حماية ورعاية

دراسة أُجريت في “جامعة القاهرة”: مدمن المخدرات أكثر مخاطرة ونفوراً وغموضاً

كشفت دراسة أكاديمية عن الادمان عن أهم الفروق بين متعاطي المخدرات وغير المتعاطين في بعض الخصال المعرفية في القدرات الإبداعية مثل الأصالة، والطلاقة، والمرونة، والحساسية للمشكلات، والخصال الوجدانية، مثل الدافعية في المخاطرة المحسوبة، في مقابل المخاطرة غير المحسوبة، والمجاراة الاجتماعية في مقابل الاستقلال، وحب الاستطلاع.

وطرحت مقدمة الدراسة الباحثة المصرية وفاء متولي عددا من التساؤلات في هذا الصدد، أولها: كيف يكون مستوى القدرات الإبداعية في المراحل المبكرة للتعاطي والبدايات الأولى له؟ وهل يبدأ المتعاطي بقدرات إبداعية مرتفعة ونتيجة لمختلف العوامل الاجتماعية المصاحبة لعملية التعاطي يفشل في توظيف هذه القدرات ايجابيا، أم أن الفرد في المراحل الأولى للتعاطي تكون قدراته الإبداعية منخفضة وهو ما يجعله يفشل في حل مشكلاته، وبالتالي تتأثر عوامل التوافق النفسي والاجتماعي لديه ويكون التعاطي هو أحد مظاهر سوء التوافق.

وتطرح الدراسة سؤالا آخر يتعلق بمدى اختلاف الخصال المعرفية والوجدانية لدى المتعاطين باختلاف مستوى التورط في خبرة التعاطي، بمعنى هل يوجد فروق بين المتعاطين على سبيل التجريب والمتعاطين على فترات متقطعة – بوصفها البدايات الأولى لخبرة التعاطي- في خصالهم المعرفية والوجدانية وغيرها، أم لا؟

وذكرت الدراسة أن هناك محاولات بحثية عديدة جرت بهدف الكشف عن بعض السمات والحالات الوجدانية والقدرات المعرفية، التي ترتبط من ناحية بإقدام الشخص على خبرة التعاطي ومن ناحية أخرى بالخبرة الإبداعية، وكشفت هذه المحاولات عن انتشار التعاطي لدى الممارسين للنشاطات الإبداعية بنسب تفوق نسبها لدى غير الممارسين لها.

وحسب الدراسة فإن هناك محاولات عديدة ظهرت من قبل باحثي ظاهرة التعاطي، هدفت إلى استخدام الممارسات والنشاطات الفنية في علاج المتعاطين على أساس استبدال النشاطات الفنية بتعاطيهم للعقاقير والكحوليات، لإحداث الأثر الوجداني نفسه الذي تخلفه خبرة التعاطي.

وظهرت محاولات هدفت إلى معرفة أوجه الشبه بين العمليات الوجدانية التي يمر بها كل من المبدع والمتعاطي، أشارت إلى وجود بعض صور التشابه بين حالة المتعاطي وهو تحت تأثير المخدر، وحالة المبدع وهو في لحظات التذوق الجمالي للمثيرات، كان من بينها الشعور بالنشوة والسرور والتفاؤل والأمل ونسيان الهموم والمشكلات.

دراسة أُجريت في "جامعة القاهرة": مدمن المخدرات أكثر مخاطرة ونفوراً وغموضاً
دراسة أُجريت في “جامعة القاهرة”: مدمن المخدرات أكثر مخاطرة ونفوراً وغموضاً

“التعاطي التجريبي”

سعت الدراسة إلى التحقق من بعض الفروض وهي:

أولا: يكشف غير المتعاطين عن أداء أفضل بصورة دالة على اختبارات القدرات الإبداعية، التي تقيس الطلاقة الفكرية والأصالة والمرونة التلقائية والحساسية للمشكلات، وذلك مقارنة بأداء عينة المتعاطين، كما يفترض أن يكون المتعاطون أكثر مخاطرة وأكثر نفورا من المواقف الغامضة، وأكثر مجاراة للآخرين وهم مدفوعون لاستكشاف المثيرات الضارة، وذلك إذا ما قورنوا بغير المتعاطين.

ثانيا: يكشف المتعاطون المجربون عن أداء أفضل على اختبارات القدرات الإبداعية بصورة دالة، وذلك مقارنة بأداء عينة المتعاطين المناسبة عليها، ويكشف المتعاطون عن مستوى أعلى في السمات الوجدانية، فيفترض أن يكونوا أكثر مخاطرة وهم مدفوعون لاستكشاف المثيرات الانحرافية أكثر من المتعاطين المجربين، وذلك إذا ما قورنوا بغير المتعاطين.

وتتعرض الدراسة لعدد من المفاهيم، منها “التعاطي التجريبي” والذي يعرف بأنه عملية تعاطي المواد النفسية في أول عهد التعاطي بها، وهو بعد في مرحلة تجريبها لاستكشاف أحواله معها.

ومفهوم التعاطي على فترات متقطعة، والذي يشير إلى مرحلة متقدمة عن مرحلة التعاطي التجريبي في ارتباط المتعاطي بالتعاطي، ويُعرّف إجرائيا بأنه “عملية تعاطي المواد النفسية كلما حانت مناسبة اجتماعية تدعو إلى ذلك”.

وتعرضت الباحثة لمفاهيم القدرات الإبداعية، والمخاطرة غير المحسوبة، والنفور من الغموض، والمجاراة الاجتماعية، ودافع حب الاستطلاع تجاه الموضوعات ذات الطابع الانحرافي.

وخلصت الدراسة إلى أن ارتفاع مستوى بعض القدرات الإبداعية لدى المتعاطين، يوحي بإمكان وجود جوانب إيجابية في شخصية المتعاطين يجب استثمارها عند تصميم برامج موجهة للعلاج من التعاطي، وإمكان تنمية بقية القدرات الإبداعية التي يفتقدها المتعاطون، كالأصالة التي تعتبر الوظيفة الحقيقية أو جوهر الإبداع.

وتؤكد الدراسة أن ارتفاع سمات شخصية بعينها لدى المتعاطين، كالمخاطرة غير المحسوبة وحب الاستطلاع، يعكس اتسامهم ببناء نفسي خاص مهيأ للإقدام على التعاطي.

وتثير نتائج الدراسة قضايا أخرى، يمكن أن تمثل مشروعات علمية مستقبلية تسد الفجوة القائمة في دراسة هذا الموضوع، وذلك من قبيل إمكان دراسة متغيرات إبداعية أخرى على مستوى المرونة التكيفية لدى المتعاطي، والتي تحتاج إلى تعديل مقصود وليس تعديلا تلقائيا في السلوك ليتفق مع الحل السليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى