عبرات

من الإعاقة إلى الدعوة.. قصة إعاقة الداعية عبدالله بانعمة

عبدالله بانعمة هو داعية عربي مسلم من ذوي الاحتياجات الخاصة, سعودي الجنسية يبلغ من العمر 46 عاماً، كان يتمتّع في شبابه بصحة جيدة، ويمارس الرياضة بشكلٍ مستمر ويفضّل السباحة بشكلٍ خاص، وفي عام 1993 وهو في المرحلة الثانوية ذهب مع أصدقائه لممارسة السباحة، فقفز بطريقةٍ خاطئة مما تسبب في حدوث كسر في رقبته وبقائه تحت الماء لمدة 15 دقيقة، حتى أصيب بإعاقة دائمة.

في سنة 1993 كان كأي شاب وكله آمال كثيرة منها أن يكمل دراسته في أرض الحرمين ويتحصل بعدها على وظيفة طيبة ويتزوج ويكون عنده البنون هي كانت آمال وطموح عنديه وكان في صحة جيدة ويمارس الرياضة ومنها لعبة الكاراتيه ولعبة السلت في جدة وهي دفاعاً عن النفس، وكان مستعداً ان يضرب أربعة أشخاص ولم يعمل لهم حسابا، وصلت العافية الى أعلى درجة من الله عليه، وكان متميزاً في السباحة وهذه الرياضة مارسها كهواية وفي يوم من الأيام كان يحدثه والدي على سؤال يقول فيه، أنت تدخن السجائر يا عبد الله؟ قل له لا والله ما أدخن وأنا في واقع الأمر أدخن من خلفه.

يقول عبد الله: “وهذه يا إخوتي مصيبة عظيمة كنت أشوفها تافهة ومعظم الناس اليوم تشوفها تافهة وهو الحلف الكذب وأنا كذبت على والدي إني لا أدخن والحلف الكاذب قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم هو اليمين الغموس وأنا كذبت وحلفت أيضاً والله لا أدخن وكان الوقت يشير الى الواحدة بعد منتصف الليل وكان رد الوالد الله يبارك في عمره إن كنت يا عبد الله تدخن الله يكسر رقبتك وأيضا أني رفعت صوتي على والدي وذهبت لأنام وبعدها صحاني لصلاة الفجر لكني ما صليت ورجعت نمت وفي الصباح ذهبت إلى المدرسة وأنا متأمل ومتيقن أني سوف أعود إلى البيت وهناك هربت من المدرسة أثناء الدراسة ومعي بعض الشباب كان يوم الثلاثاء قبل الاختبار بـ 4 أيام وكنت أدرس في أول ثانوي وذهبنا إلى الشاليهات كنا نخطط بعد أن نقضي وقتاً لكي لا يعلم بأمرنا الأهل لكن قدرة الله فوق كل شيء حصل الحادث في المسبح عندما قمت بالقفز لكي أصل إلى مسافة أطول وأثناء القفز جاء جسمي على الرقبة وانكسرت رقبتي وبقيت تحت الماء ربع ساعة، وتحت الماء شاهدت شريط حياتي لحظة بلحظة ومنها صورة لامرأة عجوز أعطيها صدقة في وقت سابق وأشاهدها أمام عيني وهي ترفع يدها للدعاء وطلعوني من الماء جثة هامدة وقلبوني على بطني وانتقلت إلى المستشفى”.

يستطرد “والطب يقول إن الإنسان الصحيح إذا انقطع الأكسجين عن مخه أربع دقائق يموت دماغياً وست دقائق يموت كاملاً وأنا جلست تحت الماء ربع ساعة وفي المستشفى الأطباء قالوا ليس له علاج والحمد لله انه لم يمت لأن الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة تكسرت واختلف الأطباء البعض يقول نجري له العملية والبعض منهم يقول لا”.

وبعد 17 يوما جريت عملية لعبد الله ووجد الإطباء صديدا في الرقبة وأخبره الأطباء أنه لو جلس ثلاثة أيام ممكن أن يحدث له سرطان وجلس في المستشفى أربع سنوات وكانت فترة صعبة جداً وخلالها أجريت له قرابة 12 عملية ومنها ست عمليات في الرقبة وأقل عملية 11 ساعة ونقل أجزاء من أنحاء جسمه لتركيبها في الرقبة وأخذوا ثلثا من الرئة وجلس 9 أشهر لا يتكلم ولا يتنفس وفتحوا من خلالها فتحة في الحلق إلى الرئة لكي يتنفس بالأكسجين و9 أشهر يتنفس من هذه الفتحة والهواء يطلع منها.

يقول عبد الله “أتكلم 9 أشهر ومشلول رباعي كامل وركبوا لي شد حديد في رأسي وله مسماران من الجانبين في الرأس ودخلوا المفك حق الكهرباء وفي خيط وراء الرأس يزن 20 كيلو وعمله يسحب الرأس والأطباء يقولون هذا لمصلحتك حتى لا تلتفت لا يمين ولا يسار لكي لا يؤثر على النخاع الشوكي واستخدمت في أثناء إحدى العمليات لمدة 3 أشهر إبر سعر الإبرة 300 ريال سعودي واستخدمها يومياً صباحاً ومساءً وكنت أحسها تدخل مثل النار في بطني وأتألم منها كثيراً وفي إحدى المرات كانوا يدخلون أنبوبا من أنفي إلى البطن من أجل الأكل، وفي يوم من الأيام أدخلت الممرضة الأنبوب بقوة وتألمت من بطني وبعد ساعة نزفت دماً كثيراً وعملت عملية نسبتها 5% في المائة وأعطوني 39 قربة دم لأن النزيف كان حاداً جداً وعملوا 32 غرزة (خياطة) والحمد لله نجحت العملية وهناك نقلت من المستشفى إلى مستشفى آخر لإجراء عملية بكلفة نصف مليون ريال سعودي وبالفعل أجريت جميع الفحوصات وأدخلوني غرفة العمليات ولكن لم يعملوا العملية وعند استفساري للأطباء لماذا لم تعملوا العملية قالوا إن نسبة نجاحها 1% في المائة وما قدرنا نعملها ممكن أن تموت وطبياً لم يكن لحالتي أي علاج إلا العلاج الطبيعي فقط وظل وضعي مشلولا بعد 12 عملية جرت ونجاني الله من الموت وهذا أمر الله والحمد لله رب العالمين وكانت أمي جزاها الله خيراً تقول لي يا عبد الله عسى أن تكون كفارة لك”.

يستطرد عبد الله “معظم الناس في غفلة ولابد من الرجوع إلى الله في طاعته ولم أر في عمري تلك الواقعة مسمار يدخل في رأسي من اليمين إلى اليسار هذا عقاب الدنيا وكيف بعقاب الآخرة وأنا أربع مرات كنت أشاهد الموت والطب يقول إني ميت والحمد لله رب العالمين الذي نجاني”.

قناة المجد

يقول عبد الله “قناة المجد سخرها الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات لأن الله رأى الأمة في غفلة وغيبوبة دنيوية والله أحب أن يستخدمني لكي أوصل رسالة لهم وكان لها أثرها العظيم جداً”.

يضيف الداعية الشاب “اللقاء بقناة المجد حيث زارني الشيخ بندر المساعد إلى جدة وهو زميل وعرفني بالشيخ عبد المحسن أبو حسن من الرياض وسمع قصتي وصار يتكلم عني في المجالس عند بعض المشايخ ومن ضمن هؤلاء واحد اسمه إبراهيم الشينان، وزارني هو الآخر وسمع قصتي وكان في يوم من الأيام يتحدث إبراهيم عن قصتي في أحد المساجد وكان حاضراً في حينها الشيخ إبراهيم الطلحة، وسمع بقصتي هو الآخر وقال لازم نعطيها الشيخ الرائد سامي الحمود، معد برنامج الجانب المظلم في قناة المجد وبالفعل وبعد التواصل المستمر بين الشيخ إبراهيم الطلحة والرائد سامي الحمود، معد البرنامج مع أني لم أعرف الشيخ إبراهيم الطلحة، إلا انه حريص كل الحرص على نقل قصتي عبر الرائد سامي الحمود في قناة المجد لإيصالها للناس لتكون عبرة وموعظة وبعد ذلك جاني معد البرنامج الرائد سامي الحمود إلى بيتي وجلس معي وتكلمت وقال سوف أروح إلى الرياض وأرد عليك”.

يضيف “وفي أحد الأيام وأنا نازل مع بعض الإخوة من أصحاب الدعوة إلى تبوك ثم المدينة المنورة ألقي بعض المحاضرات اتصل بي الرائد سامي الحمود صاحب برنامج الجانب المظلم وقال سوف أصلك لكي نسجل معك البرنامج وبعد الموعد كان في يوم الأربعاء 17 رجب وسبحان الله كان متميزاً وكان من أفضل اللقاءات في المجد ووجد له أثر عظيم عند الناس من أنحاء العالم جاءت امرأة تسأل عن أمي ومعها أولاد صغار في السن وكانت أمي غير موجودة في البيت وقلت لضيوف كانوا عندي ردوا على المرأة أمي غير موجودة وردت عليهم المرأة باللغة الفرنسية وقال الإخوة الضيوف إن المرأة تتحدث باللغة الفرنسية يا عبد الله وعايزة تتحدث إليك ودخلت إلى المجلس وعندما شاهدتني بكت وقالت هؤلاء أولادي وأنا فرنسية الأصل كنت مسيحية وأسلمت وتزوجت من سعودي وأهلي يحاربوني لكي أرجع إلى النصرانية وهربت وأنا أعيش مع زوجي في السعودية وأنا شاهدتك في فرنسا على قناة المجد والأولاد أيضا شاهدوك وعند سؤالي عنك في السعودية جينا نزورك والأولاد يحبون ان يسلموا عليك، وعندما كنت في الحرم كان كثير من الأجناس الأوروبية سألوا عني والتقيت بهم وهذا يرجع إلى ظهوري في قناة المجد وجزى الله خير الجزاء المشايخ الرائد سامي حمود معد برنامج الجانب المظلم وإبراهيم الطلحة وإبراهيم الـشينان وبندر المساعد وعبد المحسن حسين”.

بداية مجال الدعوة

البداية كانت بعدما أكرمني الله بعمر ثان وهذه نعمة من الله والله يريد منك شكر النعمة، وكان يزوروني بعض الإخوة الدعاة ويذكروني بالله وبالطبع كل إنسان في غفلة وجزاهم الله خيراً وأسأل الله أن يوفقني في مجال الدعوة.

مواقف فى حياتي

هناك الكثير من المواقف المضحكة والظريفة والمحرجة التى حكاها الداعية الشاب فعلى سبيل المثال “قبل ثمان سنوات كنت في الحرم المكي بعد سبع سنوات لم أر الناس فيها وكنت خائفاً أن الله منعني أن أزور الحرم المكي بعد هذه الفترة لكن والحمد لله بلغني ربي إن أزور الحرم المكي بعد هذه المدة وقال لي بعض المشايخ ألبس ثوب الإحرام وبالفعل لبسته وظهرت الأرجل وأطرافي التي لا أحسد عليها وكان صديقي يقودني وأول ما دخلت الحرم أعطتني امرأة خمسمائة ريال سعودي ورفضتها وبعد إلحاحها قلت لها يا أمي أنا لست محتاجاً وجزاك الله خيراً لكن صديقي زعلان عندما رفضت أن آخذ الفلوس وبعد الطواف والسعي وخلصنا العمرة ونحن خارجين من باب آخر قال صديقي نسيت الحذاء حقي في الباب الأول وقلت له المكان زحمة وأنا سوف أجلس لك هنا وقلت له اذهب وهات حذاءك واستغليت وقت الفراغ وقمت أصلي وكنت أصلي والناس خارجه ترمي لي فلوس عند الأرجل وجاء صديقي حصل الفلوس فوق رجولي وبطني وقال لي يا أبله رفضت من المرأة (500) ريال وتأخذ هذه الريالات”.

شعور الأسرة بعد الإعاقة

والدي الله يعطيه العافية تأثر تأثراً عجيباً بعد سماعه بالخبر ووقف معي وقفة جادة ووالدي عندما دعا عليّ ما كان قصده لكن هذا قضاء الله وقدره ومكتوب علينا جميعاً.

أمنية

يقول الداعية الشاب “عندي أماني بل هناك حسرات والأمنية تتمنى أشياء ليست عندك لكن الحسرة تتمنى أشياء كانت عندك وفقدتها وهناك ثلاثة أشياء:

أتمنى أن أسجد لله سجدة وكثير من الناس أصحاء تاركو الصلاة وهذه مصيبة عظيمة

والثانية أقلب ورقة المصحف والحمد لله تحققت الأمنية على جهاز اللاب توب حين أقلب المصحف بالكلام على الجهاز وما قصروا أهل الخير بصنع هذا الابتكار المخصص لي وأنا أتصفح بكل يسر وسرور وأتمنى ألا تزول هذه النعمة العظيمة.

والثالثة أتمنى أن أضم أمي في الأعياد والمناسبات وغيرها وأنا مش قادر وكثير من الناس مقصرين مع والديهم وفي يوم من الأيام طرقت امرأة على باب منزلي وأنا مشغول وبلغوني كلام المرأة إن عبد الله بانعمة مش قادر يحتضن أمه نظرا للإعاقة أما أنا (أي المرأة) إن أولادها أصحاء ورافضين أن يحضنوها، انتبهوا يا إخواني لا تتولوا النعم إن الله سوف يستبدلها وتكون عليكم حسرة انتبهوا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى