نابغون

راعي الغنم الذي بات يمتلك شركات في 14 بلداً.. محمد الطراد.. من البادية السورية إلى عاصمة النور

لم يستسلم الشباب السوري “محمد الطراد” فى شبابه للفقر؛ بل سعى في الأرض طلبا للرزق، وهاجر من موطنه “سوريا” إلى “فرنسا”، وهو يأمل فى أن يسطر قصة نجاح تلهم الملايين من شباب رواد الأعمال حول العالم. انتفض من قلب الفقر المدقع؛ ليصبح أحد أثرياء فرنسا، وقدوة للشباب في كل أنحاء العالم، بثروة قدرت بـ 2.6 مليار دولار، فكيف كانت قصة نجاحه؟

ولد “محمد الطراد” في سوريا عام 1948 في عوائل البدو الرحل بريف الرقة، ونشأ على يد جدته وهو ينحدر من أكبر العشائر في بلدته، ولم تكن لديه إمكانية الوصول إلى المدرسة والعمل. ومع ذلك اختار الدراسة فنجح في دراسته في الرقة، وهي أقرب مدينة، وحصل على شهادة الثانوية العامة. في فرنسا حصل على عدة درجات في الدكتوراه في علوم الكمبيوتر.

حافظ “الطراد” على حبه للعلم، بينما كانت جدته تريده أن يصبح راعيًا للأغنام. عاش حياة الراعي بدوية في صحراء الرقة؛ ما كان ملهمًا له؛ ما جعله يكتب عنه فيما بعد في رواية حملت عنوان “بدوي”، التي أصدرها عام 2002.

كان “الطراد” شغوفًا بالعلم؛ حيث اعتاد أن يمشي 10 كم يوميًا ليصل إلى المدرسة، كما حصد المركز الأول على مستوى الرِقة في الثانوية العامة، وحصل على منحة من حافظ الأسد؛ الرئيس السوري الراحل لدراسة الطيران العسكري في كييف.

يعتقد “الطراد” أنه عاش 3 آلاف عام، جراء الظروف التي مر بها، فيقول “بداية عشت في ظروف بدائية نشأت في بيئة رملية جافة والماء فيها نادر، كحال سيدنا ابراهيم، والآن أعيش في بيئة عصرية مليئة بالتكنولوجيا، فأشعر أني عشت 3 آلاف سنة مشواري يشكل معجزة”.

أول تجربة

يتحدث الطراد عن الشئ الوحيد الذي قدمه له والده فيقول “عاد والدي، واشترى دراجة نارية، عندما كنت مع جدتي، وأذكر أنها كانت حمراء اللون، كنت أفضل لو أنه اشترى لي أقلاماً، ولكن لا بأس، فقد استخدمت تلك الدراجة، وقمت بتأجيرها للأطفال، فتلك تعتبر أول تجربة في مجال الأعمال بالنسبة لي”.

كانت ظروف الطراد التعليمية غير مستقرة، إذ كانوا يتنقلون حسب حاجات الرعي وموسم المطر، وذلك حتى وصل إلى مرحلة الصف الثالث الابتدائي، ولكن لحسن الحظ انتقلت عائلته إلى الرقة، وهناك انتقل للعيش في منزل قريب له من العشيرة ذاتها، ليس لديه أولاد، فاستطاع البقاء عنده، وإكمال تعليمه حتى حصل على الشهادة الثانوية.

تم تكريم 12 طالباً تفوقوا في الثانوية، بسوريا، ومنهم الطراد، يقول “كنت الوحيد الذي أرتدي جلابية، نظراً لظروفي الصعبة، أردت السفر إلى كييف لأصبح طياراً، إلا أنه لم يتح لي ذلك، فقد كانت المناصب شاغرة، أتيحت أمامي ثلاثة فرص، إما أن أدرس في جامعة حلب لأصبح أستاذاً بعدها، أو أدرس الطب في القاهرة، أو أذهب إلى فرنسا، لأجد شيئاً ما أدرسه هناك”.

وعمل في وظائف هندسية في شركة “ألكاتل- لوسنت وتومسون”، ثم عمل لمدة 4 سنوات لشركة أدنوك (شركة بترول أبوظبي الوطنية). ثم أسس في فرنسا شركة مرتبطة بالتكنولوجيا, ثم اشترى في عام 1985 عدداً من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في السقالات.

يمتلك شركات في 14 بلداً ويتحدث ثماني لغات وحصل من فرنسا على وسام جوقة الشرف. ويمتلك أحد أشهر أندية الركبي في إيرلندا.

استثمارات عابرة للقارات

يرأس “الطراد” حالياً مجموعة شركات عابرة للقارات في ميدان السقالات، ويمتلك نادي لرياضة الركبي مونبليه ضمن شراكة في ملكيته. ونال محمد الطراد، الذي يرأس شركة صناعية مهمة في مونبلييه بجنوب فرنسا، الجائزة العالمية للمقاول لعام 2015، والتي تمنح من قبل ديوان “أو إيغريغ”، وهي أول مرة يحصل فيها فرنسي وعربي على هذه الجائزة المرموقة، كما مثَّل الطراد فرنسا في مسابقة شارك فيها 53 بلداً، وتنافس فيها أكبر المقاولين العالميين ورؤساء الشركات. يدير الطراد اليوم شركة للسقالات تحتل الريادة في الميدان أوروبيا، كما دخل الطراد عام 2015 في قائمة أثرياء العالم، الني تعدها مجلة “فوربس الأمريكية”.

عكف الطراد على الوصول إلى مرحلة الثراء، عن طريق استثمارات متنوعة وصلت إلى 14 دولة، تحت إدارة “مجموعة طراد”، بعدد شركات حول العالم بلغ 170 شركة، يعمل فيها أكثر من 17 ألف موظف. وخلال مسيرته المهنية، دخل قائمة أثرياء فرنسا؛ من خلال امتلاكه شركات واستثمارات ناجحة، شهدت نموًا اقتصاديًا متسارعًا، وبثبات واستقرار.

عشق الرياضة

كان للرياضة مكانة مميزة عند الطراد؛ إذ يمتلك أشهر أندية الركبي في إيرلندا. وفي عام 2015، أبدى رغبته في شراء نادي مرسيليا لكرة القدم، عندما كان معروضًا للبيع من قبل مالكته مارجريتا لوي – دريفوس.

حصل على عدة أوسمة؛ منها: وسام جوقة الشرف برتبة فارس، ونيشان جوقة الشرف برتبة ضابط.

تبلغ ثرو الطراد وفق أحدث إحصائيات عام 2020، حوالي 2.6 مليار دولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى