مارك زوكربيرغ.. وما الدنيا إلاّ “فيسبوك كبير”!
مارك زوكربيرغ، مؤسس وصاحب “فيسبوك” موقع التواصل الاجتماعي الأول عالميا، واحد من أشهر الشخصيات في العالم الآن، وأكثرهم غرابة وإثارة للجدل. نجح “زوكربيرغ” منذ البداية في التغلب على الصعوبات التي واجهته على مدار أعوام طويلة، حيث بدأ الموقع في صورة شبكة صغيرة مغلقة للتواصل بين طلاب جامعة “هارفارد”، ليصير في غضون أعوام قليلة الموقع الأكثر عالمية على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” والذي يضم حاليًا أكثر من 1.5 مليار مستخدم على مستوى العالم.
ولد “زوكربيرغ” في 14 مايو “آيار” 1984م بمدينة نيويورك الأمريكية، لأسرة يهودية، وكان أبوه طبيب أسنان وأمه طبيبة نفسانية، وله ثلاثة أخوات هن “راندي ودونا وآريال”.
تطورت اهتمامات “مارك” بالكمبيوتر منذ طفولته المبكرة وخاصة وسائل الاتصال والألعاب، حيث قام عام 1996 وكان عمره وقتها 12 عاما بتطوير العديد من الألعاب والبرامج، كان أولها برنامج للتواصل سماه “زوكنت” نسبة إلى لقبه، وهو يعد بمثابة بذرة “فيس بوك” التي بدأت تتشكل في عقل الصبي النابه، حيث ابتكر آنذاك شبكة تواصل بـ”مقياس مصغر” كما وصفها فيما بعد، لمساعدة والده طبيب الأسنان في عمله، ولكي يوفر عليه عناء الصعود والنزول من عيادته في الطابق السفلي من المنزل إلى الطابق الأعلى، وكانت أسرته تستخدم هذه الشبكة في التواصل فيما بينها.
بدأ “مارك” هوايته التي تحولت إلى عمل في مجال المعلوماتية والبرمجة، عندما كان طالبا فى المرحلة الإعدادية بابتكار مشغل موسيقى يدعى “الوصلة العصبية” يستخدم الذكاء الاصطناعي لمعرفة عادات المستخدم في الاستماع. وحاولت شركة “مايكروسوفت” أن تشتري منه هذه الوصلة بمبلغ كبير، وأن توظفه لديها، لكنه رفض الصفقة والعمل، وفضل أن يتيح تحميلها للجميع مجانا.
وأثناء دراسته الثانوية، طوَر “مارك” وزميل له يدعى آدم ننجلو برنامجاً جديدا يعمل كميزة اضافية لمشغل الصوتيات “إم بي 3” المشهور باسم “وينام”، وبعد نشرهما للبرنامج مجانا على الانترنت فأثار الابتكار اهتمام كبرى الشركات الأمريكية العاملة في هذا المجال وعلى رأسها “مايكروسوفت” التي حاولت شراء حق تصنيعه تجاريا، لكن “مارك” وزميله رفضا هذا العرض أيضا.
وعندما لاحظ والد “مارك” شغف ابنه بالتكنولوجيا، جلب له أستاذ متخصصا في هذا المجال، كان يأتي مرة كل أسبوع لتعليم الصبي وتطوير موهبته. وقد صرح معلم “مارك” الخصوصي لأحد المحررين فيما بعد، أنه “كان من الصعب البقاء مع هذا الطفل العبقري وتعليمه، لكونه منذ طفولته كان سباقاً دائما إلى كل جديد”.
وفي عام 2002، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية، التحق “زوكربيرغ” بجامعة “هارفارد” الشهيرة، الجامعة رقم واحد في العالم، حيث طور برنامجا إلكترونيا تحت اسم “فيس ماش” لمساعدة الطلاب على اختيار صفوفهم الدراسية بناء على اختيارات وتوصيات من الطلبة السابقين في الجامعة.
وكانت وظيفة هذا البرنامج هو مقارنة صور الطلبة واتاحة التصويت لهم بناء على “جاذبية” صاحب أو صاحبة الصورة، وزادت شهرة “الفيس ماش” في الجامعة بصورة كبيرة إلى أن تم إلغاؤه نهائيا من قبل إدارة الجامعة لأسباب تأديبية!
وعمد الشاب بعد انتهاء دراسته الجامعية لتغيير اسم موقعه إلى “فيس بوك”، بمعنى “كتاب الوجوه”. وبدلا من أن يكون مخصصا للطلبة فقط، أتاح الدخول عليه لجميع الناس، ويقول “مارك” عن موقعه هذا إن “فيس بوك لم ينشئ في الأصل ليكون شركة، لقد وُجد لإنجاز مهمة اجتماعية وهي جعل العالم أكثر انفتاحا (…) لقد بدأت إطلاقه من غرفة نومي، واستأجرت السيرفر الخاص بالموقع مقابل 85 دولارًا شهريًا، وقمت بتمويل نفسي عن طريق وضع إعلانات على الموقع”.
وفي يونيو “حزيران” من عام 2004، تخرج “مارك” في الجامعة وقرر إنشاء شركته الخاصة في ولاية كاليفورنيا تحت نفس الاسم “فيس بوك”، وذلك بعد أن وصل عدد مستخدمي الموقع إلى مليون شخص، وأصبح يدر عائدا إعلانيا كافيا لأن يصبح شركة ذات طابع تجاري.
على الرغم مما فعله من انتهاك لخصوصية الجديد عبر شبكة فيس بوك، مارك زوكربيرج في النهاية يحب خصوصيته، مثل معظم كبار التقنيين الآخرين، هو أيضاً يتمتّع بالعيش في منازل عادية نسبيّاً في إحدى الضواحي العادية أيضاً – هو عادي بالنسبة لأولئك الذين يقطنون في وادي السيليكون! – إنّه في واحدٍ من أجمل الأحياء في بالو ألتو، حيث انتقل إلى هُناك منذ بضعِ سنوات مضت.
لنخمّن معاً، ما الذي فكّر فيه زوكربيرج عندما اكتشف أن واحداً من المنازل المجاورة له على وشك أن يتم هدمها، وسيتم بناء منزل آخر مكانه؟ حسناً، إذا كنتم تفكرون بقيامه لشراء جميع المنازل الموجودة حوله، أهنّئكم، أنتم على حقّ!
قرَّرَ زوكربيرج أنه بدلاً من أن يتعامل مع هذا الصَّخَب الذي سيدور حوله ولا يدري متى ينتهي، قال إنه سيقوم بشراء كافَّة المنازل الأربعة المُحِيطة به، وذكر أنه لا يُخطِّط لفعل أي مشاريع بها، بل سيقوم بتأجيرها إلى أصدقائه السابقين، لكنه سيكون بذلك حظي ببعضٍ من راحة البال.
زوكربيرج دفع مُقابل بيته 7 ملايين دولار، ولكنه سيدفع أكثر من 30 مليون دولار للأربعة الأخرى، وتم بيع واحداً منهم بالفعل له مُقابل 14 مليون دولار، إنه أغلى منزل في هذا الحي بالرغم من كونه لا يستحق كل ذلك المال، إلا أنه على ما يبدو أن زوكربيرج سعيداً بذلك.
وهو يقول عن نفسه “هناك أشخاص لديهم موهبة الإدارة، وهم الذين يستطيعون إدارة منظمة كبيرة، ثم هناك أناس لهم قدرات تحليلية أو رؤية استراتيجية، وأنا أضع نفسي في المعسكر الأخير”.
وعن أبرز المعوقات التي واجهته في تأسيس “فيس بوك” قال إنه حينما بدأ بالعمل، لم يكن في نيته تأسيس شركة، إلا أن ما دفعه للتفكير في الشركة، هو آراء المحيطين به. إذ إن الشركات التي يؤسسها أكثر من شخص واحد هي الأنجح، ولم يعتقد يوما أنه قادر على إدارة شركة كهذه لوحده.
وقبل بضعة أشهر قال مؤسس “فيسبوك” في مقابلة مع مجلة “فاست كامبني” الأمريكية، إن “موقع التواصل الاجتماعي الشهير سيصبح أكثر ذكاء من البشر.
وأضاف زوكربيرج: “في غضون من خمس إلى عشر سنوات يمكن للفيسبوك أن يتفوق على البشر عن طريق الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي”، وذلك وفقًا لما ذكره موقع “ديالي ميل” البريطاني.
ويسعى مؤسس فيسبوك إلى أن يصبح موقع التواصل الاجتماعي أفضل من البشر، من حيث الرؤية والسمع واللغة والإدراك العام من خلال الاستفادة من الكم الهائل من بيانات المستخدمين.