ريادة

“أولافور” و”فريدريك”.. أفضل الخير ما استثمرت فيه علمك وخبرتك

تتعدد أشكال الخير ومراتبه فـ “كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الإثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها، أو تحمل له عليها متاعه صدقة”.. إلى آخر الحديث المشهور، فلا عليك إن فعلته، لكن في تقديري فإن من أكثر ألوان الخير تأثيرا ونفعا والله – أعلم هو ذلك الذي تستثمر فيه سابق علمك وخبرتك، فتضيف إليه من وحيهما ابتكارا وإبداعا يزيد  من نفعه، فتحل به مشكلة مزمنة بطريقة مبتكرة ومستدامة تتعدد منافعها، وهذا ما يسمونه بريادة الأعمال الاجتماعية Social Entrepreneurship .

“أولافور إلياسون” و”فريدريك أوتيسين” Olafur Eliasson and Frederick Ottesen أحدهما فنان تشكيلي والآخر مهندس ميكانيكي تعاونا سويا لتأسيس المشروع الاجتماعي ليتل صن أو الشمس الصغيرة Little Sun الذي ينتج مصابيح الصمامات الثنائية LED وشواحن تعمل بالطاقة الشمسية لتوفير الضوء والطاقة النظيفة بأسعار معقولة للمجتمعات المحرومة من وجود شبكات التوزيع الكهربائية.

أولافور فهو.. منحوتات وتركيبات فنية

أما أولهما “أولافور فهو” فنان تشكيلي أيسلندي دانمركي مولود في كوبنهاجن بالدنمارك عام – 1967 لأبوين مهاجرين من أيسلندا، معروف بالمنحوتات وفن التركيب الذي يستخدم فيه مواد أساسية مثل الضوء والماء ودرجة حرارة الهواء.

وفي عام 1995 أسس ستوديو فني بحثي خاص به في برلين، وشارك ممثلاً للدنمارك في بينالي فينيسيا الخمسين، وفي وقت لاحق من ذلك العام قام بتركيب مشروع الطقس في قاعة التوربين Turbine Hall في تيت مودرن Tate Modern، في لندن.

وشارك أولافور في عدد من المشاريع الفنية في الساحات العامة، بما في ذلك النهر الأخضر الذي نفُذ في مدن مختلفة بين عامي 1998 و 2001؛ وجناح سربنتين جاليري 2007 في لندن، وشلالات مدينة نيويورك، بتكليف من صندوق الفن العام في عام 2008 .

كما كان أولافور أستاذا في جامعة برلين للفنون من عام 2009 إلى عام 2014، وأستاذا مساعدا في مدرسة Alle للفنون الجميلة والتصميم في أديس أبابا منذ عام 2014 .

فريدريك أوتيسن.. رائد أعمال بخلفية هندسية

أما ثانيهما “فريدريك أوتيسن”, فهو رائد أعمال متمرس يتمتع بخلفية في الهندسة الميكانيكية والاقتصاد.

عمل بشكل وثيق جنباً إلى جنب مع مهندسي الطيران والطيارين في شركة Solar Flight من أجل تطوير المشاريع الجديدة للشركة، مثل أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية في العالم. وهو الرئيس التنفيذي السابق لشركة ماتريكس إيه إس Matriks A / S ، وهي شركة برمجيات بدأ العمل بها في عام 1998.

أما مشروعهما “الشمس الصغيرة Little Sun ” فقد تأسس عام 2012 باقتراح من أولافور، و يتم توزيع منتجاته التي تجمع بين العلم في صناعة المصابيح والشواحن الشمسية، والفن في جماليات تلك – التصاميم في أكثر من عشر دول أفريقية تشمل زيمبابوي وإثيوبيا والسنغال وغانا وجامبيا.

كما تباع أيضًا في أوروبا وكندا وأستراليا واليابان والولايات المتحدة للمستهل كين الذين يدفعون قسطًا من المال يساهم في خفض التكلفة على المشترين في البلدان النامية المستفيدة. جاء هذا المشروع انطلاقا من حقيقة أن هناك 1.1 مليار شخص حول العالم يفتقرون إلى الطاقة النظيفة والمستدامة وفقا للبنك الدولي.

ومساهمة منها في حل تلك المشكلة فقد باعت الشركة في خمسة أعوام حتى ديسمبر 2017 أكتر من 661 ألف مصباح شمسي، وذلك بمشاركة أكثر من 600 رائد أعمال محلي في أفريقيا، وقد أثر المشروع إيجابا على حياة أكثر من مليون و 600 ألف شخص محرومون من شبكات الكهرباء.

كما أسست الشركة مؤسسة غير ربحية Little Sun Foundation معنية بتوفير الضوء الشمسي لأطفال المدارس حول العالم وتوفير الأدوات والمعرفة التي تمكنهم من تشكيل مستقبل مستدام لأنفسهم وللكوكب، حيث يجعل برنامج التعليم حول الطاقة الشمسية الذي توفره المؤسسة الأطفال مدركين لحلول الطاقة الذكية ويمنحهم الأدوات اللازمة لتحقيق مستقبل أفضل لأنفسهم وللكوكب.

مما يمكن أن يترجم في تسريع السياسات الخضراء، وبحوث الاستدامة، والحلول التقنية المبتكرة لمشكلات مجتمعاتهم في المستقبل.

تحالف أطفال الطاقة الشمسية

ولتحقيق ذلك قامت المؤسسة بإنشاء تحالف أطفال الطاقة الشمسية بهدف المساهمة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة على مستويات مختلفة.

فإضافة لتوفير المصابيح الشمسية للأطفال وتوفير الضوء النظيف للدراسة بعد حلول الظلام.

يتم توفير برامج تعليمية تتماشى مع تعليم الأمم المتحدة من أجل التنمية المستدامة الذي يشجع الأطفال على أن يكونوا عناصر مسؤولة يتحملون التحديات ويطوروا التعاطف ويساهموا في خلق عالم أكثر استدامة.

تستند مواد ورش العمل التعليمية التي تقدمها المؤسسة في هذا المجال إلى طريقتين في التعلم: برنامج تعليم علمي نظري وسلسلة أنشطة عملية. وتتبع المؤسسة في ذلك نهجا متعدد التخصصات يجمع بين الفن والعلوم، كما تتوافق جميع الموضوعات المحددة في المنهج مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والتي تشمل الصحة والرفاهية والطاقة النظيفة والميسورة التكلفة.

وتقدم المؤسسة حالياً موادها التعليمية تلك باللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية، ويتم توجيه ورش العمل نحو فئات عمرية مختلفة تتراوح ما بين ثلاثة إلى اثني عشر عامًا، أي من مرحلة ما قبل المدرسة إلى المدرسة المتوسطة.

الخير في أعمال أولافور وفريدريك يجمع بين المشروع الاجتماعي الذي يستهدف الربح فيه تحقيق الاستدامة في المشروع، مع خلق الأهداف الاجتماعية المتمثلة في خلق وظائف وفرض عمل محلية، فضلا عن توفير منتجات بأسعار مناسبة لتوفير بديل لل كهرباء.

والمشروع غير الهادف للربح الذي يستهدف تعليم الأطفال في تلك المجتمعات المحرومة من تغطية شبكات الكهرباء. سواء بتوفير مصادر الإضاءة الشمسية لتلاميذ المدارس، أو بتعليمهم تعليما يخلق جيلا واعيا ومتمكنا في مجال الطاقة الشمسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى