الأقوياء

“روشتة تربوية” لتصحيح النظرة الخاطئة لمتحدي الإعاقة

يرى متخصصون تربويون أن بعض حالات “التوحد” و”متلازمة داون” تتمتع بذكاء شديد فى بعض الجوانب، رغم أنها قد تعاني اضطراباً فى التواصل الاجتماعي أو السلوكي، الأمر الذي يتم علاجه بطرق مختلفة، مشيرين إلى أن الإهمال الأسري للأطفال من هاتيّن الفئتيّن، يأخذ أشكالاً جديدة حاليا، خصوصا في دول الخليج العربي، تتمثل فى تركهم للخادمات والمربيات، أو إظهار الغضب الدائم منهم أثناء وجودهم!

وهو الأمر يعتبر من أبرز الدلائل على نقص الوعي بقدرات ذوي الإعاقة، الذين يمتلك كثير منهم طاقة كبيرة وقدرة على الإبداع والإنجاز، وليس أدل على ذلك من المنجزات التى تحققت على أيدي الموهوبين والنابغين تعليمياً، والمتميزين فى مجالات الرياضة والعلوم والثقافة والابتكار.

كيف نتعامل مع المعاق؟

تقول الدكتورة سمر فايز، الطبيبة المتخصصة فى مجال الاحتياجات الخاصة، “إن لتكاتف الجهود تكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة ومؤسسات الدولة الراعية، بالغ الأثر فى تعديل سلوك هذه الفئة وإدماجها بشكل طبيعي فى المجتمع، للاستفادة من قدراتهم المختلفة، فبعضهم استطاع النجاح حتى الالتحاق بالجامعة، ولكن مجتمعاتنا – مع الأسف- لا تعطي مثل هؤلاء الاطفال حقوقهم، بل البعض مع الاسف يتجنب الاحتكاك معهم”.

تضيف د. سمر “إن على الأسرة أن تكون أكثر إيجابية مع المدرسة لتوفير البيئة نفسها التى اعتادها الطفل داخل المنزل، مع الحفاظ على اتباع الاستراتيجيات نفسها المتبعة مع الطفل فى المدرسة حيث إن بعض الأطفال يعودون إلى المدرسة بعد الإجازة الصيفية، فاقدين لجميع المهارات التى تعلموها خلال العام الدراسي، نتيجة عدم متابعة الوالدين تعليمات المدرسة”.

من جانبها، تقول اليسار بدران، مدرسة الاحتياجات الخاصة، “إن الهدف الأساسي من تعليم ذوي الإعاقة، هو الوصول بهم إلى درجة مقبولة من التكيف فى المجتمع والاعتماد على الذات والاستقلالية فى كل المهارات الحياتية، ومن بعدها تنمية مهاراتهم الاكاديمية والإدراكية والاجتماعية ليصبحوا جزءًا فعالاً فى المجتمع، وليكونوا أشخاصاً قادرين على الاندماج فى كل المجالات والميادين الاجتماعية والعملية التى تتناسب مع قدراتهم”.

وتضيف: “والمطلب الأساسي فى المدرسة يتمثل فى تأمين بيئة مكانية صحية ومهيأة بكل وسائل السلامة، من حيث الحركة والمصاعد الكهربائية والكراسي المتحركة، بالإضافة إلى الاستعانة بكادر تعليمي لديه خبرة وكفاءة علمية، وتوفير تخصصات معينة كعلم النفس وعلم الاجتماع، وهذا إلى جانب الخدمات العلاجية المساندة كعلاج النطق والتخاطب والعلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي”.

لا يأس مع الإعاقة

وفى إطار تكامل الأدوار، ترى اليسار بدران أن “ثمة ضرورة لوضع برامج إعلامية لإزالة الافكار السلبية العالقة فى المجتمع تجاه تلك الفئة، وتسهيل كل الوسائل، لكي يشاركوا فى العمل الطبيعي كأي فرد، بالإضافة إلى تلبية حقوقهم من رعاية صحية ونفسية واجتماعية واقتصادية”.

وتؤكد اليسار أن “تعامل الأسرة التى لديها طفل معاق لابد أن يكون يوماً بيوم، من دون النظر أو التخطيط للغد، مع الحفاظ على الروتين اليومي من دون تأثير بوجود هذا الطفل، وتجنب الشعور باليأس والاعتماد على مصادر إيجابية، والمشاركة من خلال تبادل الحديث عن الهموم والمشكلات مع أفراد الاسرة أو أسرة أخرى، ثم البحث عن المزيد من المعلومات فى المؤسسات الخاصة برعاية المعاقين، وأخيراً الحفاظ على النظرة الايجابية.

كما أن تشجيع الأسرة الدائم للابن المعاق أفضل علاج، فمن الاهمية بمكان حث الطفل على الإبداع واستغلال حواسه السليمة والإيمان بقدراته، وتقليل المسافات بين الآباء والأبناء المعاقين، ومشاركتهم، وعدم تركهم لرعاية الخدم، وعدم السخرية منهم، والاستماع إليهم”.

ومن جهته، يشدد الباحث الاجتماعي زوزان صالح اليوسفي، “على ضرورة التفاعل اليومي بين الطفل وأمه من أحضان وقُبلات؛ فالأم – كما نعرف – هي نبع الحياة والمحبة والحنان، وأسلوب الأم في التحدث مع طفلها والتعامل معه هام للغاية ومفيدٌ في عملية التعليم، إذًا فالمسؤولية الكبرى في هذا التعليم تقع بالدرجة الأولى على عاتق الأم، ثم أفراد الأسرة”.

يتابع اليوسفي: “وكما نعرف جميعنا أن الأم بالنسبة للطفل هي كتلة من المحبة والحنان، وحضن الراحة والأمان، فكيف بها إذا كان لديها طفل معاق؟ لابد لها أن تضاعف من هذا الحب والحنان مرات عدة، ولكن دون المبالغة والإسراف في الاهتمام، ودون أن تهمل رعايتها ومحبتها لأطفالها الطبيعيين؛ لأن عكس ذلك سيولد لدى الطفل الطبيعي الحقدَ والغَيرة، وربما تأتي من خلال ذلك نتائج سلبية لكلا الطَّرَفين من الإخوة”.

إن البيئة المحيطة بالطفل مليئة بمثيراتٍ يمكن للطفل التفاعل معها والتعامل معها، ولو أعطي التعليمات الكافية، إذًا على الأم مساعدة الطفل على أداء الأشياء، وإعطائه الوقت الكافي ليقوم بها بنفسه، فيساعده ذلك فيما بعدُ على اتخاذ قرارته، وعلى الفهمِ، وليس على التقليد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى