نابغون

تعرف على العالم المغربي عبد الجليل بوزوكار المرشح لعضوية اللجنة العلمية لمتحف الأنثروبولوجيا في موناكو

(هذا شرف كبير وفي نفس الوقت مسؤولية، والأهم من ذلك أنه التفاتة كبيرة إلى موقع المغرب في مجال البحث الأركيولوجي، والنتائج المتحصل عليها والمنشورة بدوريات عالمية، والخلاصات التي لا تهم فقط تاريخ المغرب، بل جزءا كبيرا من تاريخ البشرية جمعاء). بهذه الكلمات عبر العالم والباحث المغربي الكبير الدكتور “عبد الجليل بوزوكار”, الأستاذ بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالمملكة المغربية, وذلك بمناسبة ترشيحه لعضوية اللجنة العلمية الدولية لمتحف أنثروبولوجيا ما قبل التاريخ من قبل ألبير الثاني أمير موناكو؛ وقد جاء هذا الترشيح نظرا لإسهاماته العلمية في مجال “أركيولوجيا ما قبل التاريخ”.

وتقوم هذه اللجنة العلمية بدور استشاري بالدرجة الأولى، من خلال رفع توصيات تخص متحف أنثروبولوجيا ما قبل التاريخ الذي تم تأسيسه سنة 1902، ويطلب من أعضاء اللجنة إلقاء محاضرات بإمارة موناكو، والمشاركة في مؤتمرات تهم تاريخ الإنسان القديم، والقيام بنشر الأبحاث ضمن مجلة متخصصة يصدرها المتحف.

انطلق المسار الأكاديمي لعبد الجليل بوزوكار بعد تخرجه من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، في تخصص آثار ما قبل التاريخ، حيث حصل على منحة دراسية من الحكومة الفرنسية في إطار التعاون العلمي والتقني بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، وهو ما مكنه من متابعة الدراسة في جامعة بوردو1 للعلوم والتقنيات.

كما حصل على دبلوم الدراسات المعمقة في تخصص آثار ما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا الفيزيائية، وحصل بعد ذلك على الدكتوراه في جيولوجيا العصر الرباعي وآثار ما قبل التاريخ. والعصر الرباعي هو الفترة الأخيرة من العصور الجيولوجية التي بدأت قبل حوالي مليوني سنة.

وبعد التحاقه بهيئة التدريس والبحث في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، حصل على الدكتوراه الثانية في تخصص علم الآثار من جامعة لييج في بلجيكا.

يقول البروفسور عبد الجليل “منذ التحاقي بالمعهد أقوم بإدارة العديد من البرامج العلمية حول عدة مواقع أثرية، في إطار شراكة مع جامعات مغربية، مثل: جامعة محمد الخامس بالرباط، وجامعة محمد الأول بوجدة، وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وجامعة ابن زهر بأكادير؛ إضافة إلى جامعات غربية مثل: جامعة أكسفورد، ومتحف التاريخ الطبيعي ببريطانيا، وجامعتي أريزونا وهارفرد بالولايات المتحدة، ومعهد ماكس بلانك بألمانيا، وجامعة أيكس مارسيليا بفرنسا”.

ويضع بوزوكار الجيل الجديد من الباحثين الشباب ضمن أولى اهتماماته، حيث يشرف على أبحاث العديد من الطلبة، منهم 11 طالبا موزعين ما بين المغرب وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا.

يقول عبد الجليل “قمت مبكرا وبالضبط منذ 2011، بتأطير العديد من الطلبة داخل المغرب وخارجه، وتم ذلك بمقاربة تنبني أولا على التأطير النظري، وثانيا على الاشتغال بالميدان من خلال عمليات المسح الأثري أو التدريب على تقنيات التنقيب، وثالثا العمل داخل المختبر، ورابعا تعلم تقنيات الإلقاء خلال التظاهرات العلمية والترافع عن النظريات المنبثقة من الأبحاث، وأخيرا التدريب على التقنيات المختلفة لتحرير النتائج ونشرها في المجلات المحكمة داخل المغرب وخارجه”.

تأثير البروفيسور عبد الجليل بوزوكار يتعدى البعد العلمي والأكاديمي، ليصل إلى ما هو معنوي. فعلى المستوى العلمي يعتبر البروفيسور بوزوكار مدرسة علمية متكاملة الأركان، نظرا لتجربته الطويلة في البحث العلمي وغزارة منشوراته العلمية التي نشرت في مجلات علمية كبرى، بالإضافة إلى تدريسه بجامعات مرموقة، حتى أصبح من أهم أعمدة أركيولوجيا ما قبل التاريخ في أفريقيا والعالم. وهذا يجعل من البروفيسور مصدرَ إلهام كبير لي ولكل طلابه.

ويعتبر “بوزوكار” قدوة لتلاميذه في مجال البحث الأركيولوجي، لما حققه من مسار علمي جد مرموق، وجعل منه عالما ومرجعا رئيسيا في مجال البحث في آثار ما قبل التاريخ بأفريقيا. ولتأطيره العديد من البحوث الجامعية في مجال الآثار ما قبل التاريخ.

ووفقا لتلاميذه يمتاز “بوزوكار” بالصرامة والدقة العلمية، الشيء الذي يدفع الطلابة إلى تقديم كل مجهوداتهم وتطلعهم دائما للأفضل، سواء خلال تحضيرهم للبحوث الجامعية أو خلال العمل الميداني.

رصيد من الاكتشافات

وقد قاد عبد الجليل بوزوكار عدة فرق بحثية توصلت إلى كم هائل من الاكتشافات الأركيولوجية بالمغرب، وقام بنشر نتائج الأبحاث على شكل مقالات بمجلات محكمة وطنية ودولية، وتأليف كتب علمية، وإلقاء محاضرات داخل المغرب وخارجه.

وعن أهم هذه الاكتشافات العلمية التي أثرت في مساره العلمي، يقول البروفسور عبد الجليل للجزيرة نت “هي تلك الاكتشافات التي ساعدت في فهم جزء من تاريخ البشرية جمعاء، وأخص بالذكر تلك التي تمت في مغارتي الحمام بتافوغالت (شمال شرق المغرب) ومغارة بيزمون بالصويرة (ووسط غرب المغرب) حيث تم العثور على أقدم حلي استعملها الإنسان وعمرها 150 ألف سنة”.

ويضيف أن هناك “شواهد أخرى تهم مهارات الإنسان القديم في تعامله مع شجرة الأركان، وهو سلوك مذهل ليس فقط لقدمه (150 ألف سنة) ولكن لتوارثه لمدة تفوق 40 ألف سنة، ذلك أن الإنسان في تلك الفترة اتجه إلى الاستغلال الممنهج للأغصان الميتة دون غيرها من هذا النوع من الأشجار، بالإضافة إلى مهارات أخرى سنشرحها بتفصيل في دراسة في طور النشر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى