تعليم

الشطرنج للتربية والتعليم.. تجربة أرمينية

يعتقد أهل العلم أن الأنشطة في المؤسسات التعليمية هي نصف عملية التربية والتعليم، إن لم يكن أكثر، وأن المناهج الدراسية التي تركز عليها الأسرة -ظنا منها أنها هي “التعليم” حصرا-، هي جزء لا يتعدى النصف الآخر إن لم يكن أقل. لذا فإن اختفاء تلك الأنشطة من مدارسنا العامة، هو أحد تجليات الكارثة التعليمية التي نعيشها. لذلك فوقاية من، وعلاجا لتلك الكارثة، درجت بعض البلدان التي تسعى لتطوير التعليم لديها إلى إضافة أنشطة مختلفة، فضلا عن اتخاذ بعض المدارس أو بعض التجارب لتلك “الأنشطة” مدخلا للتعليم ككل.

التجربة الأرمينية

فقد نشرت صفحة Nas Daily على الفيسبوك فيديو بتاريخ 18 يوليو 2018، يشير إلى تجربة أرمينيا بتعميم تعليم الشطرنج في جميع مدارسها، ووضعها منهجا مقننا لتعليمه. ومن ثم تتبعت الموضوع على ماكينات البحث، فتبين – من خلال تقرير للجارديان نشر عام 2012 – أن التلاميذ في أرمينيا يدرسون الشطرنج من سن السادسة كموضوع منفصل لمدة ساعتين في الأسبوع، ذلك لأن أرمينيا تعتبر الشطرنج مهم جدا لهوية هذا البلد الصغير غير الساحلي، ففي ستينات القرن العشرين قدمت أرمينيا للاتحاد السوفييتي – الذي كانت جزءا منه – واحدا من أبطال العالم وهو تيجران بيتروسيان. واليوم، تحمل أرمينيا – التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين فقط – لقب فريق الرجال العالمي في الشطرنج، لذا فإنها اتخذت من تلك اللعبة لعبة قومية تسعى لاستمرار التفوق فيها.

الشطرنج للتربية والتعليم.. تجربة أرمينية

مؤسسة “الشطرنج في المدارس والمجتمع”

لكن أرمينيا هي واحدة من عدة دول في العالم أخذت خطوات مماثلة تشمل تركيا، والهند، والنرويج. بينما حملت مؤسسة “الشطرنج في المدارس والمجتمع Chess in Schools and Community“، وهي منظمة غير حكومية أسسها الصحفي وأستاذ الشطرنج الدولي مالكولم بين Malcolm Pein على عاتقها مهمة ازدهار اللعبة في بريطانيا، وقد عبر عن رؤيته لأهمية اللعبة في التعليم قائلا: لا يوجد أي نشاط آخر أقل تكلفة في تنظيمه – من الشطرنج – والذي يكسر الكثير من الحواجز، العمر، والجنس، والعرق، والدين… فالشطرنج لعبة يمكن لأي شخص التمتع بها، فهناك حوالي 500 مليون شخص في 167 دولة يلعبون اللعبة، ويمكن فقط للعبة مثل كرة القدم منافستها. مع ذلك ، فقد تدهورت – اللعبة في – مدارسنا منذ فترة طويلة”.

مؤسسة Chess you Child

أما في مصر فقد بدأت مؤسسة Chess you Child تعيد تنشيط اللعبة في أوساط الأطفال، وهي لعبة كانت أحد الهوايات المنتشرة في البيوت في جيلي والأجيال الأكبر سنا، لكنها انقرضت أو كادت مع دخول الأجيال المتعاقبة للألعاب الرقمية، وعلى الرغم من نجاح المؤسسة في فتح 6 فروع لها في القاهرة، إلا أن نشاط المؤسسة لا زال قاصرا على أبناء القادرين في العاصمة فقط، كونها مؤسسة ربحية، ولم يجد النشاط بعد من يهتم بتوسيع قاعدته على المستوى الشعبي في محافظات مصر المختلفة.

وحول أهمية اللعبة على المستوى النفسي والعقلي يشير جون أرتيز John Artise – أحد المتخصصين الذين درسوا علم النفس المرتبط بالشطرنج، وذلك في ورقة له نشرتها مدونة بيت الشطرنج Chess House في مايو عام 2017: لعبة الشطرنج تقدم أحد أهم الإسهامات في مجال التعليم، فالمبادئ الأساسية لنظرية التعلم النفسي متأصلة في اللعبة، وهي مبادئ: الذاكرة، والتعرف على الأنماط، وصنع القرار، والتعزيز، فكل هذه المتغيرات تتفاعل خلال لعبة الشطرنج وتنتج عملية التفكير البشري – التي تتجلى في – : الفوز أو الخسارة.

د. مجدي سعيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى