العالم يقرأ

انطلاق التعليم.. إشكالية التحولات الحضارية في المجتمع العربي

في كتابه المعنون بـ “انطلاق التعليم.. إشكالية التحولات الحضارية في المجتمع العربي”, والصادر عن دار الشروق للنشر والتوزيع بالأردن, يعالج الدكتور إبراهيم بدران وزير التربية والتعليم الأردني الأسبق ومستشار الرئيس في جامعة فيلادلفيا الأردنية, أزمة التعليم والعوامل التي حدّت من فاعليته كرافعة للتغيير الاجتماعي، والتطور الحضاري والتقدم على جميع المستويات في الوطن العربي، ويشكل هذا الكتاب الجزء الثاني من سلسلة كتبه التي انشغلت بالتعليم ودوره في النهضة والتقدم بعد كتابه الشامل والموسوعي عقول يلفها الضباب.

ويستهل الدكتور بدران كتابه ليقدم للقراء الأعزاء المقولة المشهورة عن التعليم للزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا: أن التعليم هو أقوى سلاح يمكن استعماله لتغيير العالم.

تضمن الكتاب مقدمة وخاتمة، وعشرين فصلاً، حملت العناوين التالية: الديناميكية الغائبة، الحكم والإدارة، الانسياق الإيديولوجي، العقل العلمي، الفلسفة والمنطق، الثقافة المجتمعية، عصر العلم والتكنولوجيا، اللغة والعقل العلمي والثقافة، بنية الاقتصاد الوطني، هجرة العقول والمهارات، مرونة المجتمع الماضي والمستقبل، الريادية والمشاريع، الفنون، اللياقة البدنية والرياضة، الثقافة، التسامح، المهارات، مهارة صنع الأشياء، المغامرة والاستكشاف، المعلم.

وتضمنت الفصول عناوين فرعية تفصيلية، ومؤشرات إحصائية، وجداول رقمية وهي الطريقة العلمية التي ميزت اسلوب د. بدران في كل ما كتب ويكتب سواء في القضايا الاجرائية أو الفكرية وحتى في مقاله الأسبوعي في الصحف اليومية.

ويؤكد الكتاب أن التعليم لا يشكل شيئاً قائماً بذاته، بل إنه متداخل في ثنايا المجتمع ودروب الاقتصاد. وبالتالي هل هناك أغلال وقيود وموانع وسواتر وخنادق تمنع التعليم من أن ينطلق؟ فيأخذ دوره الذي أشار إليها العلماء والحكماء والخبراء في المجتمع وفي الاقتصاد.

المدرسة هي المدرسة والجامعة هي الجامعة والمناهج والمقررات والكتب منقولة عن الدول المتقدمة، والتربويون والسياسيون والإداريون العرب لم يتركوا بلداً متقدماً إلاّ وكان لهم فيه مجال للتعليم أو التدريب أو الزيارة، ومع هذا فالمخرجات مختلفة ونتائج تفاعل التعليم مع المجتمع مختلفة أيضاً.. لماذا؟ وكيف ومتى ينطلق التعليم؟ ويتحرر من القيود والاغلال ليأخذ دوره الاقتصادي الاجتماعي الإنساني.

تساؤلات الكتاب

هذا ما يحاول الكتاب المساهمة في الإجابة عنه مستعيناً بآراء المفكرين والخبراء حيثما كانوا في الزمان والمكان..

ينطلق الدكتور ابراهيم بدران من التساؤلات التالية: لماذا كانت وما زالت مخرجات التعليم العربي متواضعة، لماذا فشل التعليم في استنهاض الدول والمجتمعات العربية إسوة بالدول المتقدمة والناهضة، ما العقبات والمعيقات التي وقفت في وجه التعليم وفرّغت مضمونه وفاعليته ودوره في التقدم والتنوير والنهضة، كيف نستفيد، وماذا نستفيد من تجارب الغير وقصص النجاح في الشرق والغرب. وأكثر ما يشغله ويشغل فكرة في الكتاب وخارج الكتاب، هو الإبداع والتفكير النقدي، والريادية، وثقافة الانجاز، والحوكمة الرشيدة، والأفكار العملية الخلاقة – بعيدا عن التنظير الأجوف والمجرد -، والشباب والمستقبل وآفاقه، إلى أين نحن سائرون ؟!

ربط الدكتور إبراهيم بدران بين التعليم – مؤثراً ومتاثرا وبين قطاعات مختلفة بعضها على علاقة مباشرة بالتعليم، وبعضها الآخر ليس كذلك، لكن الدكتور بدران اُثبت في تحليله أهمية تلك القطاعات في التعليم، وأهمية التعليم فيها كالفلسفة والمنطق، والاختراعات، والديمقراطية، والنزاهة، والشفافية، والإنتاجية، وأثبت أهمية تلك القطاعات من خلال البيانات والأرقام والمؤشرات في عدة دول.

ربط الدكتور بدران بين نوعية الحكم والإدارة من جهة، والتعليم وطبيعته من جهة ثانية، فتوقف عند السلطوية في الحكم والإدارة وبيّن النتائج الكارثية لذلك، ونبهنا في المقابل إلى عبثية مشاريع الإصلاح التربوي والتعليمي إذا بقيت تدور في فلك السلطوية والبيروقراطية والروتين. وحشد الكثير من الحجج والبراهين وآراء كبار التربويين كجون ديوي، وباولو فيريري للتدليل على اهمية الديمقراطية والتحرر في فاعلية التعليم والتحذير من مخاطر السلطوية على جميع المستويات، وفسر تخلف الدول العربية مقارنة بالدول المتقدمة والناهضة بعدم تزامن التعليم بنهوض القطاعات الأخرى التي بقيت أصلا متخلفة، ولم تنجح حتى الآن في تجسير الهوة والانطلاق المتزامن بين الإنتاج، والتصنيع، والابتكار، والريادية، والديمقراطية، من جهة، وبين التعليم من جهة أخرى.

تأثير الأيديولوجيات الميتة

حذر الدكتور ابراهيم بدران في الكتاب من استمرار تأثير الأيديولوجيات الميتة على المتعلم والتعليم، و أشار إلى حالة الإنفصام التي يعاني منها المتعلم بين حركة المجتمع ومتطلباته المعاصرة وبين ثقافة الأيديولوجيا الماضية في عقليى المتعلم التي افسدتها الأيديولوجيا الماضوية السلفية التي جعلت الماضي اهم من الحاضر والمستقبل و النقل والاتباع والاصالة اهم من العقل والحداثة والمعاصرة.

غياب العقل

وفي جانب آخر أشار د. بدران لمظاهر غياب العقل العلمي في التعليم والمجتمع، وخاصة عند المسؤول، وتمثل ذلك في غياب الشعور بصدمات الرقم والتخلف والتبعية وغياب الخطط الوطنية للتصنيع.

وتوقف المؤلف عند أهمية الفلسفة ودورها في التعليم وحياة الطالب فهي التي تمنحه القدرة والثقة لمناقشة كل التساؤلات التي تدور في عقله ومجتمعه، وهي التي تنقل التعليم والمتعلم من التلقين والإملاء إلى البرهان والإقناع والدليل العلمي، وتحسين التحصيل والكفاءة، وتطوير مهارات التفكير العليا والجسارة في مناقشة الأفكار، وإشاعة التسامح والعقلانية والتحرر.

الثقافة المجتمعية

وعن الثقافة المجتمعية السائدة في البلدان العربية التي تؤثر سلباً في التعليم والمتعلم – وهي اصلا نتيجة القهر السياسي والملاء الايديولوجي والكبت النفسي- فتعمل على إشاعة القيم السلبية والرجعية، فماذا نتوقع من ثقافة ترزج تحت القهر والتسلط غير النفاق والازدواجية والفساد وتبلد المشاعر والتواكل والانتهازية..

تجارب وخبرات

سخّر المؤلف في الكتاب تجاربه وخبراته العلمية والعملية كوزير تربية سابق، وخبير طاقة، ومستشار اقتصادي وسياسي ومهندس ومدرس في كلية الهندسة، ولهذا جاء الكتاب إضافة نوعية للمكتبة العربية في قضايا التربية والتعليم؛ هذا القطاع الذي اثبت – بتجارب الدول المتقدمة والناهضة – أهميته. فالتعليم لم يعد مجرد خدمات لا ترقى إلى سلم الأولويات في الدولة، وقد آن الأوان للاهتمام بالتعليم كونه صمام الأمان للأمن والاستقرار والتقدم والنهضة.

حول المؤلف:

المواقع والمسؤوليات

  • مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والمراكز العلمية
  • عضو اللجنة الملكية الاستشارية للتعليم
  • عضو مجمع اللغة العربية
  • عضو المجلس الأعلى لشؤون الأسرة
  • عضو منتدى الفكر العربي
  • أستاذ الهندسة الكهربائية – كلية الهندسة – جامعة فيلادلفيا
  • مدير مركز الاستشارات العلمية – جامعة فيلادلفيا
  • عضو اللجنة الوطنية لبرنامج دكتور لكل مصنع

المواقع السابقة

  • وزير التربية والتعليم بالمملكة الأردنية
  • عميد كلية الهندسة في جامعة فيلادلفيا (2000 – 2007)
  • مستشار رئاسة الوزراء – الأردن
  • أمين عام وزارة الصناعة والتجارة
  • أمين عام وزارة الطاقة والثروة المعدنية
  • المدير التنفيذي لمؤسسة نور الحسين
  • عضو مجلس إدارة هيئة الطاقة الذرية الأردنية
  • عضو مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون
  • عضو مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية الدولية – فينا

الجوائز والأوسمة

  • وسام الاستقلال من الدرجة الأولى 1991
  • ميدالية الحسين الذهبية للتفوق العلمي 2001
  • شهادة الدولة التقديرية في العلوم الإنسانية والاجتماعية 2002

عضو جمعية الشؤون الدولية

عضو لجنة صياغة الميثاق الوطني

الدراسات والأبحاث

 أكثر من (120) بحثاً ودراسة وتقريراً في الهندسة الكهربائية والطاقة والاقتصاد والسياسة والعلوم والتكنولوجيا والفلسفة والدراسات الإستراتيجية بعضها منشور في دوريات علمية ووقائع المؤتمرات والمجلات المتخصصة والبعض الآخر محدود التوزيع.

الدراسات والمؤهلات

  • دكتوراه هندسة كهربائية – جامعة لندن 1970م
  • بكالوريوس هندسة كهربائية – جامعة القاهرة 1963م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى