة الانتقال التي تنتجها نماذج الطاقة الرئيسية واستخدموا بيانات عن 45 عاماً من تكاليف الطاقة الشمسية، و37 عاماً من تكاليف طاقة الرياح و25 عاماً لتخزين البطاريات.
ووجدوا أن التكلفة الحقيقية للطاقة الشمسية انخفضت بمعدل ضعف أسرع التوقعات الأكثر طموحاً في هذه النماذج، وكشفوا أنه على مدار العشرين عاماً الماضية، بالغت النماذج السابقة بشكل سيئ في تقدير التكاليف المستقبلية لتقنيات الطاقة النظيفة الرئيسية مقابل الواقع.


وقال البروفيسور دوين فارمر، الذي يقود الفريق الذي أجرى الدراسة في جامعة أكسفورد: “هناك اعتقاد خاطئ منتشر بأن التحول إلى الطاقة النظيفة والخضراء سيكون مؤلماً ومكلفاً وتضحيات بالنسبة لنا جميعاً، لكن هذا مجرد خطأ”.
وتتجه تكاليف الطاقة المتجددة إلى الانخفاض منذ عقود، حيث أصبحت أرخص من الوقود الأحفوري في العديد من المواقف، ويظهر البحث الجديد أنها ستصبح أرخص من الوقود الأحفوري في جميع التطبيقات تقريباً خلال السنوات المقبلة.
ويقول الباحثون إنه إذا سرّعنا عملية الانتقال فسوف تصبح أرخص بشكل أسرع، ويضيفون: “استبدال الوقود الأحفوري بالكامل بالطاقة النظيفة بحلول عام 2050 سيوفر لنا تريليونات الدولارات”.


وأظهرت الدراسة أن تكاليف تقنيات التخزين الرئيسية، مثل البطاريات والتحليل الكهربائي للهيدروجين، من المرجح أيضاً أن تنخفض بشكل كبير.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت تكاليف الطاقة النووية باستمرار على مدى العقود الخمسة الماضية، ما يجعل من غير المرجح أن تكون تنافسية من حيث التكلفة مع انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة والتخزين.


وأضاف البروفيسور فارمر: “يواجه العالم أزمة تضخم متزامنة وأزمة أمن قومي وأزمة مناخية، وكل ذلك بسبب اعتمادنا على الوقود الأحفوري عالي التكلفة وغير الآمن والملوث مع أسعار متقلبة”.

وتُظهر هذه الدراسة أن السياسات الطموحة للإسراع بشكل كبير في الانتقال إلى مستقبل الطاقة النظيفة في أسرع وقت ممكن، ليست فقط مطلوبة بشكل عاجل لأسباب تتعلق بالمناخ، ولكن يمكنها توفير تريليونات العالم من تكاليف الطاقة المستقبلية، ما يمنحنا نظافة وأرخص وأكثر مستقبل آمن للطاقة.

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا ارتفعت تكاليف الطاقة الأحفورية بشكل كبير ما تسبب في حدوث تضخم في جميع أنحاء العالم.


وهذه الدراسة، التي أجريت قبل الأزمة الحالية، تأخذ في الاعتبار مثل هذه التقلبات باستخدام بيانات أسعار الوقود الأحفوري التي تزيد عن قرن.

ويقول الباحثون إن أزمة الطاقة الحالية تؤكد نتائج الدراسة وتوضح مخاطر الاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري باهظ الثمن وغير الآمن.
وأضافوا أن الاستجابة للأزمة يجب أن تشمل تسريع الانتقال إلى طاقة منخفضة التكلفة ونظيفة في أسرع وقت ممكن، لأن ذلك سيعود بالفوائد على كل من الاقتصاد والكوكب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى