حلول مبتكرة

“الكلاب” و”الفئران” ومهمة إنقاذ ضحايا الزلزال

استيقظت كل من تركيا وسوريا، فجر الإثنين الماضي، على وقع زلزال مدمر بلغت قوته 7.9 درجة بمقياس ريختر، خلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى إضافة إلى انهيار عدد كبير من المباني وحصار العشرات تحت الأنقاض.

منذ اللحظة الأولى التي ضرب فيها الزلزال، توجّهت الأنظار فورا إلى خطط التعامل، وكيف سيتمكن رجال الإنقاذ من استخراج الناجين من الضحايا من تحت الأنقاض، أو على أقل تقدير، إرسال الأدوية والمياه لهم؛ وفي هذه الأثناء يمكن للحيوانات أيضا أن تساهم بمساعدات مهمة. وكان من أغرب فرق الإنقاذ فريق يتكون من مجموعة من الفئران/الجرذان المدربة التي أنهت اخر استعداداتها للمشاركة في عمليات الإنقاذ التي تجري الآن علي قدم وساق في تركيا. وفريق أخر يتكون من مجموعة من كلاب “الراعي الألماني” (German Shepherd) التي تم تزويدها بحزام صغير يحمل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، لتبحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض في المناطق المنكوبة جنوبي تركيا.

مهمة الجرذان

تم تجهيز الجرذان بحقائب ظهر متطورة بداخلها جهاز تحديد مواقع (GPS) متطور للغاية، وكاميرا عالية الدقة، وميكروفون حساس للتواصل مع البشر المحاصرين تحت الأنقاض، فضلا عن سماعة يمكن من خلالها التواصل مع الأشخاص المحاصرين، وبعد ذلك يتم إطلاق إشارة صوتية تخبر الفأر بأنه أنهي مهمته علي أكمل وجه، وأن هناك مكافأة شهية بانتظاره في الخارج.

بارت فيتيينس.. الجرذ البطل

ويعود الفضل في تطويره للبلجيكي بارت فيتيينس، حيث يتمتع الجرذ بأنف فائق الحساسية مما يؤهله للاضطلاع بهذه المهمة، كما أن وزنه خفيف يعتبر عامل نجاح آخر.

مشروع تدريب حيوانات الإنقاذ هو برنامج طموح تابع لمنظمة “أبوبو” (APOPO) البلجيكية الغير حكومية بالتعاون مع جامعة “ايندهوفن للعلوم والتقنية”، وقد تم إطلاقه منذ حوالي عشر سنوات في “تنزانيا” لتدريب الكلاب والقوارض على الإنقاذ بالإضافة إلى اكتشاف الألغام الأرضية مما ساهم في اكتشاف أكثر من 6000 لغم أرضي، وحوالي 3000 قطعة سلاح صغير وذخيرة، وما يصل إلى ألف قنبلة في العديد من البلدان، بما في ذلك موزمبيق وأنغولا وكمبوديا وتايلاند وفيتنام ولاوس.

الجرذان في مهمة رسمية

تكلف عملية تدريب جرذ للقيام بهذه المهمة ما يقارب 7770 دولار وتستمر لمدة سبعة أشهر وهي تعادل ثلث ما ينفق على الكلب لأجل ذات المهمة.

ويتم تدريب تلك الجرذان على شم رائحة “تي إن تي”، والتي من خلالها يتم الوصول إلى الألغام الأرضية.

ومن أمثلة نجاح الجرذ البطل هو ما حصل في موزمبيق حيث أن 30 جرذاً تمكنت من تمشيط ما مساحته مليون متر مربع في موزمبيق ونجحت في اكتشاف 400 لغم أرضي، وتجهيزات أخرى.

الجرذان الأبطال قادمون

بدأت الجرذان في التدريب للبحث عن الأشخاص والحيوانات تحت حطام الزلزال.

وتم تعليم القوارض التي تحمل حقائب ظهر صغيرة مزودة بأجهزة تتبع الموقع وميكروفونات تمكين الناجين من التواصل مع فريق الإنقاذ.

وتعتبر هذه الثدييات مثالية للبحث عن مواقع الحوادث والكوارث نظرًا لحجمها وخفة حركتها، وفي الواقع، فقد تمت مكافأة الجرذ “ماجاوا” (Magawa) الذي حصل على ميدالية لأول مرة في التاريخ على نجاحه في هذه الدراسات.

وعن السبب في استخدام الفئران بالذات قالت الدكتورة “دونا كين” وهي عالمة حيوان أسكتلندية والمشرفة على برنامج تدريب فئران الإنقاذ: “بطبيعة الحال الفئران حيوانات فضوليّة ومغامرة وهذان هما أهم جانبين من جوانب البحث والإنقاذ”.

وأضافت: “أيضًا ونظرًا لصغر حجمها وحاسة الشم الممتازة، فإن هذه المخلوقات مناسبة تمامًا للعثور على البشر في مساحات صغيرة وضيقة”.

تعمل دونا كين، التي تدرب الفئران على عمليات البحث عن الزلازل والحطام، في شراكة مع منظمة “أبوبو” غير الربحية كجزء من مشروع يسمى “الجرذان الأبطال” أو (Hero Rats). وستتاح الفرصة للجرذان لاختبار مهاراتها للعمل بالشراكة مع فريق البحث والإنقاذ.

تم تدريب ما مجموعه 170 من الجرذان على مشاريع مثل الألغام الأرضية والكشف عن السل.

بالإضافة إلى ذلك، تم تدريب الجرذان على الدراسات التي ستسمح لهم باكتشاف داء البروسيلات، وهو مرض معد يُعتقد أنه قادر على تدمير حيوانات المزرعة في المستقبل القريب.

كما تم تدريبهم على الاستجابة للصفير.

وفي حديثها عن الجرذان التي تم تدريبها على أعمال البحث عن الناجين في حطام الزلازل، قالت دونا، “ستتمكن الجرذان من دخول مناطق صغيرة للوصول إلى الضحايا المدفونين تحت الأنقاض.”

وأضافت: “عندما نحصل على حقائب الظهر الجديدة للفئران، سنتمكن من معرفة مكانها وما حدث للفئران التي كانت بين الحطام. ولدينا أيضًا إمكانية التحدث إلى الضحايا من خلال الجرذان.

ويتم تدريب القوارض على الاستجابة إلى صوت صفير يشير إلى العودة إلى القاعدة”.

أشارت دونا أيضًا إلى الملابس الجديدة لجرذان البحث والإنقاذ، قائلة: “زميلنا الذي يصنع الملابس هو خياط، وهو يصنع حقائب الظهر وهو موهوب جدًا”.

ومع ذلك، أشارت دونا إلى أنها حصلت على حقائب ظهر مصنوعة خصيصًا من شأنها أن تكون مسجلات فيديو وميكروفونات وأجهزة إرسال لتحديد الموضع.

وتمادت في وصف الجرذان بقولها: “إنهم رشيقون للغاية، جيدون جدًا في التحرك في جميع أنواع البيئات المختلفة.

إنها مثالية لوظائف البحث والإنقاذ

إنهم جيدون جدًا في البقاء على قيد الحياة في بيئات مختلفة، مما يدل على مدى ملاءمتهم لأعمال البحث والإنقاذ.”

مهمة الكلاب فى عملية الانقاذ والدعم

مع حاسة الشم القوية، يمكن للكلاب المدربة أن تشم بسهولة رائحة أجسام الناجين المحتملين من خلال الإسمنت والحديد، ثم تحدد مكانهم، بعد ذلك ينطلق رجال الإنقاذ لاستخراجهم آمنين.

وإلى جانب ذلك، فإن الكلاب تمتلك حاسة سمع قوية يمكنها استشعار أضعف الأصوات، من احتكاك الأيدي والأقدام المُتعبة، أو أصوات المنكوبين تحت أطنان الأنقاض، ثم الإشارة إلى مكانهم كي يبدأ رجال الإنقاذ في الحفر.

وليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها الاستعانة بالكلاب في عمليات البحث والإنقاذ خلال الزلازل؛ ففي أغسطس عام 2017، تعرضت عاصمة المكسيك إلى 3 زلازل قوية، فتمت الاستعانة بكلاب البحث والإنقاذ لأسابيع، وعملت على مساعدة فرق الإنقاذ البشرية في تحديد مكان الناجين المحاصرين بالداخل.

وبحسب شبكة “سي إن إن” (CNN) الأميركية، فإن الحكومة المكسيكية تمتلك فرقا من الكلاب مدربة بشكل خاص لعمليات البحث والإنقاذ الخاصة بالزلازل، وبالفعل أرسلت فريق كلاب متخصصا إلى جانب فريق إنقاذ بشري من الجيش والبحرية المكسيكية، إلى تركيا للمساعدة في مهام الإنقاذ هناك.

ما هو الزلزال؟

وفقا لموسوعة ويكيبيديا؛ فالزَّلْزال أو الهَزَّة الأَرْضِيَّة هي ظاهرة طبيعية وهو اهتزاز أو سلسلة من الاهتزازات الارتجاجية المتتالية لسطح تحدث في وقت لا يتعدى ثوانٍ معدودة، والتي تنتج عن حركة الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية، ويسمى مركز الزلزال «البؤرة»، يتبع ذلك بارتدادات تدعى أمواجاً زلزالية، وهذا يعود إلى تكسر الصخور وإزاحتها بسبب تراكم إجهادات داخلية للأرض نتيجة لمؤثرات جيولوجية ينجم عنها تحرك الصفائح الأرضية.

وتوجد الأنشطة الزلزالية على مستوى حدود الصفائح الصخرية. وينشأ الزلزال كنتيجة لأنشطة البراكين أو نتيجة لوجود انزلاقات في طبقات القشرة الأرضية.

تؤدي الزلازل إلى تشقق الأرض ونضوب الينابيع أو ظهور الينابيع الجديدة أو حدوث ارتفاعات وانخفاضات في القشرة الأرضية وأيضًا حدوث أمواج عالية تحت سطح البحر (التسونامي)، فضلًا عن آثارها التخريبية للمباني والمواصلات والمنشآت. وغالبًا ينتج عن حركات الحمل الحراري في المتكور الموري (Asthenosphere) والتي تحرك الصفائح القارية متسببة في حدوث هزات هي الزلازل. كما أن الزلازل قد تحدث خرابًا كبيرًا.

كيف تتكون الزلازل؟

أثناء عملية الاهتزاز التي تصيب القشرة الأرضية تتولد ستة أنواع من موجات الصدمات، من بينها اثنتان تتعلقان بجسم الأرض حيث تؤثران على الجزء الداخلي من الأرض، بينما الأربعة موجات الأخرى تكون موجات سطحية. ويمكن التفرقة بين هذه الموجات أيضًا من خلال أنواع الحركات التي تؤثر فيها على جزيئات الصخور، حيث ترسل الموجات الأولية أو موجات الضغط جزيئات تتذبذب جيئة وذهابًا في نفس اتجاه سير هذه الأمواج، بينما تنقل الأمواج الثانوية أو المستعرضة اهتزازات عمودية على اتجاه سيرها.

وعادة ما تنتقل الموجات الأولية بسرعة أكبر من الموجات الثانوية، ومن ثم فعندما يحدث زلزال، فإن أول موجات تصل وتسجل في محطات البحث الجيوفيزيقية في كل أنحاء العالم هي الموجات الأولية والثانوية.

الفرق بين شدة الزلزال وقوة الزلزال

يستخدم العلماء مفهومي شدة الزلزال، وقوة الزلزال، للتعبير عن حجم الزلزال، ويعرف مفهوم شدة الزلزال على أنه مصطلح يستخدم لقياس الطاقة التي تنتج عن الزلزال، وتقاس قوة الزلزال بمقياس ريختر المكون من تسع درجات، فعلى سبيل المثال:

في حالة افتراضية عندما تقع البؤرة العميقة لزلزال تحت مدينة «س»، حيث تكون هذه المدينة المركز السطحي المدمر للزلزال، فإن حجم الدمار هناك أكثر من حجم الدمار في مدينة «ص»، وبذلك فإن شدة الزلزال في «س» أعلى منها في مدينة «ص». وأما قوة الزلزال فهي ثابتة ولا تتأثر في المكان الذي يحدث فيه الزلزال.

المصادر: 123

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى