عبرات

الشاب الفلسطيني “ناجي الناجي”.. يهزم إعاقته ويتحول إلى رمز لإلهام الشباب

سنة 2007 فقد الشاب الفلسطيني ” ناجي الناجي” إحدى قدميه نتيجة انفجارٍ جسمٍ مشبوه، طار للأعلى ثم سقط، حاول الوقوف والفرار من ذلك الجحيم، لكنه لم يُفلِح، لقد سقط من جديد. تساءل ناجي: “رباه هل أنا في كابوس أم تلك حقيقة؟” وسط دمائه النازفة الذي لم يفلح فيها كيس النايلون الذي لفّه على ركبته في إيقافها، فجاءت صرخة أمّه باليقين..”ناجي.. ناجي.. حبيبي يمّا.. إسعاف.. الحقوني..” صرخات والدتُه، كانت كافية لانهيار ناجي، ليس لحال رِجلِه الصعب إنما لحال والدته.

يستيقظ ناجي الذي نال نصيباً كبيراً من اسمِه، يقود دراجته الهوائية، يتنسم عبير الصباح بحب يقول” “الإعاقة مصدر قوتي وطاقتي، وهي من صنعت نقلة نوعية في حياتي”.

“ناجي الناجي” -29 عاما- شاب من قطاع غزّة، لم يترك تلك الحادثة تؤثر سلباً على شخصيته فتسير بمستقبله نحو القاع، إنما صار ملهما للكثير ممن حوله باعثاً بالطاقة الإيجابية في نفوس.

دارت في مخيلته مشاعر أمه الأليمة وصدمتها العميقة، فهو حبيبها وصديقها، كبّرته ورعته بحَبّات عيونها واهتمت به أيّما اهتمام، لتراه يقف أمامها صلباً قوياً، وها هي تراه في بركة دم بلا حراك.

كان حظ ناجي في غاية السوء حين وضعوه في الإسعاف،، فأحد المسعفين أو ربما هو متطوع أو مواطن عادي، (لا يعلم ناجي من)، قال له بانفعال:” تشهّد.. تشهّد”.

يعلق ناجي قائلاً: “لا أدري كيف كان يفكر ذلك الرجل ليطلب من طفل بعمر الخامسة عشر أن ينطق بالشهادتين وهو مصاب في ساقه”!

لم يرقد ناجي كثيرًا في المستشفى قبل أن يبتروا طرفه من فوق الركبة بقليل، وكّل أمره لله رغم حزنه، وقد طمأنه الأطباء أن البتر من فوق الركبة بقليل أفضل كثيرًا من البتر بعيدا عن الركبة.

يعلق ناجي: “صحيح أنني لم أكن أعرف سبب الأفضلية، لكنني اطمأننت قليلا”.

لكن الالتهاب أصاب منطقة البتر، ولم يكن من سبيل أمام الأطباء سوى بتر جزء آخر من ساق ناجي، فاستسلم للأمر والألم يملأ قلبه، فما طمأنه به الأطباء انتهى”.

دور الأهل

دور أسرة ناجي في تطبيب روحه كان عظيما وما وصل إليه اليوم من إيجابية لم يكن لولا موقف والديه وإخوته، فهم رغم شعورهم بالأسف الشديد إلا أنهم لم يشفقوا على ناجي، لم يتعاطفوا معه بدرجة مبالغ بها فيُضعفونه، تركونه يتدبّر الكثير من أمره بنفسه، أخبروه بأنه قادر، وقادر وقادر، وأنه لم يفقد الكثير بفقدان ساقه.

حملوا ناجي المسئولية بدرجة معقولة متوازنة فكسر حاجز الضعف والإعاقة، استدعوا شابا مبتور الساق وقد ركّب طرفا صناعيا ويعيش حياة طبيعية كي يدعمه نفسيا ويوضح له بعض الأمور حتى أصبح فيما بعد من أقرب الأصدقاء له. يقول ناجي:” أنا لم أكن أعرف ما هو الطرف الصناعي أصلا، إلى أن جاءني هذا الشاب”.

ركَّب طرفاً صناعياً بعد تحويله إلى (الأراضي المحتلة) وتعلم المشي هناك في فترةٍ وجيزة، لقد أبهر الأطباء بقدرته على التحدي ورغبته في العودة للحياة الطبيعية والعودة للمشي.

بات ناجي مُلهِما للكثيرين، إذا ما سمع أحدا تعرض للبتر يذهب إليه على الفور، ليملأه بالطاقة الإيجابية، ينوه:” إنها نقطة مهمة في حياة من بترت طرفه، كنت أرى الفرق واضحا ما قبل مجيئي إليه وما بعده، وأمام هذا التغيير أشعر بأن ذلك العمل بات واجبي”.

ويؤكد على عظيم دور أهله في تخطيه لليأس والإحباط، فهو الممتن لهم على دعمهم وقدرتهم على احتوائه بطريقة فعالة.

درس ناجي المرحلة الثانوية، ثم درس الجامعة تخصص كلية “تكنولوجيا المعلومات وشبكات حاسوب”، ومن بعدها واصل دراسة تخصص جديد “اتصالات ودعم فني”، ثم إدارة الأعمال”.

شارك في ألعاب القوى، وشكل فريقاً لكرة قدم بالعكازات وكان أول لاعب فيه وتكوّن بهم “فريق الأبطال”.

ابتُعث ناجي إلى فرنسا مع مجموعة وكان متحدثا باسم الفريق، شارك في العديد من الأنشطة المجتمعية، يوعي الناس لحقوقهم وواجباتهم ويدافع عن الأشخاص ذوي الإعاقة لكن بطريقة حقوقية وليس إنسانية وفق قوله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى