مقالات

كفيف البصر وظاهرة الاغتراب الذاتي

تعتبر المعالجة الأسرية لظاهرة الاغتراب الذاتي والاجتماعي التى يعاني منها الكفيف؛ من أهم واجبات أسرة الكفيف, وذلك بتعديل أساليب التربية والتنشئة الاجتماعية في المجتمع لكفيف البصر. والسعي الحقيقي لكفيف البصر هو تحقيق المعنى الإيجابي في الحياة؛ فهو لا يسعى فقط ليشبع غرائزه أو لتهيئة أفضل الظروف الاجتماعية ليعيشها؛ لأن هذا وحده لا تسعده ولا ترضيه؛ ولكن يهتم أساسًا بأن يكون ثمة معنى ومغزى لحياته, وهدف, وقيمة يتوجه إليها في ضوء هذا المعنى وتلك القيمة؛ لكي يتمتع بجودة حياة عالية بكل ما تحمله هذه الحياة الصعبة التى يعيشها من كد وتعب ومعاناة, وتصبح مستحقة أن تُعاش.

الاغتراب الذاتي

يجاهد كفيف البصر نفسه من أجل تبنى أو أن يجد معنى إيجابي في الحياة لديه؛ ولان هذا أحد المتغيرات النفسية التى يسعى لتحقيقها وأن الظروف التى يمر بها الكفيف في ضوء إعاقته البصرية أدت إلى ظهور ما يسمى لديه بفقدان المعنى (الاغتراب الذاتي) أو الفراغ الوجودي أو إصابته بعصاب العصر (القرن21), والذي يحتوي على خيط من مشاعر الخواء والفراغ والملل والعجز واللاجدوى التى تنتاب كفيف البصر فى هذا العصر.

الفراغ الوجداني

وكفيف البصر إذا فقد المعنى في حياته فإنه يفقد معه الإحساس بالهدف من حياته أي لا جودة فى الحياة التى يعيشها؛ لأن وجوده يكون في معنى وجوده, وان كفيف البصر الذي يفقد المعنى في الحياة, أي يفقد جودة الحياة التى يعيشها كما قال فرانكل: يعيش حالة (الفراغ الوجودي) بلغة الفلسفة, وهي حالة نفسية تعادل (الاغتراب الذاتي) بلغة علم النفس, وهي حالة تصدر من الكفيف تتضمن الملل والسخط من العيش في الحياة أى لا معنى لها وعليها يفقد الكفيف جودة حياته؛ من ثم تفقد الحياة دلالتها وقيمتها عنده لان وجوده يكمن في معنى وجوده رغم إصابته بالعمى.

يزداد فقد الهدف في الحياة؛ ويترتب عليها عدم الجودة لدى كفيف البصر؛ وخاصة فى مرحلة المراهقة؛ نظراً لشعوره بفقدان البصر بمنافسة أقرانه العاديين المبصرين, ويترتب على ذلك تخوف وقلق تجاه مستقبله الاسري والمهنى؛ حيث يصاب بقلق المستقبل فينسحب من المشاركات الاجتماعية؛ نظرا لإعاقته البصرية؛ فيبدو متشائماً غير متفائل بما هو قائم.

المشاركة الوجدانية

إذا أدرك كفيف البصر في مرحلة المراهقة أن اتجاهات المبصرين نحوه إيجابية زادت قيمته وقدرته على التوافق النفسي والتكيف الاجتماعي, ويساهم ذلك فى جودة الحياة لدى كفيف البصر, ويذكر (مايكل أ جايل) أن معظم الدراسات النفسية فى مجال الانفعالات السلبية لدى كفيف البصر تجعله يشعر بالتعاسة والرغبة, أما إذا أردنا ان نجعل كفيف البصر يشعر بالسعادة لابد أن تكون الانفعالات التي يشعر بها مرحلة انفعالات سارة مثل الهناء الشخصي, والسرور, والبهجة, والمحبة, والتقبل, والمشاركة الوجدانية لكل ما يفعله في البيئة.

علم النفس الإيجابي

وقد حظيت الجوانب الإيجابية لشخصية كفيف البصر باهتمام علم النفس الإيجابي والذي ظهر فى نهاية التسعينات من القرن (20) على يد (مارتن سليجمان)؛ حيث أشار إلى ان كفيف البصر يحمل بداخله القوة والضعف, وبهما ومنهما تتحدد جودة حياة كفيف البصر, وان لديه استراتيجية لقوى فعالة ومؤثرة فى مواجهة الإصابة بكف البصر لديه.

استراتيجية غرس الأمل

كما تؤدي هذه الاستراتيجية إلى جعل كفيف البصر قويا من أجل معايشة المواقف السلبية التى تواجهه والأمراض النفسية الناتجة عن كف البصر لديه, ونقله إلى مرحلة جديدة ومنهج جديد هو تنمية السمات النفسية الإيجابية في شخصية كفيف البصر, وتنمية القوى الإجابية لديه على مدى الحياة من أجل جودة الحياة. وتجعله صانعاً للقرار وفى حالة سيادة وإجادة واتقان وفاعلية لتحسين معنى الحياة وجودتها لدى كفيف البصر عن طريق بعض الاستراتيجيات من علم النفس الغيجابي (مثل استراتيجية غرس الأمل) واستراتيجية بناء القوى الحاجزة التى تعمل كحائط ضد تعرض كفيف البصر لبعض الاضطرابات النفسية والعلقلية, ومن هذه القوى استراتيجية العلاج النفسي الإيجابي: التفؤل, الأمل, التفكير الغيجابي, الذكاء الوجداني والاجتماعي, الكفاءة الذاتية لدى كفيف البصر.

د. خالد المنجم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى